يخلد المغرب غدا السبت، على غرار باقي بلدان المعمور، اليوم العالمي لمكافحة المخدرات الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1987 في إطار جهودها الرامية إلى تحقيق مجتمع دولي خال من المخدرات. ويشكل هذا اليوم مناسبة لاستحضار الجهود التي ما فتئ يقوم بها المغرب في مجال مكافحة المخدرات والقضاء على أسباب وجودها من خلال تعبئة كافة الموارد البشرية والمالية واعتماد استراتيجية متعددة المداخل تقوم على تحقيق التنمية البديلة في المناطق التي تنتشر فيها زراعة هذه المادة وكذا تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال. - مقاربة شمولية ومندمجة لمكافحة المخدرات وخلق تنمية بديلة - اعتمد المغرب سنة 2004 الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات وهي مقاربة شمولية ومندمجة لمكافحة المخدرات وخلق تنمية بديلة. وتروم هذه الاستراتيجية بالأساس تشديد الخناق على شبكات تهريب المخدرات من خلال تعبئة جميع الفاعلين وتعزيز التعاون الدولي، وتوظيف التكنولوجيات الحديثة على مستوى مراقبة النقط الحدودية. وفي هذا السياق، تم تزويد ميناء الدارالبيضاء بجهاز (سكانير)، في أفق توسيع نطاق التعزيزات اللوجستيكة لتشمل مجموع موانئ ومطارات المملكة. وقد أعطت هذه الاستراتيجية ثمارها، إذ تم إتلاف 7000 هكتار من المساحات المزروعة من هذه المادة في ثلاثة أقاليم (تاونات وشفشاون والعرائش)، وحجز 87 طن من الشيرا، وتوقيف 687 شخصا في إطار شبكات التهريب الدولي. ويعتبر دعم الأنشطة المدرة للدخل بالمناطق الشمالية للمملكة، خصوصا في قطاعات الصيد والصناعة التقليدية والسياحة، وتشجيع الزراعات البديلة محوران أساسيان ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات. ويتطلب نجاح عملية الحد من زراعة القنب الهندي في المناطق ذات الأراضي الفلاحية الخصبة تشجيع العودة إلى الزراعات التقليدية وإدخال زراعات جديدة (الأعشاب الطبية، الزراعة المغطاة). وفي هذا الإطار، تم إنجاز برنامج لتشجيع الزراعات البديلة بتعاون مع الاتحاد الأوروبي بقيمة تبلغ تسعة ملايين درهم. وبفضل هذه الاستراتيجية انتقلت مساحة الأراضي المزروعة بالقنب الهندي من 137 ألف هكتار سنة 2004 إلى 35 ألف هكتار بداية سنة 2009 ، كما تم الاستئصال الشامل لإنتاج هذه المادة في بعض الأقاليم الشمالية للمملكة. - تنويه دولي بمقاربة المغرب في مجال محاربة المخدرات - حظيت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات بتنويه دولي بالنظر للنتائج الإيجابية التي حققتها. وهكذا، أكد تقرير لكتابة الدولة في الخارجية الأمريكية أن الاستراتيجية الشاملة لمكافحة المخدرات التي اعتمدتها الحكومة المغربية مكنت من تحقيق انخفاض "ملموس" في إنتاج القنب الهندي خلال السنوات الأخيرة. وأبرز التقرير أن هذه الاستراتيجية التي أحرز بفضلها المغرب تقدما هاما في مجال مكافحة ترويج المخدرات، تجمع بين جهود دعم القوانين السارية، والقضاء على زراعات القنب الهندي، وتقليص الطلب، وتحقيق التنمية الاقتصادية، في أفق القضاء على زراعة القنب الهندي بشمال المغرب. وتعززت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات، يضيف التقرير، بمقاربة أوسع للتنمية الاقتصادية والزراعات البديلة التي أعطت ثمارها بالمغرب. وأضاف أن الحكومة ومختلف الوكالات والوزارات الأمريكية المختصة تواصل التعاون مع المملكة المغربية من أجل تعزيز قدراتها في مجال مكافحة المخدرات وخاصة من خلال تبادل الخبرات والمعلومات والتكوين. ومما لاشك فيه أن المكاسب الهامة التي حققها المغرب في مجال مكافحة المخدرات ستكون لها انعكاسات إيجابية على النسيج الاجتماعي والاقتصادي وستساهم في تحصين الأجيال الصاعدة من السقوط في براثين الإدمان.