( بقلم : عبد الحميد كرضة )على الرغم من انتمائها إلى منطقة الغرب ذات الطابع الفلاحي بامتياز، فإن مدينة القنيطرة ما تزال تتطلع إلى تحديد معالم هوية ومسار ترسمه من أجل ضمان تحقيق تنميتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتخلص بالتالي من تلك الصورة التي التصقت بها، باعتبارها مدينة - مرقد بسبب ما شهدته في السابق من وفرة العرض السكني بأسعار منخفضة نسبيا. وفي غمرة هذا الانشغال برسم الخطوط العريضة لتوجهها التنموي المستقبلي، فإن بإمكان المدينة الاستفادة من المؤهلات الجغرافية الاستراتيجية الملائمة التي تتمتع بها وفي مقدمتها قربها من الموانئ الرئيسية للمملكة (الدارالبيضاء وطنجة المتوسط) مطار الدارالبيضاء الدولي وقرب انخراطها في شبكة القطار الفائق السرعة (تي جي في). ولعل عامل القرب كان عنصرا محددا وحاسما في قرار خلق المحطة الصناعية المندمجة للقنيطرة (المنطقة الحرة الأطلسية) التي أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس مؤخرا انطلاقة أشغال تهيئتها بغلاف مالي يصل إلى مليار و200 مليون، والتي ستمكن بعد فتحها من استقطاب استثمارات صناعية بقيمة عشرة ملايير درهم. فيما سعت شركات دولية كبرى أخرى إلى الاستقرار بالمدينة (فورسيا) الفرنسية و(سوميتومو) اليابانية المتخصصتين في صناعة أجزاء ومكونات السيارات للاستفادة من ذات المزايا. ويشير السيد جمال عطاري مدير المركز الجهوي للاستثمار لجهة الغرب الشراردة بني احسن، في هذا السياق، إلى أن ترحيل الخدمات من أوروبا إلى المغرب يمكن المستثمرين من تخفيض كلفة اليد العاملة بنحو 73 بالمائة والنقل بنحو 61 بالمائة مقارنة مع الصين، و44 بالمائة مقارنة مع مصر وتقليص آجال تسليم البضائع من ثلاثين يوما إلى يوم واحد مقارنة مع الصين. + القنيطرة : مؤهلات كبيرة في المجال السياحي+ وفي أفق تجاوز هذا الوضع، شرعت المدينة مؤخرا في حملة للترويج لوجهتها بهدف جذب استثمارات في القطاع السياحي. وقد استقبلت في هذا السياق خلال شهر مارس الماضي بعثة تضم مستثمرين إسبان في مجال الفندقة جاؤوا لاستكشاف فرص الاستثمار بالقنيطرة والذين عبروا بالمناسبة عن إعجابهم بالإمكانيات الهامة التي تتوفر عليها المنطقة. وقد أعلن الوفد الإسباني، خلال هذه الزيارة، عن تأسيس شركة "القنيطرة 2010" تتجلى مهمتها في الترويج لجذب الاستثمارات للمدينة واستمالة انتباه رجال الأعمال الاسبان إليها. وتتمثل المؤهلات السياحية للمنطقة بالخصوص في مواقعها الأثرية (قصبة المهدية، تاموسيدا، باناصا) وشريطها الساحلي الذي يمتد على طول 140 كلم ومحمياتها الطبيعية (المرجة الزرقاء وسيدي بوغابة). وبغض النظر عن شاطئي المهدية ومولاي بوسلهام، تتوفر المنطقة على العديد من الشواطئ التي لم يتم استغلالها بعد مثل مرس لغنان وماري بوسا والشليحات. غير أنه وبالرغم من توفر كل هذه المؤهلات المهمة، فإن المندوبية الجهوية لوزارة السياحة بالرباط تؤكد، أنها تبقى خارج نطاق الخدمة بسبب غياب أوضعف البنيات التحتية السياحية القائمة وقلة الاستثمارات في المجال السياحي. وبحسب إحصائيات رسمية فإن إقليمالقنيطرة لا يتوفر، بالرغم من أهميته على صعيد جهة الغرب، سوى على خمس فنادق مصنفة تبلغ طاقتها الإيوائية 466 سريرا أي ما يمثل 48ر0 بالمائة من الطاقة الإيوائية الوطنية. ومما يزيد في تفاقم هذه الوضعية، غياب الأنشطة السياحية والتنشيطية التي من شأنها در مداخيل دائمة ومستقرة لسكان المنطقة، وهو ما يفرض مضاعفة الجهود في مجال تثمين الموروث التاريخي والثقافي للجهة وإحداث مناطق سياحية مندمجة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة، فضلا عن فتح أوراش لإعادة تأهيل المهن السياحية والقيام بأنشطة ترويجية لتسويق المنتوج السياحي. + أي مشروع للتنمية السياحية للجهة + تعتبر مصالح المندوبية الجهوية للسياحة أنه يتعين على الجهة، في سياق سعيها إلى تحقيق التنمية السياحية، أن تستلهم وتأخذ بعين الاعتبار مقتضيات النصوص التطبيقية للاتفاق الاطار الخاص برؤية 2010، والتي تنص على ضرورة توجه جهة الغرب نحو إعادة التموقع فيما يخص المنتوج الثقافي وكذا تطوير مختلف أشكال السياحة القروية والشاطئية. وتطالب، في هذا السياق، بدعوة الشركات المؤهلة التابعة للقطاع الخاص التي تتمتع بالخبرة والتجربة الدولية المعترف بها للإسهام في تحقيق تهيئة وتنمية مندمجة للمواقع السياحية بالجهة وذلك بشراكة مع الكفاءات المحلية المختصة في مجال التهيئة السياحية.