انعقدت مؤخرا بالكلية متعددة التخصصات بخريبكة - جامعة الحسن الأول، ندوة حول "شعيب حليفي روائيا"، حيث استضافه مسلك الدراسات العربية بإشراف الباحث عبد الرحمن غانمي وبحضور منسقة المسلك الباحثة خديجة توفيق وعدد من الأساتذة والباحثين والطلبة. وبعد افتتاح الندوة من طرف الباحث غانمي الذي أشار إلى قيمة شعيب حليفي روائيا وناقدا "ينوع في أشكال الكتابة بصيغ جعلت منه مجددا وممتلكا لتجربة في حاجة إلى البحث والمساءلة" فككت الباحثة بشرى الساري، التي اشتغلت على رواية "مجازفات البيزنطي"، خطاب هذه الأخيرة انطلاقا من العتبات، سواء العنوان أو باقي المداخل والوظائف في علاقة كل ذلك بالمتن الروائي، لتخلص إلى أن ''مجازفات البيزنطي'' رواية حداثية عمدت إلى التلاعب بقواعد التجنيس وتقديم شخصيات "ممزقة" بالإضافة إلى تعدد الأصوات وخاصية الترميز. وتطرق الباحث طارق التالي إلى آخر مؤلفات شعيب حليفي "لا أحد يستطيع القفز فوق ظله"، ساعيا إلى دراسة هذا النص الإشكالي من ثلاث زوايا، وهي عناصر التبئير وصيغ الخطاب ثم الزمن. كما قارب طبيعة التشذر الروائي ووظائفه والإشارات والتبئرات في علاقاته باللغة والرمز مما جعل نص الرواية ينزاح عن الشكل الروائي التقليدي ويبدع شكلا جديدا في حاجة إلى تأويلات للدنو من أفقه المتعدد والإشكالي. ومن جهته اعتبر شعيب حليفي أن الكتابة تخضع لعدد من الشروط والسياقات، متحدثا عما تحكم في كتابة نصوصه الأولى "مساء الشوق" و"زمن الشاوية" و"رائحة الجنة" من انبهار بما صنعه التاريخ والمكان في خلق الحياة عبر شخوص هي القيمة الحقيقية المتبقاة. وقال بأنه توقف عن كتابة الرواية لعشر سنوات معتقدا بأنه قال ما أراده، خصوصا في رواية "زمن الشاوية"، لكن التحولات العنيفة والقاسية على التخييل أولا وأخيرا أعادته بقوة إلى السرد فكتب "مجازفات البيزنطي" بعد قرابة عشر سنوات من التجربة السياسية الجديدة بالمغرب والتي جاءت بخطابات جديدة وأحلام شبيهة بتلك التي اعتقدها آباؤنا بُعيد الاستقلال. أما بخصوص نصه الجديد "لا أحد يستطيع القفز فوق ظله" فتكلم شعيب عن تجربة جديدة في الكتابة الروائية التي تهدم الحدود بين السيري والغيري، بين الذات الفردية والجمعية، بين التخييل والتأريخ والجلوس على حافة الحدود الملتبسة بينهما. عشرة فصول ممهد لها بنص افتتاحي وملحق، شكلت "الاحتمالات العشر لكتابة رواية واحدة"، وهو عنوان فرعي متعمد للعنوان الرئيسي: "لا أحد يستطيع القفز فوق ظله". ومنذ البداية يبدو هذا النص متمردا على التجنيس الكلاسيكي للرواية والسيرة واليوميات; "ويقف مجازفا ومجددا في رحبة التخييل بنص انكتب على مدار حوْلٍ كامل، شهرا شهرا، وثَّقتُ فيه مشاهداتي بسرود شفافة توزعت على رصد صور في عدد من المواقف والأمكنة، برفقة شخصيات وحكايات تتكامل وتنمو في اتجاهات مختلفة". "وأذكر - يقول شعيب حليفي- أنني حينما شرعتُ في كتابة هذه النصوص ...تعمدتُ أن تكون بصمات سرد اليومي المتعلق بهوية الوجدان، خصوصا في بعض التفاصيل التي تهمُّني بأشكال مختلفة أو تهم من أحبهم، بدأتُ أشعر بإحساس مختلف وجديد لأنني اكتشفتُ أشياء كثيرة لم أكن أُعرها الاهتمام الكافي وأصبحتْ نظرتي لها أكثر منهجية وقُربا، فالكتابة تساهم في إعطاء كل ما حولنا حياة جديدة". تجدر الإشارة إلى أن لشعيب حليفي ستة نصوص روائية: "مساء الشوق"، و"زمن الشاوية"، و"رائحة الجنة"، و"مجازفات البيزنطي"، و"أنا أيضا"، و"لا أحد يستطيع القفز فوق ظله". كما يحفل سجله النقدي بعدد من المؤلفات من بينها: "شعرية الرواية الفانتاستيكية"، و"الرحلة في الأدب العربي: التجنيس، آليات الكتابة، خطاب المتخيل"، و"هوية العلامات: في العتبات وبناء التأويل"، و"مرايا التأويل: تفكير في كيفيات تجاور الضوء والعتمة".