صدر مؤخرا بموقع وزارة التربية الوطنية وبعض المواقع التربوية الأخرى بلاغ يخبر الرأي العام المغربي والآباء أن عملية التسجيل بمدارس التعليم الأولي النموذجية لمؤسسة محمد السادس برسم الموسم الأول (2010/2011 ) بدأت وستستمر إلى غاية 30 ابريل 2010، وأن افتتاح 16 مدرسة نموذجية بخمسة عشر مدينة ما هي إلا مرحة أولى وتندرج ضمن برنامج يهدف إلى احداث100 مدرسة في أفق 2012 عبر تراب المملكة وذالك لاستقبال أزيد من 9000 طفل عمرهم بين 4 و6 سنوات. وحسب البلاغ تشرف على هذه العملية ( المخطط ) هيأة "مستقلة " تسمى المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي ومدعمة من عدة أطراف (وزارة التربية الوطنية / وزارة الداخلية / مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين ...)،وانطلاقا من الجدول التالي المرفق بالبلاغ والذي يحدد عناوين المؤسسات والتكلفة الشهرية للتمدرس بها المدينة العنوان سعر المنخرط سعر لغير المنخرط اكادير شارع محمد اقبال حي امسيرنات اكادير 250 درهم 500 درهم الحسيمة مدرسة محمد الخامس شارع مبارك البكاي 150 درهم 300 درهم الدارالبيضاء شارع الحذيفة بن النعمان حي القدس البرنوصي البيضاء 250 درهم 500 درهم الدارالبيضاء زنقة تغزوت شارع غاندي حي السلامالبيضاء 350 درهم 700 درهم الجديدة حي النسيم شارع الامير مولاي عبد الله 200 درهم 400 درهم فاس زنقة جمال الدين الافغاني اكدال 300 درهم 600 درهم العرائش تجزئة المغرب الجديد 200 درهم 400 درهم العيون شارع الامين حي مولاي رشيد العيون 200 درهم 400 درهم مراكش شارع العيون حي ايزيكي مراكش 300 درهم 600 درهم مكناس بجانب مدرسة ابن الونان مكناس 250 درهم 500 درهم وجدة ملتقي شارع الشهداء وشارع المسيرة الخضراء 250 درهم 500 درهم الرباط شارع الزيتون حي الرياضالرباط 350 درهم 700 درهم سلاالجديدة حي الملكي شارع ابي رقراق سلاالجديدة 200 درهم 400 درهم سطات حي الأمل سطات 200 درهم 400 درهم طنجة شارع مولاي يوسف طنجة 250 درهم 500 درهم تطوان تقاطع شارع محمد اليزيدي وشارع عبد الرحيم بوعبيد 200 درهم 400 درهم المنخرط هو المنتمي لمؤسسة محمد السادس فان التعليم الأولي بهذه المدارس سيكون بالأداء وغير مجاني ، وسيكلف الطفل الواحد سنويا ما بين 3000 درهم و7000 درهم حسب المدينة دون احتساب رسوم التسجيل وثمن النقل وكلفة المحفظة. فأين نحن من مجانية التعليم ؟ لعل الجميع يعرف أن مبدأ ومطلب مجانية التعليم ناضل من أجله الشعب المغربي منذ "الاستقلال" إلى اليوم،وأن القوى الحية في البلاد كانت متمسكة بالمدرسة العمومية وترفض التنازل أو المساومة حول هذا المبدأ الأساسي والحيوي. وتجدر الإشارة في البداية أن النظام المغربي طرح مبدأ المجانية للنقاش خلال كل "الإصلاحات" التي عرفها النظام التربوي والتعليمي ،وكان يتوخى في كل مرة إعادة النظر فيه والتخلي عنه ( مشروع محمد بنهيمة سنة 1965 ،مناظرة يفرن الأولى والثانية ، الإصلاح الأكاديمي سنة 1985 ، الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1999 ) . فجل الوزارات التي تعاقبت على تسيير التعليم والتي تمثل الطبقة الحاكمة تعمل على تطبيق منظورها الطبقي للتعليم، وتسعى إلى الإجهاز والتخلي على ما تبقى من مجانيته، وتسير بخطى حثيثة ومدروسة نحو تحقيق هذا الهدف . فاللجنة الخاصة التي أشرفت على صياغة الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 1999 أصرت وبإلحاح على ضرب مجانية التعليم، والإجهاز عمليا عليها،تنفيذا للخطاب الرسمي الذي يؤكد أن التعليم لن يظل مجانيا إلا في حدود التعليم الأساسي الذي يضم التعليم الابتدائي(التعليم الأولي/ التعليم الابتدائي) والتعليم الثانوي الإعدادي، أما التعليم الثانوي التاهيلي والتعليم العالي فيجب أن تفرض عليهما " رسوم التسجيل" خلال ثلاثة أو خمسة سنوات من تاريخ تطبيق المشروع . فهل التعليم الأساسي سيبقى مجانيا ؟ فالواقع ( ومن خلال البلاغ المشار إليه أعلاه) يبين بشكل واضح أن النظام المغربي سيتملص مرة أخرى من الالتزام الذي تعهد به في الميثاق الوطني للتربية والتكوين،وسيعجل ( البرنامج ألاستعجالي) من وثيرة خصخصة التعليم بدءا هذه المرة من التعليم الأولي مرورا بما يسمى جيل مدرسة النجاح وصولا إلى التعليم العالي وتكوين الأطر،فنظامنا التعليمي يستدعي ويفرض أن تتحمل الدولة مسؤولية تعميم التعليم الأولي وبالمجان على جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4و6 سنوات عوض التعجيل بخوصصته . فتملص الدولة من مجانية التعليم في المرحلة الأولية من التعليم الأساسي سيلغي تكافؤ الفرص ، سيزيد من نسبة الأمية ، سيكرس نخبوية التعليم وسيفرغ المادة 61 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين من مضمونها ومحتواها . فأكيد أن مجانية التعليم صارت في خبر كان في ظل حكومة عباس الفاسي لان الظروف السياسية والاجتماعية مناسبة لها وموازين القوى في صالحها خصوصا بعد أن تذبذبت مواقف الأحزاب السياسية، والنقابات ،والجمعيات تجاه هذا المبدأ وتخلت نهائيا عن هذا المكسب الأساسي بالنسبة لأبناء الشعب المغربي .