في المغرب، كما في البلدان الأخرى التي سارت على نهج تقنين المواصلات، شكل تأسيس هيأة تقنين مناسبة لوضع الإطار القانوني و تحديد الشروط اللازمة لدخول القطاع الخاص إلى السوق المغربي، ثم تطورت وفق تقنين اقتصادي، يهدف الحد من الاحتكار وضمان المساواة في الفرص بين المتعهد التاريخي اتصالات المغرب، والمتعهدين الجدد ميديتل وونا. وشكل تحديد شروط الربط البيني ، والتحكيم في النزاعات التي قد تنشأ على مستوى التعريفات، ودفع مقابل استخدام الشبكات، أهم أولويات الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات التي تمكنت من الاضطلاع بمهامها رغم حساسيتها، وذلك بشهادة المتعهدين، الذين يشيدون بأهمية وجود تقنين منظم ومهيكل ويواكب المستجدات.فحسب عبد السلام أحيزون رئيس المجلس المديري لاتصالات المغرب، فإن الوكالة ساهمت بشكل كبير في إنجاح عمليات فتح السوق على المنافسة و تحرير القطاع، حيث عرف قطاع المواصلات مجموعة من التطورات الإستراتيجية انعكست بشكل إيجابي سواء بالنسبة للمتعهدين أو المستهلكين، حيث أدت المنافسة إلى تطور كبير سواء بالنسبة للهاتف النقال أو الولوج إلى الأنترنيت، وكذا إدخال خدمات الجيل الثالث للمواصلات والشروع في العمل بحمل الأرقام وإطلاق التقسيم الكلي والجزئي للحلقة المحلية.وبدأ المستهلكون يلمسون انخفاضا متزايدا للأسعار وتحسنا متواصلا لجودة الخدمات، و كنتيجة لهذا النمو، ارتفعت نسبة استعمال الهاتف لكل 100 مواطن لتصل سنة 2007 إلى 73.5 في المائة أي ما يمثل 11 ضعفا مقارنة مع نسبة 6.5 في المائة التي كانت مسجلة سنة 1999. هذه النتائج هي ثمرة التوسع الكبير للهاتف النقال، الذي أقبل عليه المغاربة بشكل سريع وواسع ، إذ انتقل عدد المشتركين من 364 ألف مشترك سنة 1999 إلى أزيد من 20 مليون سنة 2007، كما عرف سوق الأنترنيت نموا سريعا خلال السنوات العشر الأخيرة،إذ انتقل عدد مستعملي الشبكة من مليون شخص سنة 2003، إلى 6.6 مليون شخص سنة 2007، كما انعكس هذا النمو على أداء قطاع المواصلات بصفة عامة، إذ انتقل رقم معاملاته من 8.5 مليار درهم سنة 1999 إلى أزيد من 30 مليار درهم سنة 2007، مسجلا نسبة نمو سنوية بلغت 20 في المائة، ويمثل رقم معاملات القطاع 7 في المائة من الناتج الوطني الخام.ويرى محمد المنجرة، مدير عام ميديتل، من جهته أن الوكالة تمكنت من استشراف احتياجات السوق من وجهة نظرها كمقنن للسوق. أما كريم زاز، رئيس مدير عام ونا، فيؤكد على أهمية دور الوكالة كمحفز ووسيط في العلاقات بين المتعهدين.ويشمل التقنين محاور أخرى تهم التنمية السوسيو اقتصادية التي شكلت أحد المعالم البارزة في العقد الماضي. ويتعلق الأمر هنا بالالتزام التام للوكالة بتنفيذ برامج الخدمة الأساسية الهادفة إلى تعميم التغطية بشبكة المواصلات عبر مجموع التراب الوطني و التقليص من الفجوة الرقمية.وفي هذا الصدد نشير إلى برنامج "ميثاق" الذي يستهدف في أفق سنة 2011، تحقيق تغطية شاملة ومتوازنة للساكنة بوسائل المواصلات.وتكمن أولى مهام الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات في تطوير منافسة شريفة والمحافظة عليها على المدى الطويل. ومن أجل تحقيق هذا الغرض تقوم الوكالة بتطوير الإطار القانوني والتنظيمي للقطاع بشكل متواصل، وذلك لضمان تنميته بشكل متناغم. كما تسهر على تدبير الموارد النادرة لا سيما طيف تردادات الراديو الكهربائية والمخطط الوطني للترقيم، كما أنها تواكب نمو القطاع عبر التكوين وتشجيع البحث.و تسهر الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات على تطبيق مبادئ حسن المنافسة بين الفاعلين، وذلك للحيلولة دون إساءة استعمال المركز المهيمن الذي قد يقلل من تطور فتح السوق، كما تقوم الوكالة بمبادرات تسمح بتجنب هذه الممارسات، وذلك كالقيام بإجراء الافتحاصات والتحقيقات واليقظة في مجال التنافسية.