البرازيل خرجت، فشمت كارهوها وراهنوا على الأرجنتين، ف«تبهدلت» هي الأخرى أكثر من البهدلة البرازيلية، وسقطت سقوطا مدويا لم يتوقعه حتى مدرب المنتخب الألماني الذي رسم الخطة ووضع التكتيك المناسب ليجهز على أسطورة مارادونا الذي أعتقد أنه انتهى تدريبيا رغم أنه كان بطلا إلى ما قبل انطلاق لقاء ألمانيا بدقائق.. وهكذا هي كرة القدم «مفرمة» لكل من يشتغل فيها.. ولكل من لا يتعلم من دروسها.. كأس العالم لما تنتهي بعد.. حسنا معلومة يعرفها الجميع.. وهناك مثلها الملايين من المعلومات التي يعرفها الجميع من الصغير إلى الكبير، وهناك آلاف الدروس التي شاهدناها تنظيميا وتحكيميا وتدريبيا وإعلاميا وتنظيريا وسياسيا واقتصاديا.. لكن هل تعلمنا أيا منها، أم أن الدروس التي نراها وينكوي بها غيرنا غير قابلة للتطبيق عندنا أو حتى الاستفادة منها؟! وهل تعلمنا أصلا من الدروس التي مرت علينا في الظروف نفسها والبطولات نفسها؟! هل تعلمنا من إصرار وعناد الاتحاد الفرنسي على تعيين مدرب يكرهه كل اللاعبين والإعلاميين والجمهور فقط لأن له وضعا أكاديميا؟! ألا نعرف ونسمع عن الكثير من المدربين في منطقتنا العربية يكرههم اللاعبون وإدارات الأندية والاتحادات تُجبر عباد الله على «بلعهم»؟!.. هل تابعنا كيف يتدخل رئيس الجمهورية الفرنسية والبرلمان ووزيرة الرياضة في شؤون منتخب بلادهم لأنه شأن وطني قبل أن يكون شأنا رياضيا بحتا؟ وهل كان مسؤولو العراق وسورية والكويت محقين أم مخطئين عندما تدخلوا؟ هل تابعنا كيف خرج منتخب الدولة المستضيفة لأول مرة منذ 80 عاما وكان الجميع يتوقعون ذلك، والسبب أن المنتخب الجنوب أفريقي لم يكن مستعدا عناصريا بالشكل الكافي رغم استقدام مدرب نال كأس العالم سابقا؟ هل شاهدنا كيف تعتمد دول على نجوم بعينهم وتصر وتلح على تلميع هؤلاء النجوم وعندما يخلص «جازهم» أو لا تشتغل بطارياتهم في كأس العالم «تتبهدل» منتخباتهم وتخرج من المولد حتى من دون حمصة واحدة؟!! هل تعلمنا من أن التاريخ والجغرافية والإنجازات السابقة «حقها فلس» عندما يكون الميدان هو الفيصل؟! وأن المسألة ليست دولة كبيرة أو صغيرة أو دوري ناري أو ترابي ونجوم بعدد نجوم السماء بل القضية قضية عطاء وكفاح طوال 90 دقيقة يمكن أن تجعل آسيا أقوى من أوروبا وأفريقيا أرهب من أميركا؟! هل تعلمنا أن حكام كرة القدم عندنا أفضل بكثير من الحكام «العالميين» الذين لا يسمعون ولا يرون ولا يعرفون الطيخ من البطيخ، لكننا شعوب مغرمون بالأجنبي والخواجة حتى لو كان أقل فهما من أبنائنا؟ هل تعلمنا من الجمهور الأفريقي الذي لا يكل ولا يمل ليس فقط من تشجيع منتخبه بالفوفوزيلات، بل تشجيع كل من شارك في كأس العالم من أجل إنجاح هذا الحدث وعدم ترك المدرجات خالية رغم توديع منتخبهم للبطولة مبكرا، لكنهم شعروا بأنها مسؤوليتهم جميعا أن يشاركوا في إنجاح أكبر حدث رياضي على سطح الكرة الأرضية؟! هل تعلمنا من تصريحات المدربين الكبار، الذين تحملوا مسؤولياتهم بكل شجاعة، فاستقال من استقال منهم، وحمل بعضهم كامل الوزر رغم أن منتخباتهم قدمت مباريات رائعة وخرجت بركلات الترجيح واستقبلتهم بلدانهم استقبال الفاتحين، ومع هذا آثروا أن يقولوا «إننا مخطئون»؟! هل تعلمنا أننا كعرب نحب الجعجعة حتى ولو ليس لدينا ذرة طحين واحدة؟! هل تعلمنا؟! الجواب هو حتما لم، ولا، ولن نتعلم!!.