"الشرق الاوسط" المنجي السعيداني قال موسى أحمد حريم، المثقف والمعارض الليبي ذو الاتجاهات اليسارية، وصاحب دار لنشر الكتب في باريس، إنه من المستحيل أن يتنحى الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي عن السلطة، فهو يعتقد أنه لا يوجد أفضل منه على وجه الأرض، مشيرا إلى أن القذافي مصاب بجنون العظمة. بيد أنه قال إن القذافي قد ينتحر على طريقة هتلر، ويستحيل أن يسلم نفسه. وغادر حريم ليبيا منذ سنة 1982، ولم تطأ قدماه الوطن منذ ذاك التاريخ. وبعد احتدام الثورة في ليبيا للمطالبة بالتغيير السياسي، حل بتونس قادما من فرنسا حيث كان هناك لاجئا سياسيا لمدة قاربت العشرين سنة. وبشأن توقعه لموعد سقوط النظام، قال حريم إن العملية قد تدوم أشهرا، ولكن الليبيين لديهم إرادة قوية لإنهاء الحكم الاستبدادي. وذكر في حديث هاتفي خص به «الشرق الأوسط» من رأس جدير على الحدود التونسية - الليبية، أن عدد الضحايا تجاوز، حسب ما ورد من أخبار، العشرة آلاف، ولكن تلك هي طبيعة الثورة، مشيرا إلى أن نصف مدينة طرابلس محررة الآن، وقال إنه لا يمكن له أن يذكر المناطق لأن هناك خطرا يتمثل في تنفيذ عمليات إبادة ضد تلك المناطق. وذكر أن سبها التي يقطنها عدد كبير من البدو والطوارق، أعلنت انضمامها إلى الثوار. كما أعلنت منطقة الكفرة بدورها انضمامها إلى الثورة. وفي ما يلي نص الحديث. * كيف غادرت ليبيا، وما الذي أجبرك على الحياة في المنفى طوال هذه المدة؟ - قضيت سنة 1977 ما لا يقل عن 14 يوما رهن الاعتقال في سجن عسكري بطرابلس، ومنعت بعد ذلك من دخول الجامعة الليبية، وتعرضت لمضايقات متعددة من اللجان الثورية. وخلال إقامتي بالسجن العسكري خلال أحداث شهر أبريل (نيسان) 1977، أعدم النظام الليبي 6 طلبة منتمين لكليات الزراعة والهندسة والعلوم، شنقا، وتركهم معلقين في مشنقتهم مدة 48 ساعة، واتهمهم النظام آنذاك بالعمالة لأميركا. ووضع النظام آنذاك قائمة سوداء للمعارضين كنت من بينهم. وبعد شنق الطلبة ألقى العقيد القذافي خطابا مقتضبا كنت حاضرا خلاله، قال فيه للطلبة لنفترض أنكم مائتا ألف طالب فبالإمكان اللجوء إلى طائرتين حربيتين، وإلقاء قنابل على الجامعة كلها وسحقها من الخريطة بطلبتها وأشجارها. منذ ذاك اليوم تأكدت أن الليبيين ضحية الديكتاتورية وخرجت من هناك. * وما الذي تغير الآن حسب رأيك؟ - ما قاله القذافي سنة 1977 أمام الطلبة أسمع صداه سنة 2011. والفرق الوحيد أنه لم يكن يقول هذا الكلام إلا لمعارضيه، أما الآن فهو يهدد به كل الشعب الليبي. * وهل تعتقد أن القذافي يمكن أن يقبل الحوار والتنحي عن السلطة دون مزيد من إراقة الدماء؟ - مستحيل أن يخرج القذافي من السلطة فهو يعتقد أنه لا يوجد أفضل منه على وجه الأرض. القذافي مصاب بجنون العظمة. القذافي قد ينتحر على طريقة هتلر، ومن المستحيل تسليم نفسه. * وما هو تقييمكم للوضع الحالي في ليبيا؟ - معظم المناطق يسيطر عليها الثوار، ولم يبق تحت سلطة القذافي إلا معسكر «باب العزيزية» الممتد على مساحة 6 كيلومترات مربعة. مدينة نالوت القريبة من الحدود التونسية - الليبية، أعلنت أنها مع الحكومة المؤقتة في بنغازي. ومن المنتظر أن يقوم الليبيون بزحف أرضي على طرابلس وخاصة معسكر القذافي المحصن جدا. الليبيون يعون مقدار الخطر الداهم ولكنهم مستعدون لدفع الثمن غاليا. ونحن نخشى اليوم على المواطنين من المرتزقة الموجودين بين مدينة زوارة والحدود التونسية. المشكلة الآن في فرق المرتزقة. فقد حاول القذافي التفريق بين الغرب والشرق، وبين الفقراء والأغنياء، وبين أبناء البلد والقادمين من الخارج، ونحن الآن نجني سلبيات تلك السياسة. * ومتى تتوقعون أن يسقط نظام العقيد؟ - العملية قد تدوم أشهرا ولكن الليبيين لهم إرادة قوية لإنهاء الحكم الاستبدادي. صحيح أن عدد الضحايا قد تجاوز حسب ما ورد من أخبار العشرة آلاف، ولكن تلك هي طبيعة الثورة. الآن نصف مدينة طرابلس محررة، ولا يمكن أن أذكر المناطق لأن هناك خطرا بتنفيذ عمليات إبادة ضد تلك المناطق. كما أن سبها التي يقطنها عدد كبير من البدو والطوارق، أعلنت انضمامها إلى الثوار. وأعلنت منطقة الكفرة بدورها انضمامها إلى الثورة. * ألا يوجد وسطاء بين القذافي والثوار في محاولة لإنهاء الصراع؟ - بالفعل طلب القذافي منذ يومين التفاوض مع الثوار، وطلب في البداية تدخل الجامعة العربية ثم التجأ إلى سفير ليبيا لدى إيران، وأعلن أن القذافي يود التفاوض. ولكن الأمور لم تتطور لأن هناك إحساسا من الثوار بأن نظام العقيد القذافي يحتضر. * هل هناك بلدان أفريقية لها علاقة بالقذافي يمكن أن تستقبله في صورة ما إذا خير الانسحاب؟ - إذا خرج القذافي من ليبيا يمكن أن يتوجه حسب اعتقادي إلى الجزائر، وهذا من خلال ما أراه وأسمعه في وسائل الإعلام الجزائرية التي لا تزال تتحدث عن الأخ العقيد قائد الثورة العظيمة. كما أن بلدا مثل بنين يمكن أن يستقبله، فقد تم في سنوات خلت فقدان معارضين ليبيين وسجناء لم نعثر لهم على أثر، واكتشفنا بعد فترة أنهم سجناء في بنين. * وكيف ترى مستقبل ليبيا بعد القذافي؟ - خيار إسقاط النظام لا رجعة فيه. ولكن المستقبل سيكون صعبا للغاية فقد قضى القذافي على كل حس للحياة المدنية في ليبيا، من النقابات إلى الاتحادات والجمعيات والصحافة والقضاء، والفترة المقبلة ستكون فترة بناء كل تلك المؤسسات. الشعب الليبي يبحث عن الكرامة ولا تهمه القدرات المالية في البلاد. * وماذا عن المستقبل السياسي في ليبيا؟ - يمكن اعتبار أن القومية منتهية في ليبيا. وهناك مجموعات مهمة من الاشتراكيين والديمقراطيين يمكن أن يؤمنوا الانتقال الديمقراطي في البلاد.