"الشرق الاوسط" القاهرة: خالد محمود وصلاح جمعة قال الرائد عبد المنعم الهوني، عضو مجلس القيادة التاريخية للثورة في ليبيا، إنه يجب محاكمة العقيد معمر القذافي وكبار مساعديه وكل القيادات الأمنية والعسكرية التي تورطت في المذابح الجماعية التي تشهدها مختلف المدن الليبية، مؤكدا أن الخطاب الذي وجهه سيف الإسلام إلى الليبيين كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وأشعرت المواطنين بالإهانة لما احتواه من لهجة متعالية وتهديدات سافرة وغير مقبولة. وأوضح الهوني، في بيان صحافي أصدره أمس، وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أنه يتعين على القذافي أن يتنحى عن السلطة، وأن يفرج فورا عن وزير الدفاع الليبي الفريق أبو بكر جابر يونس (الموضوع تحت الإقامة الجبرية)، لكي يتولى الحكم لفترة انتقالية تشهد تشكيل حكومة وطنية مؤقتة لتسيير شؤون البلاد. وقال إنه يتعين على القذافي أن يغادر الآن وفورا إلى خارج ليبيا حقنا للدماء قبل أن تتصاعد الفوضى والاضطرابات في ليبيا، وإلا فعليه أن يواجه الغضب العارم للشعب الليبي الذي لن يقبل بأقل من محاكمته على ما اقترفه من جرائم نكراء في حقه طيلة سنوات حكمه. وشن الهوني، الذي استقال من منصبه كمندوب لليبيا لدى الجامعة العربية، هجوما حادا وغير مسبوق على القذافي، وقال إن «النظام قد سقط بامتياز، وعلى القذافي أن يرحل. الشعب قال كلمته الأخيرة والنهائية التي لا رجعة فيها، لم يعد مقبولا أن يستمر القذافي لحظة واحدة في الحكم بعد الآن». واعتبر الهوني أن ما ارتكبه نظام القذافي من انتهاكات بشعة وفاضحة لحقوق الإنسان على مرأى ومسمع من العالم أجمع تستوجب محاكمته، بالنظر إلى تصاعد عدد الشهداء والجرحى في ثورة الغضب التي تعم ليبيا، وبلغت ذروتها أول من أمس في العاصمة طرابلس. وقال الهوني إن نظام القذافي فقد شرعيته تماما، ولم يعد مقبولا أن يستمر مطلقا، مؤكدا أن الشعب الليبي لن يغفر ولن يسامح كل من قتلوا أبناءه بالرصاص الحي والمدفعية الثقيلة. وحث الهوني الجيش الليبي على التدخل الفوري لإيقاف هذه المجازر والفوضى الجماعية، مشيرا إلى أن على كبار قادة القوات المسلحة الليبية في هذه اللحظات الحرجة أن ينحازوا إلى الوطن والشعب ويتخلوا عن نظام القذافي. وأضاف مخاطبا الجيش الليبي: «إليكم يا من تعرفون شرف الخدمة العسكرية أتوجه بكلمة ونداء لخلع هذا النظام من جذوره، وتولي السلطة حقنا للدماء وحفاظا على مصالح ليبيا الاستراتيجية ووحدة أراضيها وترابها ومواطنيها». وقال الهوني إن الشعب لن يسامح أيضا من يقف مكتوف الأيدي وهو يشاهد بني وطنه يقتلون وهم عزل من السلاح، لمجرد أنهم أرادوا التعبير عن مطالبهم المشروعة بطريقة سلمية وللمطالبة بالتغيير والإصلاح. وانتقد الهوني بشدة الخطاب الذي ألقاه سيف الإسلام نجل القذافي مساء أول من أمس في طرابلس، واعتبر أنه انطوى على تهديدات حمقاء ومواقف رعناء تدل على السطحية والسذاجة المفرطة. وأضاف أن هذا الخطاب كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث شعر الليبيون بالإهانة من كل ما ورد فيه من لهجة متعالية وتهديدات سافرة وغير مقبولة. ورأى الهوني أن النظام الذي يترأسه القذافي كتب شهادة وفاته بهذا الخطاب، وعبر السماح للمرتزقة الأفارقة وللقوات الحكومية باستخدام العنف المفرط والإجرامي ضد المواطنين والمتظاهرين العزل. وقال الهوني مخاطبا الشعب الليبي: «في هذه الظروف الدقيقة والعصيبة التي سنتجاوزها وتتجاوزها بلادنا متعافية شامخة بفضل تضحيات ودماء الشهداء الأبرار ونضال الشعب الحر الكريم والعظيم، فقد أعلنت انحيازي الكامل مع عدد من رفاقي من الضباط الأحرار في القوات المسلحة إلى الشعب ومطالبه المشروعة». كما أعلن الهوني أنه تنحى عن منصبه كمندوب لليبيا لدى الجامعة العربية، تضامنا مع ثورة الشعب ورفضا لممارسات القذافي. وأضاف: «أعلن للمجتمع الدولي وللعالم العربي ولكل ليبي وليبية أنني تنحيت عن منصبي، حيث لا يشرفني أن أعمل مع نظام يقتل مواطنيه ويسحقهم على هذا النحو اللاإنساني». وكشف الهوني عن مشاورات عاجلة أجراها مع عدد من القوى الوطنية الليبية حول الممارسات القمعية والاستبدادية لنظام القذافي والتطورات المؤلمة التي تشهدها البلاد حاليا. وأعلن أن كل القوى والأطراف المدنية والعسكرية الليبية اتفقت على التمسك بمطالب وشعارات ثورة 17 فبراير (شباط) الحالي، وتحرير البلاد من الحكم الفردي الاستبدادي، كما تترحم على أرواح الشهداء الذين سقطوا في الوطن بينما كانوا يطالبون بحقوقهم المشروعة. وخلص إلى القول «إننا ندين القذافي ونحمله المسؤولية الكاملة عما أصاب شعبنا من إهدار لدمائه وأرواحه باستخدام القوة المسلحة الغاشمة والمفرطة في جرائم الإبادة الجماعية ضد الإنسانية»، مؤكدا أنه «على ثقة من أن الشعب الليبي العظيم سيتمكن من تحقيق نصره المظفر ضد الطاغية وأعوانه، وأنه لن يسمح لأي جهة بمحاولة سرقة ثورته المباركة أو تهديد وحدة التراب الليبي بأي حال من الأحوال».