في خرجة غير متوقعة كسرت المجاهدة الرمز جميلة بوحيرد جدار الصمت الذي ظلت تلبسه منذ الاستقلال، وقالت مخاطبة جموع السياسيين وممثلي المجتمع المدني الذين حضروا الحفل التكريمي الذي حظيت به من طرف بلدية الجزائر الوسطى"لقد حان الوقت للحديث عن المجاهدين والشهداء الذين لم يهمشهم التاريخ والمسؤولين". وأضافت جميلة الجزائر بقاعة الحفلات بفندق السفير، في الكلمة التي ألقتها بمناسبة تكريمها متأسفة عن حالة جهل الجزائريين بتاريخ ثورتهم "تاريخ ثورتكم جميل جدا.. لكن يا للأسف لا تعرفون منه إلا العربي بن مهدي ومصطفى بن بولعيد". وفتحت بطلة الجزائر النار على السياسيين قائلة "لن ألق اليوم عليكم خطاب السياسيين الكاذبة" مضيفة "سئمنا من الخطابات الفارغة ...سنحقق لكم وسنفعل لكم"، وامتد غضب جميلة بوحيرد إلى أولئك الذين يتبجحون بحبهم للجزائر والعروبة قائلة "لم يكن عندي الوقت الكافي لأسافر إلى المشرق من أجل تعلم اللغة العربية وأعود إلى الجزائر لأحكم بها وأشغل منصبا سياسيا رفيعا ، أو من أجل التباهي بوطنيتي". وأضافت جميلة بوحيرد، التي رفضت في الأول فكرة تكريمها، وهي المعروفة برفضها للتكريمات، حيث سبق وأن أعربت عن رفضها الشديد لهذا النوع من الاحتفاليات، "أفضل أن أتحدث إليكم اليوم بلغتي الخاصة"، وأخذت جميلة بوحيرد التي كسرت نوعا ما صمتها عن الكلام للشارع الجزائري في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبحت تظهر في بعض المناسبات التي تقام احتفالا بأعياد الثورة وغيرها من المناسبات التاريخية "أفضل مخاطبتكم بلغتي .. أفضل أن أتحدث إليكم بطريقتي". وأخذت جميلة تسرد تفاصيل محاكمتها في طرف السلطات الاستعمارية الفرنسية وسط الزغاريد التي كانت تطلقها النساء الحاضرات باستمرار، باستخفاف وازدراء، وقالت إنها كانت عندها رفقة صديقاتها ورفيقاتها في الجهاد إلى جانب أحد المناضلين الذين ألقت عليهم السلطات الاستعمارية القبض حينها، من الذين حوكموا في نفس اليوم، حيث وجه قاضي الجلسة خمس تهم لجميلة بعد إلقاء القبض عليها، وهي مصابة سنة 1957، لكنها لم تأبه للأحكام التي أطلقها رئيس الجلسة وكانت تقابلها بالضحك رفقة زميلاتها في الجهاد. وفي سياق متصل قالت جميلة بوحيرد متفائلة بجيل الاستقلال، "الجزائر التي أنجبت العربي بن مهيدي والعقيد لطفي وغيرهم مازالت تجود وتنجب رجالا آخرين على شاكلتهم"، وأردفت مخاطبة الحضور "الأمل فيكم يا شباب الجزائر". وخلفت التصريحات النارية والمفاجئة للمجاهدة جميلة بوحيرد، استحسانا كبيرا من طرف الحضور من ممثلي المجتمع المدني والفنانين والسياسيين الذين سارعوا إلى تحيتها وتقبليها وهو الأمر الذي دفع بالمجاهدة إلى البكاء طويلا.