تونس –"الشرق الاوسط": المنجي السعيداني أبدت مجموعة من الأحزاب السياسية التونسية احترازاتها تجاه الدعوات المبكرة لإعادة ترشيح الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لفترة رئاسية جديدة تمتد من سنة 2014 إلى سنة 2019، ورأت في ذلك محاولة جديدة لمنع انتقال السلطة من التجمع الدستوري الديمقراطي، الحزب الذي يحكم تونس منذ سنة 1987، تاريخ صعود الرئيس التونسي الحالي إلى الحكم خلفا للرئيس السابق الحبيب بورقيبة الذي حكم البلاد بدوره منذ الاستقلال سنة 1956، كما اعتبر معارضو هذه الدعوة المبكرة أن العملية ستؤخر التداول على السلطة وستهدد البناء الديمقراطي الذي لا يزال في طور النمو. وكانت مجموعة من الشخصيات الوطنية قد أصدرت بيانا ناشدت من خلاله الرئيس بن علي «مواصلة قيادة تونس المظفرة وذلك بقبول الترشح لولاية رئاسية جديدة 2014-2019» كما جاء في نص البيان. واستندت المبادرة المذكورة إلى ما سمته الانحياز إلى الخيار الديمقراطي، والمحافظة على مصالح الوطن، ورؤية الرئيس بن علي للتغيير باعتباره ليس «مجرد نظرية أو منهجا سياسيا أو مجرد نظام اقتصادي بل أسلوب حياة يرفض التونسيون التخلي عنه أو تعريضه للهزات أو الخطر» وذلك حسب ما تضمنه نص البيان. وكانت بعض الشخصيات الوطنية خاصة من بين النخب الثقافية قد تعرضت لهجومات لاذعة على صفحات «الفيس بوك» على وجه الخصوص، ومن بين المتعرضين لهذا الهجوم الحاد الناقد السينمائي خميس الخياطي الذي عرف في الأوساط الثقافية التونسية باستقلاليته وهو ما عرضه لتلك الحملة... حول هذا الموقف قال الخياطي في تصريح خاطف ل«الشرق الأوسط» إن إمضاءه على نص بيان المناشدة يدخل في باب «المعتقدات الشخصية، وهو غير مستعد لتقديم أية تفسيرات لموقفه ذاك» ولم يقدم المزيد من التوضيحات. وحول موضوع التداول على الحكم والدعوة السابقة لأوانها لإعادة ترشح الرئيس بن علي لفترة رئاسية جديدة، قال المنذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري المعارض (حزب ليبرالي) إن الحزب لم يتخذ بعد موقفا نهائيا من هذه الدعوة المبكرة لترشيح الرئيس بن علي للفترة الممتدة بين 2014 و2019 ومن المنتظر أن يطرحها ضمن جدول أعمال المجلس الوطني المقبل للحزب... وأشار ثابت إلى الدور التاريخي المتميز للرئيس بن علي في تغيير بنية النظام السياسي وهو الأقدر، تبعا لذلك، على المحافظة على معادلة الإصلاح الديمقراطي والاستقرار السياسي، مطالبا في الوقت ذاته بإصلاح دستوري في تونس في اتجاه توسيع مجال الحريات، وتجذير قيم الحداثة، ومزيد من تصحيح التعددية السياسية وإحداث تعديل بين السلطات داخل الدولة. ونادى ثابت من ناحية أخرى بضرورة الابتعاد عن الشخصنة في اتجاه تدعيم المؤسسات السياسية وهذا ليس في تونس فحسب، ولكن في العالم العربي ككل. وقال حاتم الشعبوني عضو المكتب السياسي لحركة التجديد المعارضة (حزب شيوعي) إن هذه الدعوة سابقة لأوانها وهي من القضايا المصيرية لتونس، وأكد أن الحركة دعت منذ شهر مارس (آذار) الماضي إلى حوار وطني للنظر في مجموعة من القضايا التي تهم مستقبل البلاد ومن بينها قضية التداول على السلطة... وقال الشعبوني من ناحية أخرى إن دعوة اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم والمنعقدة يومي 15 و16 يوليو (تموز) الماضي إلى مواصلة قيادة البلاد دعوة صريحة إلى جعل الانتخابات الرئاسية عملية صورية بالأساس. وأكد الشعبوني أن هذه الدعوة للترشح لفترة رئاسية جديدة مسألة مخالفة للتعديل الدستوري المصادق عليه من قبل البرلمان التونسي في شهر مارس (آذار) من سنة 2009 وقد تكون هذه الدعوة مقدمة لاستفتاء شعبي ينتظر أن يقع الإعلان عليه لاحقا أو اللجوء إلى تعديل دستوري جديد يعرض في قراءتين على البرلمان التونسي للحصول على تزكية تمكن الرئيس التونسي من مواصلة قيادة البلاد.