رجحت مصادر ديبلوماسية مغربية تفاعل الأزمة مع إسبانيا على نطاق أوسع، في حال عدم تدارك الموقف عبر قنوات الحوار الخلفية. ورأت في عدم تعيين سفير مغربي جديد في مدريد، على رغم موافقة السلطات الإسبانية على ترشيح القيادي الصحراوي أحمد ولد سويلم، مؤشراً إلى عدم انقشاع سحب الخلافات، في وقت يقضي فيه السفير الإسباني في الرباط أيامه الأخيرة في منصبه. وطلبت وزارة الخارجية المغربية مساء أول من أمس من السلطات الإسبانية «تقديم إجابات دقيقة عن مختلف حالات الانزلاق العنصري»، متهمة عناصر من الشرطة والحرس المدني الإسباني بأنها «كانت وراءها في الفترة الأخيرة». وعرضت في بيان إلى ست حالات عنف على الأقل أفضت إلى جرح 17 شخصاً أثناء محاولاتهم اجتياز المعابر الحدودية لمدينة مليلية المحتلة. وأعربت عن حرصها على «اللجوء إلى الحوار لتجاوز المشاكل القائمة، كما حدث في مرات سابقة للحفاظ على علاقات التعاون القائمة بين البلدين الجارين»، معتبرة أن بعض ردود الأفعال التي شككت في الرواية المغربية للأحداث تخالف «الوقائع التي لا يمكن الشك في حدوثها». ويعتبر البيان الرابع من نوعه خلال شهر تقريباً، ما يشير الى نفاد صبر السلطات المغربية حيال «تجاوزات» قوات الشرطة وحرس الحدود التي اتهمتها منظمات حقوقية مغربية «بممارسة العنصرية ضد المغاربة»، فيما ارتفعت بعض الأصوات في إسبانيا مطالبة بفتح تحقيق في ملابسات الأحداث التي من شأنها أن تزيد توتر العلاقات بين الرباطومدريد. إلى ذلك، قال مسؤول مغربي ل «الحياة» إن بيانات الخارجية «تستند إلى الوقائع التي شهدتها المعابر الحدودية، وكذلك تعرض مهاجرين متحدرين أفارقة إلى ممارسات عنصرية»، مؤكداً أن «لا خلفيات سياسية تتحكم فيها». وأشار إلى تمسّك بلاده «بمبادرة سابقة لحض الجار الإسباني على الدخول في مفاوضات للبحث في مستقبل المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، بما يضمن السيادة المغربية ويصون المصالح الاقتصادية والتجارية لإسبانيا». وشدد على أن الرباط «ترفض أن تصبح طرفاً في مزايدات انتخابية بين الأحزاب الإسبانية المتنافسة»، مشيراً إلى أن بلاده أبلغت مدريد باستمرار بأنها «ترفض فرض الأمر الواقع في المدينتين المحتلتين تحت أي مبرر». ويسود اعتقاد بأن ملف المدينتين بات يستخدم على نطاق واسع في حشد التأييد لأحزاب متطرفة تقدم المغرب على أنه «مصدر كل المخاطر الآتية من الجنوب»، غير أن ردود فعل السلطات المغربية إزاء «التخلي عن مهاجرين أفارقة في عرض الساحل المتوسطي» يطرح تساؤلات جدية عن مستقبل التعاون والتنسيق بين الرباطومدريد في التصدي لتنامي الهجرة غير الشرعية. وترفض الرباط إقحامها في خطة ترحيل المهاجرين الأفارقة ممن يثبت أنهم عبروا إلى إسبانيا من الأراضي المغربية. وتدعو في مقابل ذلك إلى مقاربة شاملة لمساعدة بلدان الساحل جنوب الصحراء في تكريس التنمية والاستقرار للحد من تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية. وكانت الرباط استضافت أكثر من مؤتمر أفريقي - أوروبي خُصص للبحث في معضلات الهجرة، إلا أن التنسيق بين الرباطومدريد في هذا المجال مرشح للفتور في حال عدم تطويق الأزمة الراهنة. ولاحظت المصادر أن الجزائر غابت عن تلك المؤتمرات نتيجة خلافاتها مع المغرب، فيما انتقدت بعض الصحف المغربية أمس موقف الجزائر الذي يبدو من وجهة نظرها أقرب الى الميول الإسبانية. إلا أن مصادر رسمية نفت أي علاقة للأحداث الراهنة بالوضع الإقليمي، مؤكدة أن «مدريد حرة في اختيار شركائها في إطار توازن إقليمي».