اضطر الفنان التونسي، سليم بكوش ،الى إلغاء حفله الغنائي الأول الذي كان مقررا الاثنين على المسرح الروماني في إطار الدورة السادسة والأربعين لمهرجان قرطاج الدولي على خلفية موجة الاحتجاجات التي طالته اثر نشر مقاطع فيديو تظهره وهو يغني أمام يهود في تونس. وقال المطرب التونسي في رسالة اعتذار وجهها إلى إدارة المهرجان الذي انطلقت فعالياته في الثامن من تموز/يوليو الماضي، ونشرتها الصحف المحلية "يتعذر علي وعلى مجموعتي تقديم عرض "نورانيات 2010" المبرمج في التاسع من آب/أغسطس الجاري بمسرح قرطاج"، مضيفا "لقد حاولت ومجموعتي في هذا الجو المشحون إعداد عرضنا لكن الحملة التي استهدفت شخصي وصلت حد التجريم ومس الأعراض مما اثر على نفسيتنا ومعنوياتنا وادخل اضطرابا على سير التحضيرات لموعد أردناه ولادة فنية جديدة". وأضاف "احتراما لكل من وضع ثقته فينا لا يمكنني تقديم هذا العرض كما أردناه في موعده". وكانت إدارة مهرجان قرطاج التي شطبت هذا الحفل من البرنامج على موقعها على الانترنت قد أعلنت في وقت سابق إلغاء الندوة الصحافية التي كان من المقرر ان يعقدها بكوش قبل عرضه على مسرح قرطاج الأثري في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس. وشن نشطاء ومستخدمون لشبكة "فيسبوك" الاجتماعية في تونس مطلع هذا الشهر حملة شرسة ضد مغنين تونسيين من بينهم الفنانين محسن شريف وسليم بكوش، اثر نشر مقاطع فيديو على الانترنت تظهر الأول وهو "يهتف بحياة" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ،وذلك نزولا عند رغبة أحد الحاضرين، خلال حفل في مدينة ايلات في إسرائيل شارك فيها المغني الشعبي نورالدين الكحلاوي وعبد الوهاب الحناشي. واظهر تسجيل آخر الفنان سليم بكوش وهو يغني "الغريبة لا تتركني" في احتفال أقيم بمناسبة الحج السنوي إلى كنيس الغريبة اليهودي في جزيرة "جربة" جنوب البلاد. وأثارت هذه المشاركة التي لم يحدد تاريخها موجة من الاستنكار والاحتجاج بين صفوف رواد الانترنت وفي الأوساط الثقافية في تونس. ودعت نقابة مهن الفنون التشكيلية في تونس الى "فتح تحقيق فوري واتخاذ الإجراءات الردعية للازمة" مؤكدة على ضرورة "محاصرة ورفض كل أشكال التطبيع سواء بالتشهير أو مقاطعة كل من ثبت تورطه". وفي سياق متصل استنكر الحزب الديمقراطي التقدمي (معارض معترف به) في بيان حصلت فرانس برس على نسخة منه الاثنين ما وصفه "بالجريمة"، معتبرا ما أقدم عليه الفنانون التونسيون "تنكرا لواجب المؤازرة الأخوية للشعب الفلسطيني وطعنة لكفاحه من أجل حريته واستعادة وطنه المحتل". وأكد على ان "هذا العمل الأخرق يمثل درجة قصوى من التطبيع مع الكيان الصهيوني". وطالب ب"شطب المشاركين التونسيين في الحفل من قائمة الفنانين المحترفين وحرمانهم من الدعم العمومي ومنعهم من الظهور مستقبلا في وسائل الإعلام التونسية"، كما طالب ب"إحالتهم على القضاء بتهمة تمجيد مجرم حرب ومحاسبتهم على فعلتهم"، حتى "لا تصبح الممارسات التطبيعية ظاهرة مألوفة ..."، لا سيما "تلك التي تتم تحت غطاء الثقافة أو الإعلام أو الفن". وسبق أن أوقف الجمهور عرض الفيلم التونسي الفرنسي "فاطمة" خلال أيام قرطاج السينمائية في تشرين الأول/أكتوبر 2002 لمشاركته في مهرجان إسرائيلي. ولا تقيم تونس علاقات دبلوماسية مع إسرائيل الا أنهما فتحتا "مكتبا لرعاية المصالح" في كلا البلدين عام 1994 وعينتا ممثلين دائمين فيهما. لكن تم تجميد هذه الإجراءات في تشرين الأول/أكتوبر 2000 فى خطوة ارادت فيها تونس آنذاك الرد على قمع اسرائيل للانتفاضة الفلسطينية. وتستقبل تونس زوارا اسرائليين خصوصا خلال فترة الحج السنوي الى "كنيسة الغريبة" الواقعة في جزيرة جربة على بعد 400 كلم جنوب العاصمة التونسية.