عاد سفير الجزائر لدى مالي إلى باماكو إيذانا بطي أزمة حادة اندلعت بين البلدين في فبراير (شباط) الماضي، بسبب إقدام السلطات المالية على إطلاق سراح عضوين جزائريين في تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، كانا محل طلب رسمي بتسليمهما إلى الجزائر. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس خبر عودة السفير نور الدين عيادي إلى باماكو من جديد، بعد أن تم استدعاؤه إلى الجزائر «للتشاور» في 23 فبراير. واعتبرت الحكومة الجزائرية حينها أن قرار مالي بالإفراج عن إرهابيين مطلوبين في البلدان المجاورة، «تطور خطير على أمن واستقرار منطقة الساحل والصحراء، ويخدم مصالح المجموعة الإرهابية التي تنشط في المنطقة تحت لواء تنظيم القاعدة». وأفرجت باماكو عن الجزائريين رفقة موريتاني ومواطن من بوركينافاسو، اشترطت «القاعدة» إطلاق سراحهم مقابل فك قيود رهينة فرنسي يسمى بيير كامات. وكان للتنظيم المسلح ما أراد في النهاية؛ إذ مارست فرنسا ضغوطا على مالي حملتها على تنظيم محاكمة شكلية للمسلحين الأربعة المعتقلين منذ أبريل (نيسان) 2009 وتمت إدانتهم بالسجن 9 أشهر، وهي مدة غطت فترة اعتقالهم فاستعادوا حريتهم. واحتجت موريتانيا على إطلاق سراح مواطنها وسحبت حينها سفيرها لدى مالي. في سياق آخر، دعا رئيس أكبر منظمة حقوقية في الجزائر إلى إلغاء المتابعة القضائية ضد 10 مرحلين من معتقل غوانتانامو، بدعوى أن القضاء لا يملك الأدلة على إدانتهم بتهمة الإرهاب. وقال مصطفى بوشاشي رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، إن الحكومة «مدعوة لإسقاط تهمة الإرهاب» عن 10 معتقلين تم ترحيلهم من غوانتانامو خلال السنتين الماضيتين، على أساس أن «الدولة التي يفترض أنها أكبر ضحية للإرهاب برأتهم من شبهة الانتماء إلى تنظيم القاعدة». وذكر المحامي بوشاشي ل«الشرق الأوسط» أن «الرابطة تستغرب متابعة الرعايا الجزائريين العائدين طوعا أو المرحلين قسرا من السجن الأميركي. فزيادة على أن القضاء الأميركي برأهم من شبهة الإرهاب، لا تملك الحكومة الجزائرية دليلا على تورطهم في أنشطة إرهابية، لذلك لا يوجد أي مبرر لمتابعتهم قضائيا». ويقع المرحلون العشرة تحت طائلة تهمة «الانتماء إلى جماعة إرهابية تنشط في الخارج»، وقد وضعهم قاضي التحقيق في محكمة الجزائر العاصمة تحت الرقابة القضائية، وأفرج عنهم. واستفاد اثنان منهم من البراءة العام الماضي، بينما لا يزال الآخرون ينتظرون المحاكمة. وأضاف بوشاشي الذي يدافع عن بعض منهم: «لقد اعتقل كل هؤلاء في بلدان أجنبية (باكستان وأفغانستان)، مما يعني أن ما نسب إليهم من أفعال لا علاقة له بالجزائر، فضلا عن أن كل الأجهزة الأمنية التي حققت معهم لم تثبت ضلوع أي واحد منهم في الإرهاب أو انخراطه في جماعة إرهابية، فعلى أي أساس قانوني نتابعهم جزائريا بتهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية في الخارج؟». يشار إلى أن آخر معتقلين دخلا الجزائر عائدين من المعتقل منذ أسبوع، أحدهما يسمى عبد العزيز ناجي، ووجهت له تهمة الإرهاب وأفرج عنه. وقد أثارت منظمات حقوقية دولية ضجة كبيرة حول «اختفائه»، مما دفع النيابة العامة إلى إصدار بيان يوضح أنه كان قيد التحقيق. أما الثاني الذي يجهل اسمه فلا يزال خاضعا للتحقيق.