انتقدت جمعية حقوقية مغربية أوضاع حقوق الإنسان بالبلاد، وقالت إنها ما زالت تعرف الكثير من الانتهاكات مثل الاختطاف والتعذيب، والمحاكمات السياسية والتضييق على الصحافة، كما وصفت الجمعية حملة الانتقادات التي وجهت إليها مؤخرا، بسبب مواقفها من عدد من القضايا بأنها «عدوانية» و«شنيعة»، هدفها إضعاف الجمعية والنيل من مصداقيتها. وذكر تقرير للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حول وضعية حقوق الإنسان خلال العام الماضي والنصف الأول من العام الحالي قدم أمس بالرباط، أنه تم تسجيل 13 حالة اختطاف واحتجاز خارج القانون في ملفات مرتبطة بمحاربة الإرهاب خلال ال6 أشهر الأولى من العام الحالي، فيما تابعت الجمعية العام الماضي، 17 حالة اختطاف جديدة، تتراوح مدة اختفائهم ما بين بضعة أيام إلى بضعة أشهر، قبل أن يحالوا إلى القضاء، أو يتم إطلاق سراحهم، وأن عدد المعتقلين السياسيين وصل إلى 130 معتقلا منهم من تم الإفراج عنهم بعد إتمام عقوبتهم السجنية، أو تم إطلاق سراحهم. وانتقد التقرير عدم حصول أي تقدم بخصوص الكشف عن الحقيقة المتعلقة بملف المناضل اليساري المهدي بنبركة الذي تم اختطافه واغتياله بباريس عام 1965، وكذا ملف الحسين المانوزي، وعدم نشر لائحة بأسماء المختطفين مجهولي المصير وعددهم 742 الذين أعلنت هيئة الإنصاف والمصالحة التي كلفت بتسوية ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان عن توصلها إلى حقائق عن ظروف اختفائهم. وكشف التقرير عن استمرار التعذيب في مراكز الاعتقال والسجون، وإفلات المتورطين في ذلك من العقاب. وفيما يتعلق بالحريات العامة والفردية، أشار تقرير الجمعية إلى أن العام الماضي تميز بخروقات جديدة للحريات تمثلت في التضييق على حرية الصحافة، واستمرار تهم «المس بالمقدسات»، وأورد التقرير أمثلة على ذلك من بينها محاكمة أصحاب المدونات الإلكترونية، وإتلاف 50 ألف نسخة من مجلتي «تيل كيل» و«نيشان»، وحجز ممتلكات «لوجورنال» ومحاكمة صحف مغربية مثل «أخبار اليوم» و«المشعل»، و«المساء» و«الأحداث المغربية» و«الجريدة الأولى» في قضايا مختلفة. كما أشار التقرير إلى أن النصف الأول من العام الحالي عرف «ابتداع أساليب جديدة ضد الصحافيين المغاربة من خلال تلفيق تهم تندرج ضمن تهم الحق العام»، وأورد مثالا على ذلك ما تعرض له الصحافيان توفيق بوعشرين وعلي عمار. ووصف التقرير القضاء المغربي بأنه غير مستقل ويتميز بضعف كفاءته ونزاهته، وبتفاقم الرشوة داخل أجهزته، ويتضح ذلك، حسب التقرير، من خلال انتهاك الحق في المحاكمة العادلة في كل القضايا السياسية، وقضايا الفساد التي يتورط فيها أصحاب النفوذ. كما تطرق التقرير إلى تعرض المهاجرين واللاجئين للاعتقال والمحاكمة بسبب احتجاجهم على عدم احترم المندوبية العليا للاجئين والسلطات المغربية لحقوقهم، وتعرضهم للترحيل التعسفي. وفيما يتعلق بمعتقلي ما يعرف ب«السلفية الجهادية» الذين يخوض عدد كبير منهم حاليا إضرابا عن الطعام لأكثر من شهر، طالبت الجمعية بإعادة محاكمتهم، أو إطلاق سراحهم، لأن الأغلبية الساحقة منهم لم تثبت ضدهم التهم الموجهة إليهم، بل اعتقلوا بسبب آرائهم في إطار قانون مكافحة الإرهاب. كما سجل التقرير انتهاكات لحقوق النساء والأطفال والأشخاص المعاقين، وغياب حماية الحق في البيئة السليمة. وردا على سؤال حول تجاهل التقرير لأوضاع حقوق الإنسان بمخيمات تندوف حيث مقر البوليساريو، قالت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية إن جمعيتها لا تتوفر على مصدر موثوق لإطلاعها على الأوضاع هناك، وإنها تتوصل بمعطيات وتقارير متناقضة، لذلك قررت الجمعية القيام بتحريات خاصة بها حول هذا الموضوع، إلا أنها لم تشرع بعد في تنفيذ هذه الخطوة. وأوضحت الرياضي أن هناك هوة بين الخطاب الرسمي حول حقوق الإنسان والممارسة على أرض الواقع، مشيرة إلى أنه بعد 2001 حصل تراجع عن عدد كبير من المكتسبات التي تحققت في نهاية التسعينات من القرن الماضي، والتي تميزت بمصادقة المغرب على عدد من الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان، والإفراج عن عدد من المعتقلين السياسيين. وقالت إن التراجع لم يقتصر على القضايا المتعلقة بالإرهاب بل تعداها إلى مجال الحريات وعلى رأسها حرية الصحافة.