"الطريق الذي كنت فيه ليس طريقا صحيحا وغير موصل إلى رضوان الله''، هي كلمات اعترف بها تواتي عثمان المدعو أبو العباس، رئيس اللجنة الشرعية بتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وعضو مجلس الأعيان، لبقايا العناصر الإرهابية المتواجدة بالجبال، موجها رسالة إلى بقايا العناصر الإرهابية المتواجدة بالجبال ينصحهم فيها بضرورة تطليق العمل المسلح والعودة إلى جادة الصواب.. رسالة موعظة كتبها رئيس اللجنة الشرعية بخط يده، كلها عبارة عن تراجع عن معتقدات ثبت أنها خاطئة، ومازال البعض يؤمن بها بسبب التغرير، ''مما لاشك فيه أنّ الإصلاح بين المسلمين من العبادات الجليلة والقواعد العظيمة التي جاءت في الشريعة الإسلامية، تأمر بها وتحث عليها، والتي هي جماع من الدين، فإن إصلاح ذات البين من أجل القربات وأفضل الطاعات، وعليه ينبغي علينا جميعا السعي في ذلك؛ أي في الإصلاح، وذلك حتى تستقيم الأمور ويستتب الأمن ويرفع هذا البلاء وتعود المياه إلى مجاريها''. ودعا أبو العباس في الرسالة التي خطها وبأدلة شرعية وأحاديث نبوية وآيات من القرآن الكريم إلى أهمية العدول عن العمل المسلح لما فيه من ضرر للبلاد والعباد وخدمة للدّول التي تترصد الجزائر بصفتها دولة مسلمة، وتترصد الإسلام بشكل عام، مؤكدا أن العمليات التي تقودها العناصر الإرهابية هي حرب بين الإخوة المسلمين لا يستفيد منها إلا أعداء الأمة، لأنهم يرغبون في أن تبقى الحروب بين المسلمين دائرة رحاها، ''واعلموا إخوتي أن هذه الحرب والإقتتال الدائر بين المسلمين المستفيد منه، هم أعداء هذه الأمة من يهود ونصارى، فهم يحبون أن يكون أهل الإسلام في حروب دائمة مستمرة''، وعاد رئيس اللجنة الشرعية للإفتاء في عدم شرعية العمل المسلح بالقول:''مما لاشك فيه إخوتاه؛ أنكم ما خرجتم من دياركم إلاّ من أجل إقامة الدين فهذه نيتكم، إلا أنه لا يكفي في العمل صلاح النية، بل يجب أن يكون صوابا، فإن أي عمل لا يكون صالحا إلا إذا اجتمع فيه شرطان أساسيان؛ هما الإخلاص لله تعالى، وأن يكون العامل له علم وبصيرة، ولهذا يقول ربنا تبارك وتعالى ''ليبلوكم أيكم أحسن عملا''، داعيا إلى أهمية التبصر في دين الله وانتهاج مسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسلك أصحابه في الدعوة إلى الله، من خلال اعتماد الحكمة والدعوة بالتي هي أحسن، لأن دين الإسلام يسر، سماحة وعدل ورعاية للحقوق العامة والخاصة يضيف أبو العباس، وليس دين قسوة وغلظة، واستطرد المتحدث في رسالته التي جاءت عبارة دعوة صادقة لمن تبقى من عناصر بالجبال، من أجل التخلي عن العمل المسلح لما فيه من تعد على الدين وخروج عن السلطان في البلد المسلم، ''الإسلام دين يعنى بتحقيق الأمن والطمأنينة والإستقرار، ولا يخفى أن من قواعد الشريعة تفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما، وارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت أعلاهما''، وفي هذا يقول أبو العباس أنه تأكد من أن الطريق الذي كان يسير فيه بانضمامه إلى تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، كان طريقا خاطئا ومعاكسا لمرضاة الله فتخلى عنه وترك العمل المسلح وعاد إلى أهله وعائلته، ''ومن خلال ما تقدم ذكره، رأيت أن الطريق الذي كنت فيه ليس طريقا صحيحا وغير موصل إلى رضوان الله تعالى ..وكذلك ما جاء عن العلماء قديما وحديثا من فتاوى في عدم مشروعية الجهاد في بلادنا، وفي عدم جواز الخروج على أئمة الإسلام''، مؤكدا أنّ ما صدر عن علماء الأمة من فتاوى، بعدم شرعية العمل المسلح في الجزائر، جعله يقتنع بضرورة التخلي عن العمل المسلح والعودة إلى الحياة المدنية، وشدّد المتحدث في الرسالة التي تحوز ''النهار'' نسخة منها، على ضرورة أن يحاسب الإنسان نفسه، وأن يتفقد أحواله، لأن الإنسان إذا حاسب نفسه بصدق وتجرد، يتبين له الخطأ ويبصره الله بخطئه، وهو ما يجب أن تفعله العناصر المتبقية بالجبال - حسب أبو العباس-، داعيا إياهم إلى ضرورة مراجعة مسالكهم في الدعوة إلى الله، والنظر في عواقب تصرفهم طيلة أعوام عديدة وما نتج عن ذلك، وأضاف أن ما تقوم به عناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال تعطي لأعداء الإسلام ما يسندهم في افتراءاتهم على الإسلام وأهله وأنه دين وحشية وقسوة وعداوة للإنسانية، وهو عكس حقيقة الإسلام. أبو العباس واسمه الحقيقي تواتي عثمان، كان يشغل منصب رئيس اللجنة الشرعية للتنظيم، وعضو مجلس الأعيان بتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، ينحدر تواتي عثمان من منطقة برج منايل بولاية بومرداس؛ الواقعة 60 كيلومترا شرقي الجزائر، التحق بالجماعات المسلّحة منذ 1993، وسلّم نفسه إلى مصالح الأمن في 25 ماي الماضي. وظل أبو العباس في السنوات الماضية، إلى جانب أمير الجماعة عبدالمالك دروكدال المعروف باسم أبو مصعب عبد الودود، حيث شغل منصب الضابط الشرعي في الجماعة السلفية، وهو المنصب الذي لا يتولاه إلا محيط الأمير ورجال ثقته، وهو يحظى بسلطة الحل والربط والإفتاء، والتسليم على المبايعة، والفصل في الخلافات الداخلية بين عناصر التنظيم. ونجحت السلطات في إقناع الضابط المفسر الحالي بمنطقة الوسط، وعضو مجلس الأعيان بقيادة الجماعة السلفية للدعوة والقتال، ورئيس اللجنة الشرعية، بتسليم نفسه بفضل مساعدة زوجته التي توصلت إلى إقناعه بالتخلي عن الجماعة الإرهابية والعودة إلى عائلته. في هيئة محترمة وبهندام نظيف وبصحة جيدة دخل الرجلان جنبا إلى جنب، كانت حقيقة واضحة عما تم ترويجه عن المعاملة السيئة من قبل السلطات التي كانت كلها مجرد افتراءات لحمل العناصر الراغبة في التوبة على البقاء في الجبال، والإستمرار في الخطأ ومحاربة المسلمين. قياديين من تنظيم ''الجماعة السلفية للدعوة والقتال'' سلما نفسيهما للسلطات، وهما قائد أركان التنظيم الإرهابي سمير مصعب ورئيس اللجنة الشرعية وعضو مجلس الأعيان ''أبو العباس''، وصدر في حقهما قرارات انتفاء وجه المتابعة في إطار قانون المصالحة، لأن الرئيس بوتفليقة وعدهم ووفى بوعده، وهم اليوم مع أهلهم وذويهم، حيث لن يمسسهم سوء.بعباءة سوداء وسروال سلفي دخل يحمل بيده ورقة كتب عليها بخط يده رسالة إلى العناصر المسلحة المتبقية بالجبال، ليعظهم علهم يهتدون، كيف لا وهو من كان بالأمس القريب يفتيهم فيستجيبون، وبعد أن ثبت أنه كان على خطأ، أبى إلاّ أن يقول لهم:''إخوتي لم أكن على صواب فاتبعوني''، رغبة منه في إخراجهم من ظلمات الجبال إلى نور المصالحة الوطنية، ومن ذلك إلى الحياة الكريمة والعيش في وسط الأهل الأحبة، هكذا قال ''أبو العباس'' عثمان بن تواتي رئيس اللجنة الشرعية لتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وعضو مجلس الأعيان، الذي كان يتحدث والندم يملأ عينيه، قالها صراحة ''لقد كنت على خطأ''، كان يسعى لأن يوصل رسالة واضحة إلى العناصر الإرهابية، غير أن الكلمات كانت تخونه من حين إلى آخر، فيعود ويقول لم أكن على الطريق الصواب، أخطأت وخرجت عن السلطان، ويا ليت إخوتي يعقلون، بصوت خافت كان يتحدث ويحاول أن يوصل رسالته بصدق، ليقول عودوا إلى رشدكم واتبعوني، فأنا من أفتيتكم سابقا وأتحمل وزر ما تفعلون اليوم، فلا تحملوني أكثر مما أستطيع.. كلمات وإن لم تنطق بها شفتاه، إلا أن تعابير وجهه وملامحه وصوته كانا يقولان الكثير.. أما الثاني والذي تفاجأت أنا شخصيا برؤيته، فكان سمير سعيود المدعو سمير مصعب مسؤول الإتصالات الداخلية والخارجية بالتنظيم، هو الآخر سلم نفسه سنة 2007، كنت اعتقد أنه مصاب أو فقد أحد أطرافه أو توفي، لما تم ترويجه من قبل، غير أنّه كان في صحة جيدة، ولم يتوقف -منذ أن دخل- عن الإبتسام، ومد النصائح التي كان يوجهها صراحة عبر رجال الصحافة الذين حضروا اللقاء، إلى من تبقى من عناصر مسلحة بالجبال.. مازال حيا لقد رأيته أمس رفقة أبو العباس.. قميص أبيض ناصع ولحية خفيفة وبصحة جيدة، دلت عليها حمرة وجنتيه والإبتسامة التي لم تفارقه. لماذا ظهر الرجلان معا.. سؤال تبادر إلى الأذهان عندما دخل الرجلان معا، فالاثنان شغلا مناصب قيادية في تنظيم الجماعة السلفية، والأول التحق بالحياة المدنية، بعد أن نجا من الموت بمساعدة السلطات الأمنية، وهو حي اليوم بفضل الله ثم بمساعدة السلطات، والثاني التحق حديثا، ربما تكون الإجابة في أن الأول وهو سمير سعيود، لم يهن عليه ترك الرجل الثاني في التنظيم على ضلال، خاصة ما تعلق بمعاملة السلطات الأمنية عند تسليم العناصر الإرهابية لنفسها، فتوسط وصال وجال وأقنع الرجل بالعودة إلى جادة الصواب، هي خطوات كانت تتم سرا، لأنها دعوة إلى الخير ونهي عن المنكر، تخص أحد أبرز قيادات التنظيم الذي لو لم يسلم نفسه لكان الموت حليفه، لأنه كان حقا على خطأ، لكن الدعوة اليوم تم الجهر بها لخدمة الصالح العام، والداعي إليها اليوم هو من كان بالأمس يظن أنه على صواب، تراجع عن معتقداته والإنسان يخطئ ويصيب وخير الخطائين التوابون.. يدعى سمير مصعب واسمه الحقيقي سمير سعيود، قائد أركان الجماعة السلفية للدعوة والقتال، مسؤول خلية الإنتحاريين، التحق بالجماعة السلفية للدعوة والقتال بعد الإفراج عنه في المرة الأولى، وهو من مواليد 1972 بالأخضرية، وتولى سمير البالغ من العمر 38 سنة، والمنحدر بالتحديد من منطقة لعزم الرقم الثاني في تنظيم ''الجماعة السلفية للدعوة والقتال''، ومعروف عنه أنه تولى مسؤولية ''منسق الجماعة السلفية'' بعد تولي ''أبو مصعب عبد الودود''، قيادتها في سبتمبر 2004، كما سجن مرات عدة في قضايا إرهاب بولاية المدية، قبل أن يفرج عنه في إطار تدابير قانون الوئام المدني 1999، ليعود مجددا إلى نشاطه. وكان منسق تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، مصعب أبو عبد الله، واسمه الحقيقي سعيود سمير الذي أعلن القضاء عليه في مواجهة مع الجيش في2007، غير أنّه ثبت أنّه حي يرزق مع عائلته، وكان سعيود قد نقل على إلى مستشفى في العاصمة شهر أفريل 2007، بعد اشتباك مع الجيش في منطقة سي مصطفى بولاية بومرداس، إثر رفضه التوقف عند حاجز أمني، لينجو بأعجوبة من الموت، بعد أسابيع من العناية الطبية المركزة. وقد كان لظهور سمير مصعب أثر موجع على قيادة التنظيم الإرهابي حيث تبين لها بالملموس بطلان الأكاذيب التي كانت تفيد ضمن التنظيم الإرهابي، بأن الجيش لا يتردد في قتل الإرهابيين من أجل القتل فقط، فقد تم إنقاذ حياة مصعب سمير بأعجوبة وإستفاد من الرعاية الطبية المكثفة بالمستشفى العسكري عين النعجة بالعاصمة. قال أبو العباس واسمه الحقيقي تواتي عثمان، رئيس اللجنة الشرعية لتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وعضو مجلس الأعيان أن الدعوة الى الله لا تكون بالسلاح، وإنما بالكلمة الطيبة، لأن أعداء الإسلام من اليهود والنصارى يتربصون بالمسلمين، ويسعون لتشويه سمعة الإسلام بإلحاق القسوة والظلم بالمسلمين، متمنيا أن تلقى رسالته استجابة لدى العناصر المتواجدة في الجبال، ''أتمنى أن تكون هناك استجابة أنهم على خطأ وأرجو أن يهتدوا الى الحق''، لافتا الى أنه بنى رسالته على ما جاء في فتاوى علماء الأمة الذين جرموا العمل المسلح بالجزائر واعتبروه تعديا على حرمة المسلمين، ولفت أبو العباس الى أن أشخاصا كثر استفادوا من العفو بعد توبتهم والدليل حالته هو، ''أنتم ترون أنا بصحة جيدة ومطمئن على حالي عكسما كان بالجبال أين كان الموت يترصدنا من كل جانب، والحياة كانت ضنكى من أجل معتقدات ثبت أنها خاطئة''، ''كانوا يقولون أن مصالح الأمن تعذب من يسلم نفسه غير أنني تفاجأت بالمعاملة الطيبة، وأنتم ترون حالتي اليوم، هذه الحقيقة غائبة تماما عن العناصر المتواجدة بالجبال فالكل لديهم صورة عن التعذيب والمعاملة السيئة ولكن الحقيقة هي العكس''، وأضاف المتحدث في لقاء جمعه بالصحافة رفقة سمير سعيود أمس، أن العناصر المسلحة تحمل أفكارا مضطربة غير أنها في حال عودتها الى فتاوى علماء الأمة، سيتمكنون من العودة الى الطريق الصواب الذي يؤكد حرمة ''الجهاد'' في الجزائر وحرمة دماء الجزائريين، ''يجب الاستجابة لنداء علماء الأمة المشهود لهم''، موضحا أنه من الضروري مراجعة النفس والرجوع عن المعتقدات الخاطئة. قال سمير مصعب واسمه الحقيقي سمير سعيود، قائد أركان الجماعة السلفية للدعوة والقتال، مسؤول خلية الانتحاريين، أن كل الفتاوى الصادرة عن علماء الأمة الإسلامية المشهود لهم بالعلم تؤكد حرمة دماء المسلمين، داعيا العناصر المتبقية بالجبال بالعودة الى فتاوى هؤلاء على غرار عبد القادر بن عبد العزيز الذي كان مفتي الجماعات السلفية، وأفتى بشرعية القتال في الجزائر ثم تراجع عنه وأفتى بحرمته، وكذا خضير الخضير، وسلمان فهد العودة المحسوبين على التيار السلفي، والذين أكدوا جميعا على أن الجزائر أرض مسلمة وشعبها مسلمة يحرم قتاله وتحرم دماؤه، بأدلة وحجج شرعية، ''كل الفتاوى ضدنا كنا نعتقد بأن ما كنا نقوم به جهاد غير أن القناعة ذهبت وتأكدنا بأن ما يحدث هو خدمة لليهود والنصارى ولن تخدم الإسلام في شيء'' بالمقابل، فند سعيود الذي تم إلقاء القبض عليه منذ سنة 2007، أن ما تلقاه من معاملة من مصالح الأمن، جعله يثق فيها ويعمل على إقناع العناصر المتبقية بالجبال في تسليم نفسها، حيث قال في دعوته لهم بالعدول عن العمل المسلح ''والله مصالح الأمن ناس ملاح ما تخافوش سلموا أنفسكم فلن تندموا''، مؤكدا أنه عليهم الالتحاق بركب التائبين لأنهم يملكون ضمانات. رسالة أبو العباس رئيس اللجنة الشرعية لتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نداء إلى الإخوة الله رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض أنت تحكم بين عبادك، فيما كانوا فيه يختلفون هدنا لما اختلف فيه من الحق، بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. مالا شك فيه أن الإصلاح بين المسلمين من العبادات الجليلة والقواعد العظيمة التي جاءت الشريعة الإسلامية تأمرها وتحث عليها، والتي هي من جماع الدين. فإن إصلاح ذات البين من أجل القربات وأفضل الطاعات، وقال الله تعالى ''لا خير في كثير من نجواهم، إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس''، وقال تعالى :''فاتقوا الله أصلحوا ذات بينكم'' وقال تعالى: ''إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم''، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ''ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا أخرجه في الصحيحين''، وقال عليه الصلاة والسلام:''تعدل بين الإثنين صدقة. الحديث أتى يصلح بينهما بالعدل والنصوص في ذلك كثيرة ولله الحمد''. وعليه ينبغي علينا جميعا السعي في ذلك أي في الإصلاح وذلك حتى تستقيم الأمور ويستتب الأمن ويرفع هذا البلاء وتعود المياه إلى مجاريها. لا يتم هذا إخوتاه إلا بالرجوع إلى كتاب الله تعالى والعمل بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم.قال الله تعالى:'' فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكمون فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما''، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمة لن تضل ما تمسكت بهذا الأصل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:''تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، كتاب الله وسنتي''. وهذا الأصل مرجعه إلى الإيمان الكامل واليقين الصادق بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد جاء بكل خير وحذّر من كل شر. واعلموا اخوتاه أن هذه الحرب والإقتتال الدائر بين المسلمين، المستفيد منهم أعداء هذه الأمة من يهود ونصارى، فهم يحبون أن يكون أهل الإسلام في حروب دائمة مستمرة.ومما لا أشك فيه إخوتاه أنكم ما خرجتم من دياركم، إلا من أجل إقامة الدين فهذه هي نيتكم، إلا أنه لا يكف في العمل صلاح النية، بل يجب أن يكون صوابا. فإن أي عمل لايكون صالحا ولاحسنا، إلا إذا اجتمع فيه شرطان أساسيان هما:الشرط الأول: الإخلاص لله تعالى والشرط الثاني: أن يكون العامل به على علم وبصيرة ولهذا يقول ربنا تبارك وتعالى :''ليبلوكم أيكم أحسن عملا''، قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى:''أحسنه أصوبه وأخلصه''. فعلى إخواننا التبصر في دين الله تعالى وانتهاج مسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسلك أصحابه رضي الله عنهم في الدعوة إلى الله بأن تكون مبنية على الحكمة والدعوة بالتي هي أحسن، قال الله تعالي:''أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن''. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:''بشروا ولاتنفروا ويسروا ولاتعسروا''، فدين الإسلام دين يسر وسماحة وعدل وإنصاف ورعاية للحقوق العامة، والخاصة فليس دين قسوة ولاغلظة''. هو دين يعني بتحقيق الأمن والطمأنينة والإستقرار، ولا يخفى أن من قواعد الشريعة تفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما، وإرتكاب أدنى المفسدتين لتفويت أعلاهما. ومن خلال ما تقدم ذكره رأيت أن الطريق الذي كنت فيه ليس طريقا صحيحا، وغير موصل إلى رضوان الله تعالى. وكذلك ما جاء عن العلماء المعتبرين قديما وحديثا من فتاوي في عدم مشروعية الجهاد في بلادنا، وفي عدم جواز الخروج على أئمة المسلمين، ثم أيها الإخوة الأكارم علينا أن نحاسب أنفسنا وأن نتفقد أحوالنا، فإن الإنسان إذا حاسب نفسه بصدق وتجرد، تبين له الخطأ وبصره الله عز وجل بخطئه. فأرجو من إخواني مراجعة مسالكهم في الدعوة إلى الله والنظر في عواقب تصرفهم طيلة أعوام عديدة وما نتج على ذلك، وإعطاء أعداء الإسلام ما يسندهم في إفترائهم على الإسلام وأهله، وأنه دين وحشية وقسوة وعداوة للإنسانية. أسأل الله تعالى أن يجمع كلمة المسلمين على الحق والدين، وأن يرد إخواننا إلى صراطه المستقيم. كما أسأله تعالى أن يرفع عن أمتنا هذه الفتنة وهذا البلاء الذي نزل بنا إنه قريب مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.