يعيش أعضاء تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، حسب ما أوردته صحف جزائرية، أزمة مؤونة خانقة لم يسبق لهم أن عاشوها من قبل، حيث يجدون صعوبات كبيرة وحادة في الحصول على الغذاء؛ فقد لجأت سرايا الجماعة السلفية للدعوة والقتال في غابات منطقة القبائل، إلى البحث في المزابل القروية والمفرغات (المطارح) العمومية، والقمامات للبحث عن بقايا الأكل قصد مواجهة المجاعة وأزمة المؤونة التي عصفت بهم في الجبال، والتي زادت حدتها في الأشهر الأخيرة. وقد أشارت المصادر الصحافية إلى أن الناشطين في الناحية الجنوبية والناحية الغربية لولاية تيزي وزو، على مستوى المناطق التابعة لكل من دائرة ذراع الميزان، بوغني، واضية، تيزي غنيف، وصولا إلى الحدود مع ولايتي بومرداس والبويرة، هم أكثر من يعانون من الجوع، حيث تحصلت أدلى شهود عيان من عدة قرى بهذه المناطق، أنهم شهدوا في الكثير من الأحيان عناصر إرهابية تلجأ إلى المزابل التي توضع في أماكن خاصة يبحثون فيها عن بقايا الأكل. وفي هذا السياق، أكد شهود عيان أن الناشطين تحت لواء سرية ذراع الميزان يتسللون تقريبا يوميا إلى مزابل قرية «معمر»، 5 كلم شرق مقر بلدية ذراع الميزان، ويقومون بالبحث في أكياس القمامات عن بقايا الغذاء. وحسب المعلومات المتوفرة لدينا - تقول سومية «الجزائر نيوز»- فإن هؤلاء الإرهابيين يتسللون إلى مزابل هذه القرية في الفترات الليلية بين الساعة العاشرة ليلا حتى منتصف الليل قبل مرور مصالح النظافة لرفع القمامات، فيما يقومون بالتسلل إلى المفرغات الغابية المجاورة للقرية بين الساعة الواحدة ليلا حتى أوقات طلوع الفجر، حيث يختلف الوقت حسب الأوضاع الأمنية في المنطقة. ويتوافد هؤلاء بكثرة إلى هذه المزابل عندما يسمعون بوجود حفل زفاف في المنطقة، حيث يكون هناك كميات من بقايا الأكل. هذه المعلومة أكدها كذلك - حسب اليومية الجزائرية نفسها - بعض سكان بلدية فريقات (10 كلم جنوب ذراع الميزان) الذين شهدوا في كل من قرية إرحمونان، آيث حاكم، إحمديوان، هنية وإزراراقن.. شاهدوا عناصر سلفية تلجأ إلى المزابل للبحث عن الأكل في القمامات. وأكثر من ذلك، أكد شهود عيان أنهم شهدوا نهاية الأسبوع المنصرم مقاتلين يطردون الخنازير من مفرغة بقرية آيث كنان، وقاموا هم بالبحث في الأكياس وعلب الكرتون، وقاموا بعزل بقايا الأكل، مشيرين إلى أن البعض منهم وضع هذه البقايا في الكيس وحملها معهم، فيما فضل البعض الآخر أكلها في عين المكان، ما يعكس الجوع الشديد الذي يعيشونه. إرهابيون يقتحمون قرية معمر ويطالبون السكان بالخبز اليابس وقالت صحف جزائرية أخرى إن ناشطين سلفيين بناحيتي جنوب وغرب ولاية تيزي وزو، تجرأوا خلال الأسابيع الأخيرة على مطالبة سكان قرية معمر بمنحهم الخبز اليابس قصد مجابهة الجوع المفروض عليهم. و«حسب المعلومات المتوفرة لدينا - تقول «البلاغ»- فإن الإرهابيين يتسللون إلى هذه القرية في الفترات الليلية تحت جنح الظلام بعيدا عن أنظار قوات الأمن، يدقون أبواب منازل السكان، ويطالبونهم بالخبز اليابس، يحدث هذا - حسب مصادرنا - تقريبا يوميا. ولأجل تفادي اكتشافهم من طرف مصالح الأمن، طالب السلفيون من السكان وضع المواد الغذائية المتبقية من فطور أو غذاء أو عشاء أفراد العائلة، وبصفة خاصة الخبز اليابس في أكياس بلاستيكية خاصة، ورميها في المزابل كي يتسنى لهم أخذها في كل وقت. ظاهرة لجوء الإرهابيين إلى المزابل للبحث عن الأكل تعتبر الأولى من نوعها منذ بداية التنظيم الإرهابي في الجزائر، ما يؤكد أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال تعيش أوضاعا مزرية في كل الجوانب بما فيها الجانب العسكري اللوجيستيكي. تنبعث منهم روائح كريهة ويبحثون عن وساطة لتسليم أنفسهم وحسب المعلومات التي أدلى بها العديد من شهود عيان لـ«الجزائر نيوز»، فإن الإرهابيين الذين يقتحمون قرية معمر للبحث عن الأكل في المزابل، يظهرون في هيئة جد مزرية، حيث أكدوا أن ملابسهم ممزقة، ومتسخة، ويلبسون أحذية مطاطية المعروفة بـ 'الليبوط'. وفي هذا السياق، أشاروا إلى أنهم شهدوا البعض منهم يلبسون زوجا من الأحذية ليست نفسها. وأكثر من ذلك، أكدوا أن رائحة كريهة لا يمكن تحمّلها تنبعث منهم. كما كشفت مصادر موثوقة أن هؤلاء الإرهابيين يبحثون عن وساطة لربط الاتصال بينهم وبين مصالح الأمن لتسليم أنفسهم كونهم سئموا الحياة في الجبال نظرا للوضعية الكارثية والمزرية التي يعيشونها يوميا في معقلهم. وفي هذا السياق، أضافت مصادرنا - تقول اليومية - أن البعض من هؤلاء الإرهابيين اقترحوا على بعض السكان أن يكونوا وسطاء وأن يخبروا مصالح الأمن بالموضوع. بعض الإرهابيين ألقوا خطبة لشباب القرية منذ 15 يوما، حذروهم من خلالها التورط في قضايا الإرهاب، لا من بعيد ولا من قريب، واعترفوا لهم أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال تعيش أسوأ أيامها، وأن كل الإغراءات التي يروّج لها التنظيم الإرهابي عبر بياناتها ومنتدياتها في الأنترنت، والتي تهدف إلى تجنيد عناصر جديدة في صفوفها كاذبة ولا أساس لها من الصحة، مؤكدين لهم أن التنظيم الإرهابي في الجزائر لا مخرج له ولا أهداف له، وهو في أيامه الأخيرة. وتأتي الأزمة الجديدة التي يعيشها التنظيم الإرهابي في منطقة القبائل والمتمثلة في صعوبة الحصول على الغذاء - حسب ما كشفه أحد الإرهابيين التائبين لمصالح الأمن - بعدما نجحت مختلف التشكيلات الأمنية في تجفيف كل منابع التمويل بالمواد الغذائية، خصوصا مع استمرار حملات التمشيط واسعة النطاق التي تشنها قوات الأمن المشتركة في كل مناطق وغابات منطقة القبائل، ما حرمهم من التمويل بالغذاء وبالمعلومات. وقد توصلت مصالح الأمن - حسب المصدر نفسه - في تحقيقاتها مع أحد الإرهابيين التائبين إلى أن الكتائب والسرايا الناشطة في منطقة القبائل تقتات من مختلف المحاصيل الزراعية التي يغرسها الفلاحون في القرى والمزارع الكبرى لاسيما خلال الصيف المنصرم. توريط الشباب القبائلي في شبكات الدعم والإسناد كشف مصالح الأمن الجزائري أن الأمير الوطني للجماعة السلفية للدعوة والقتال، عبد المالك دروكدال (المدعو أبو مصعب عبد الودود) وجه تعليمات لأتباعه تتمثل في تطبيق استراتيجيته الجديدة في توريط شباب منطقة القبائل في شبكات الدعم والإسناد بشكل مباشر، لدفعها للالتحاق بمعاقل التنظيم الإرهابي بالجبال، بعدما يكون هؤلاء الشباب محل بحث من طرف مصالح الأمن. وتأتي هذه الاستراتيجية - حسب المصادر ذاتها - بعدما فشل دروكدال في كسب ثقة وتأييد سكان منطقة القبائل الذين أكدوا في كل مرة عداءهم الشديد للتنظيم الإرهابي، ويسعى كذلك إلى تجنيد عناصر جديدة في صفوفه قصد تغطية النزيف الحاد الذي عرفه تنظيمه مؤخرا لاسيما مع الضربات الموجعة والثقيلة التي تلقاها من طرف مختلف التشكيلات الأمنية، على غرار القضاء على العديد من الإرهابيين من بينهم مسؤولين وأمراء، فضلا عن استسلام العديد من العناصر والتخلي عن العمل المسلح، وهذا يعكس بوضوح المرحلة الصعبة التي يعيشها ما يسمى بالجماعة السلفية للدعوة والقتال والتي بلغت مرحلة العجز واليأس خاصة في منطقة القبائل، بعدما تجرأ العديد من سكان ولاية تيزي وزو على إحباط العديد من المحاولات الإرهابية في تنفيذ عمليات الاختطاف أو عمليات ابتزاز وجرد السكان من ممتلكاتهم وأموالهم.