رغم الطقس السيئ والمخاوف الأمنية فإن معظم المدن الليبية تبدأ اليوم الاحتفال بالذكرى الثانية لاندلاع الثورة الشعبية ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، فيما قرر المؤتمر الوطني (البرلمان) بدء الاحتفالات الرسمية يوم الأحد المقبل انطلاقا من مدينة بنغازي، في محاولة لرد الاعتبار لثاني كبريات مدن ليبيا التي ما زالت تشكو الإهمال وقلة الموارد على الرغم من كونها مهد الثورة. وعلى وقع ظهور قناة فضائية جديدة موالية للقذافي وحرب شائعات عن اعتزام أتباع النظام السابق القيام بثورة جديدة لاسترداد السلطة الضائعة، ينطلق في بنغازي بشرق البلاد أكبر احتفال رسمي بحضور محمد المقريف، رئيس المؤتمر الوطني، والدكتور علي زيدان، رئيس الحكومة الانتقالية. وتوافد آلاف الليبيين إلى شوارع المدن الرئيسية مثل العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي في أجواء احتفالية تخللها رفع علم الاستقلال وتكبيرات المساجد، وسط انتشار ملحوظ لعناصر الجيش والشرطة التي تقوم بتأمين المنشآت والمرافق الحيوية والحكومية خشية تعرض البلاد لأعمال فوضى أو عنف على خلفية هذه الاحتفالات. وقال سكان في طرابلس إن سيارات مدرعة وناقلة للجنود جابت شوارع المدينة مساء أول من أمس وهي تحمل أسلحة ثقيلة ومتوسطة، في إشارة إلى حالة الاستنفار القصوى لقوات الجيش والشرطة. ودعت القوى الفيدرالية جميع أنصارها إلى عدم المشاركة في المظاهرات التي ستقام اليوم حرصا على ما وصفته بالسلم الأهلي وحفظا للحمة الوطنية. واعتبرت هذه القوى في بيان لها أن مسؤولية حماية المتظاهرين والمؤسسات العامة والخاصة تقع على عاتق أجهزة الدولة المختصة وهي وحدها التي تتحمل المسؤولية القانونية والشرعية أمام الشعب الليبي والمجتمع الدولي. لكن مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني والنشطاء والشخصيات الوطنية في المدينة قررت إمهال المؤتمر والحكومة إلى نهاية الشهر المقبل لإصدار القوانين والقرارات التي تؤكد ما وصفوه ب«عودة الحقوق الضائعة»، وتنفيذ تعهدات زيدان بعودة المؤسسات المسلوبة من بنغازي وباقي مناطق ليبيا، وتفتيت المركزية والتوزيع العادل للعوائد الاقتصادية بما يكفل مستوى معيشيا كريما وعادلا لكافة الليبيين. ووصلت إلى ميناء بنغازي دفعة من عربات النمر المصفحة والعربات الناقلة للجنود المدرعة ضمن صفقة لتسليح الجيش الليبي، ستكون مهمتها وفقا لمصادر عسكرية حماية الحدود والمنشآت الحيوية. من جهة أخرى، التقط سكان عدة مدن ليبية إرسال قناة «الخضراء» الموالية للقذافي على القمر الصناعي المصري «نايل سات»، قبل أن تختفي مجددا فيما بدا أنها تبث على مدار قريب من القمر المصري. وتزامن هذا الظهور مع إعلان موالين للقذافي عن تشكيل مجلس عسكري لقيادة الجنوب الليبي برئاسة اللواء علي كنة، أبرز مساعدي الفريق الخويلدي الحميدي صهر القذافي وعضو مجلس قيادة الثورة. لكن السلطات الليبية التي حولت الجنوب قبل عدة أسابيع إلى منطقة عسكرية وأغلقت حدودها مع دول الجوار الجغرافي، تجاهلت هذه المعلومات واعتبرتها وفقا لما أبلغه مسؤول ليبي ل«الشرق الأوسط» هاتفيا من طرابلس، تندرج في إطار حرب الشائعات الحامية الوطيس التي تدور على شبكة الإنترنت منذ بضعة أيام، بين أنصار القذافي والثوار الذين نجحوا في إسقاط نظامه وقتله. ودعت دار الإفتاء الليبية في بيان لها أمس المواطنين إلى التكلم بلغة واحدة هي الوطن. وحث البيان المواطنين على ألا يسمحوا للمتربصين بالثورة أن يستغلوا المطالب المشروعة، معتبرا الدعوات إلى الفيدرالية في وضع ليبيا الراهن بداية الانقسام، وأن الاعتزاز بالعرق والعصبية المذهبية بداية الفرقة والطائفية. من جهته، أعلن عمر حميدان، المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الوطني، أن المؤتمر أقر مبدئيا في اجتماعه الاستثنائي أمس القانون الخاص بالمصابين أثناء حرب التحرير وذوي الإعاقة المستديمة وشكّل لجنة من أعضائه تتولى تجميع الملاحظات التي يمكن إضافتها له تمهيدا لإقراره بصورته النهائية. وكشف حميدان في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الرسمية عن الموافقة على تشكيل لجنة للحوار الوطني، مشيرا إلى أن المؤتمر ناقش أيضا قانون العدالة الانتقالية الذي ينص على تعويض المتضررين من خلال إنشاء صندوق له ميزانية مستقلة، مهمته تولي جبر الأضرار في جميع النواحي الاجتماعية أو الاقتصادية. وقال إن المؤتمر وافق على تشكيل لجنة لصياغة قانون الهيئة التأسيسية، تتكون من 13 عضوا، ثلاثة منهم أعضاء المؤتمر فيما يتم اختيار الأعضاء العشرة الباقين من خارجه أي من الدوائر الانتخابية. وسئل عن مشروع قانون العزل السياسي، فقال حميدان إنه لم يتم التصويت عليه بناء على طلب اللجنة المكلفة بنشر مشروع القانون الذي توصلت إليه عبر وسائل الإعلام بما فيها الإلكترونية حتى تطلع عليه أكبر شريحة من المجتمع قبل عرضه للتصويت لاحقا. إلى ذلك، تعرض فندق بمدينة درنة التي تبعد نحو 1300 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس لأضرار مالية جسيمة إثر انفجار لم تتبناه أي جهة مساء أول من أمس. وقال قيادي في إحدى كتائب الثوار لوكالة الصحافة الفرنسية إن الانفجار ناجم عن عبوة ناسفة في بوابة فندق من فئة 5 نجوم في مدينة درنة في أقصى الشرق الليبي، مشيرا إلى أن الانفجار أسفر عن تحطم العديد من الواجهات الزجاجية للفندق بالإضافة للنوافذ، وتدمير سيارتين على الأقل في المكان، لكن دون خسائر بشرية.