بعد الصدمة والغضب، تحاول فرنسا اليوم الخميس فهم كيف أقدم عاطل عن العمل (42 سنة) على الانتحار حرقا في خطوة نادرة في هذا البلد تعكس اليأس المتزايد في مجتمع يواجه ارتفاع نسبة البطالة. وانتحر الشاب الجزائري جمال شعاب المقيم في فرنسا بشكل قانوني، حرقا الأربعاء أمام وكالة تابعة "لبول انبلوا" الهيئة العمومية التي تدير ملفات حوالى ثلاثة ملايين عاطل عن العمل أي حوالي 10 بالمائة من اليد العاملة الفرنسية. وأعرب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الخميس من نيودلهي، حيث يقوم بزيارة الى الهند تستمر 48 ساعة، عن "تأثره الشديد من هذا الحادث وعائلة هذا العاطل عن العمل الذي انتحر حرقا،" وفق وكالة الأنباء الفرنسية. ووقعت المأساة في نانت غرب فرنساالمدينة التي ينحدر منها رئيس الوزراء الحالي جان مارك ايرولت الذي اعرب عن ايضا عن "تاثره الشديد". وقال المسؤول في الشرطة المحلية فيليب كوساك "انه شخص غير معروف لدى اجهزتنا (الشرطة) انه جزائري الجنسية، استفاد من تصريح إقامة لعشر سنوات، انه رجل عادي كان يعيش حياة عادية في حي عادي". وشعاب متزوج ولا ابناء له، وكان مدينا لمكتب "بول امبلوا" الذي اخذ عليه عدم إعلانه انه يعمل نهاية 2012 وطلب منه تسديد ما تقاضاه مقابل العلاوات التي دفعت اليه. وقالت زوجته طالبة عدم ذكر اسمها لصحيفة لوباريزيان "لست ادري لماذا، لن اتمكن ابدا من ادراك لماذا". وقد اعرب الرجل عن نواياه الانتحارية اولا في رسالة شفهية تركها على الخط الهاتفي المخصص للعاطلين عن العمل ثم في رسالة الكترونية الى صحيفة برس اوسيان الاقليمية. واتصل به حينها مستشارون لمساعدته على التوصل الى حلول بديلة (علاوة التضامن وتمديد مدة الدفع...) لكن دعواتهم ظلت بدون أجوبة حسب مكتب التوظيف. وقال فيليب كوساك انه تم نشر عدد من الشرطيين الأربعاء أمام مكتب التوظيف عبثا، بينما راى شهود عند الظهر وهم عاجزين "الرجل يصل راكضا والنار تشتعل فيه". وألقى عليه الشرطيون بطانية ورشوه بجهاز الإطفاء لكن بعد فوات الأوان، لان الرجل سكب على نفسه البنزين وأشعل النار عند محطة الحافلة قبل ان يقطع ركضا عشرة أمتار كانت بينه وبين مكتب التوظيف. وصرح وزير التوظيف ميشال سابان الذي انتقل الأربعاء الى مكان الحادث ان كل شيء بذل" للحؤول دون وقوع هذه المأساة". واعتبر عمدة نانت الاشتراكي باتريك ريمبير في تصريح لصحيفة ليبيراسيون ان "هذه المأساة تدل على اليأس الذي تتسبب فيه الأزمة والبطالة بين بعض مواطنينا". من جانبه اعتبر العالم النفساني ميشال دبو مؤلف كتاب "الانتحار، من المحرمات الفرنسية" في تصريح لمجلة لكسبرس ان الانتحار حرقا له معنى "احتجاجي"، مؤكدا أن "الانتحار امام مكان رمزي مثل +بول انبلوا+ وابلاغ الصحافة بذلك طريقة لاثارة المجتمع". وفي غشت الماضي، أقدم عاطل عن العمل (51 سنة) على الانتحار حرقا في مانت لاجولي عندما كان في لقاء مع مستشار هيئة اجتماعية اخرى، وهي صندوق العلاوات العائلية. ومنذ بضعة أسابيع كثرت إعلانات شركات مثل رينو وارسيلور ميتال وغود اير في فرنسا، تبلغ عن غلق مصانع وفصل عمال مما يهدد هدف الحكومة "تغيير" تنامي البطالة وخفضها بحلول نهاية السنة. *تعليق الصورة: رجال أمن فرنسيين في مكان الحادث بمدينة نانت الفرنسية.