وسط شكاوى حقوقية من حجب السلطات لمواقع إلكترونية في الخارج الشرق الأوسط: القاهرة - خالد محمود يخوض أنصار التيار الإصلاحي المحسوب على المهندس سيف الإسلام القذافي، النجل الثاني للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، معركة سياسية وإعلامية شرسة ضد المتشددين في حركة اللجان الثورية والأجهزة الأمنية الفاعلة في ليبيا، بينما يزداد غموض المستقبل السياسي لسيف الإسلام، في وقت ينشط فيه بقية أشقائه اقتصاديا وأمنيا على نحو لافت. وفيما تراجعت قبضة سيف الإسلام، الذي ظل لوقت قريب أحد أبرز المرشحين لخلافة والده بحكم علاقاته الدولية الواسعة، ونجاحاته في إدارة أعقد الملفات الداخلية، على نحو أهل ليبيا للعودة مجددا إلى الساحة الدولية كلاعب إقليمي بارز، فإن النجم السياسي لأشقائه خاصة الساعدي والمعتصم، بدأ يزداد توهجا. وأطلق الساعدي، أحد أنجال العقيد القذافي، الذي حصل أخيرا على رتبة عسكرية عالية (عميد)، إعلانا بوصفه رئيس مجلس إدارة أول منطقة حرة في ليبيا تروم تنمية وتطوير منطقة زوارة - رأس جدير، وهو ما اعتبر أول ظهور رسمي له خارج نطاق كرة القدم التي اشتهر بها. وحرص الساعدي على القول إن قانون إنشاء المنطقة حظي بموافقة والده، وتأييد أخيه سيف الإسلام، كما وافقت عليه المؤتمرات الشعبية الأساسية. في المقابل، يتمتع المعتصم القذافي، الذي يشغل منصب مستشار الأمن القومي الليبي، بنفوذ داخلي كبير في الشؤون اليومية للحكومة الليبية، لكنه نادرا ما يدلى بتصريحات لوسائل الإعلام. وبينما يتحدث الجميع عن صراع ما بين الحرس القديم والإصلاحيين، فإن سيف الإسلام، الذي لا يتولى أي منصب رسمي في الدولة الليبية، لا يوافق على هذا التصنيف الكلاسيكي، فقد قال في وقت سابق ل«الشرق الأوسط» في ليبيا «ليس هناك حرس قديم أو حرس جديد، هناك أفراد مناوئون لعملية الإصلاح، وهؤلاء تخطاهم الزمن». لكن من راهنوا على إصلاحات سيف الإسلام أصيبوا بغصة في الحلق، بعدما أعلن أنه لا يرغب في العودة إلى الحياة السياسية لممارسة دوره المعتاد، مطالبا في المقابل ببيئة سياسية مناسبة. وشكت منظمات حقوقية ونشطاء سياسيون في ليبيا ل«الشرق الأوسط» من حجب بعض المواقع الإلكترونية الليبية المستقلة، وموقع «يوتيوب» المتخصص في تبادل لقطات الفيديو المصورة، وعدم قدرة مستخدمي شبكة الإنترنت في ليبيا على دخول هذه المواقع كالمعتاد. ولم تقدم السلطات الليبية أي تفسير رسمي لهذه الخطوة غير المتوقعة، فيما يقول البعض إنها على صلة بتراجع المشروع الإصلاحي، الذي يتبناه المهندس سيف الإسلام. وقال محمد لطيوش، مدير موقع «المنارة» للإعلام، إن الحجب ما زال مستمرا منذ 24 من الشهر الماضي. ومن جهته، قال فايز سويري، رئيس تحرير موقع «ليبيا اليوم» الإلكتروني، الذي تعرض أيضا للحجب، إنه في غياب أي قرار رسمي صادر عن جهة ما تظل الحكومة الليبية متهمة حتى يثبت العكس، معتبرا أنه يتعين على شركة الاتصالات الليبية التي تقدم خدمات الإنترنت توضيح الأمر، وألا تقف صامتة لأن الصمت يدينها. وأثار الحجب ضجة كبيرة في الشارع الليبي بعدما انتقدته منظمات حقوقية ليبية. وأطلق نشطاء ليبيون عبر موقع «فيس بوك» حملة احتجاج تطالب السلطات الليبية بإزالة هذا الحجب. ولفت لطيوش إلى أن الحجب بدون شك قلل الدخول والتفاعل من داخل ليبيا مع موقعه الذي ينظر إليه على أنه موقع إخباري متخصص في الشؤون الليبية، وبعيد عن قبضة الحكومة. وأوضح أن الجهة التي أصدرت قرار الحجب لم تعلن عن نفسها، لكن الواضح أن مثل هذه القرارات لا يمكن اتخاذها بهذا الشكل إلا من جهات عليا ومتنفذة في الدولة الليبية، على حد تعبيره. وزاد قائلا «طبعا هناك مؤشرات تقول إن هذا القرار بحجب مواقع الإنترنت تزامن مع إيقاف جريدتي (أويا) و(قورينا) التابعتين لسيف الإسلام»، مشيرا إلى تكهنات بوجود تراجع في خط الإصلاح الذي يتبناه نجل القذافي. وبحسب تسريبات من الداخل، فمن الممكن، كما يقول لطيوش، أن يكون هذا التراجع بسبب ضغط الحرس القديم الذي يرى أن مصالحه مهددة إذا تم المضي في خط الإصلاح، الذي يتباه سيف الإسلام، رغم ما أشيع عن أن هناك تفاهمات حصلت بين هذا التيار الثوري المتنفذ في الدولة الليبية، وسيف الإسلام نفسه، حيث بارك الجميع، ومنهم منتسبو اللجان الثورية والقيادات الشعبية وقطاعات الدولة المختلفة وقطاعات الشباب، تولي سيف الإسلام لمنصب رسمي في الدولة. لكن عدم مناقشة مطلب القذافي بإيجاد منصب لنجله في الاجتماعات الأخيرة للبرلمان الليبي أدى إلى إيقاف جريدتي «أويا» و«قورينا»، بالإضافة إلى عدم إجراء تعديل موسع على حكومة الدكتور البغدادي المحمودي، وهذه كلها، كما يقول لطيوش، دلائل على أن هناك حالة من الارتباك والتردد في المضي قدما في مشروع الإصلاح الذي يقوده سيف الإسلام. وأضاف «هذا يظهر حجم الأزمة الكبيرة والحقيقية داخل النظام الليبي، والصراع بين التيار الثوري أو الحرس القديم والتيار الإصلاحي». وخلص إلى القول «الظاهر أن الزعيم الليبي انحاز حتى الآن للتيار الثوري أو الحرس القديم».