أكدت يومية "الباييس" الإسبانية، استنادا إلى مصادر دبلوماسية ورسمية عليمة، أن العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس، سيقوم بزيارة إلى المغرب في غضون شهر مارس المقبل. ولم تحدد اليومية، موعد الزيارة، مشيرة إلى أن الدعوة أتت من الملك محمد السادس ، وأن قبولها يعكس الأهمية التي يوليها عاهل إسبانيا لجار بلاده الجنوبي وللأسرة الملكية. ولاحظت "الباييس" أنها المرة الأولى التي سيسافر خلالها "دون خوان كارلوس" إلى خارج البلاد ، منذ العملية الجراحية التي أجريت له في منطقة الفخذ، في شهر نوفمبر الماضي، نتج عنها تقلص في أنشطة وتحركات العاهل الإسباني الذي لا يقوى على الوقوف مطولا ، إلى درجة أنه اضطر في المدة الأخيرة وفي مناسبة الحفل السنوي الذي يقام على شرف السلك الدبلوماسي المعتمد في العاصمة الإسبانية ،اضطر إلى تحديد عدد الدبلوماسيين الذين استقبلهم الملك ،خوان كارلوس، بالقصر الملكي لتقديم التهاني بالسنة الميلادية الجديدة حتى لا ينتابه تعب الوقوف. إلى ذلك أعادت الصحيفة الإسبانية إلى الأذهان، الزيارة الأخيرة التي قام بها ،خوان كارلوس، في مايو 2011 إلى مراكش بعد تعرضها للحادث الإرهابي الشهير (مقهى أركانة) حيث أمضى هناك خمسة أيام، في ضيافة العاهل المغربي الملك محمد السادس. واعتبرت الزيارة في حينها مؤشرا قويا على تحسن العلاقات بين البلدين بعد أن أصابها فتنورعلى خلفية قضايا عالقة مستجدة بين البلدين. تجدر الإشارة إلى أن العلاقات الثنائية بين البلدين تشهد هدوءا ملحوظا مستمرا، في ظل حكومة الحزب الشعبي الذي حرص منذ عودته إلى السلطة، خلافا لما كان متوقعا، على الإبقاء على مستوى العلاقات التقليدية ومنع حصول تدهور يمكن أن يلحق الضرر بالبلدين بل إن المسؤولين في الرباطومدريد، أحسوا أكثر من ذي قبل، بالحاجة إلى التعاضد والتضامن في ظرف تجتاز فيه إسبانيا أزمة مالية خانقة انعكست على المغرب باعتباره الشريك الاقتصادي الأكبر، كما أن جالية مغربية مهمة تستوطن الديار الإسبانية مستها الأزمة وفقد الكثيرون من العمال فرص الشغل وعادوا إلى بلادهم. وعلى الصعيد السياسي، قام رئيس الحكومة الإسبانية، ماريانو راخوي، بزيارة المغرب في بداية ولايته، جريا على التقليد المرعي منذ عقود، كما استقبل"راخوي" في مدريد نظيره المغربي عبد الإله بنكيران. وبرأي ملاحظين، فإن العاهل الإسباني، دأب على التدخل والنزول بثقله المعنوي كلما طرأت أزمة بين المغرب وإسبانيا وما أكثرها في السنوات الكثيرة. ويعتقدون في هذا الصدد أن "خوان كارلوس" نصح رئيس حكومته "راخوي" بنهج الاعتدال حيال المغرب وتجاوز الخلافات الماضية بين الحزب الشعبي والمسلطات المغربية. وفي هذا السياق ، بات الجانب الإسباني مقرا أن المغرب شريك أساسي، وفي بالتزاماته بخصوص القضايا التي تقلق الجانب الإسباني وخاصة الهجرة السرية حيث تضافرت عوامل الأزمة الاقتصادية وتشديد المراقبة المغربية على الحدود، في تراجع معدلات الهجرة السرية وتقلص عدد المقيمين في مركزي الإيواء المؤقت للمهاجرين، في كل من مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين. وبخصوص نزاع الصحراء ، هدأت إلى حد ما حملات الإعلام الإسباني على المغرب ومناصرته المكشوفة لجبهة البوليساريو، الداعية لانفصال الصحراء ،كما التزمت مدريد موقفا دبلوماسيا حذرا، في الأممالمتحدة من الدعوات المطالبة بتوسيع صلاحيات بعثة "المينورسو" في الصحراء، لتشمل مراقبة احترام حقوق الإنسان في الأقلين الجنوبية للمملكة، وهو المطلب الذي عارضته بقوة. ومالت إسبانيا إلى تفهم موقف الرباط المتحفظ والمنتقد للوسيط الأممي إلى الصحراء "كريستوفر روس" بل إنها ساندت ضمنيا المغرب في سحب الثقة منه واعتباره غير نزيه. وطبقا لتقارير متواترة، فإن زيارة عاهل إسبانيا إلى المغرب، ذات أبعاد إنسانية لكنها لا تخلو من أهداف سياسية ، فملك إسبانيا يرتاح لملك المغرب ويتعامل الملكان كأسرة واحدة دون أن يحتاجا إلى مترجم ؛وبالتالي تكون الفرصة مواتية لهما لاستعراض القضايا العالقة بين بلديهما دون إهمال المستجدات الجارية المقلقة في المنطقة المغاربية. ويحرص ملك إسبانيا على تأمين ظهر بلاده من أية مخاطر يمكن أن يكون المغرب مصدرها، في وقت الأزمة الضارية .ولذلك فإن ،خوان كارلوس، اعترف بأن السنة الماضية كانت قاسية على بلاده ولكنه أعرب عن التفاؤل في انتعاش اقتصادي وشيك بفضل الاستثمارات الأجنبية وحيوية الشعب الإسباني. وعل العموم، فإن زيارة ملك إسبانيا، ستتم في ظروف عادية ، وعدا الملفات التقليدية التي تتباعد وجهات النظر بصددها، فإن السماء شبه صافية بين الجارين في الوقت الراهن، دون استبعاد حصول ما يمكن أن يعكر صفوها في أي وقت من الأوقات، فقد اعتاد الجانبان على ذلك.