أكد الدكتور سعد الدين العثماني وزير الخارجية المغربي في حديث خاص ل«الشرق الأوسط» أن الوضع في مالي حرج ومقلق منذ فترة طويلة؛ لأن التهديدات الأمنية فيها لا تقتصر على مناطق الساحل والصحراء، وإنما تطول التجمعات الإقليمية المحيطة، مبينا أنه لا علاج لها إلا أن تكون هناك مقاربة شمولية مندمجة، وتعاون أمني إقليمي بين مختلف التجمعات المحيطة والمجاورة وفق خطط مدروسة، مشددا على أن بلاده تدعم حكومة مالي سياسيا وتنمويا وإنسانيا واقتصاديا؛ من أجل أن تتجاوز مشكلاتها الراهنة، بيد أنه لا يمكن أن يدافع عن مالي إلا مالي نفسها - حسب قوله - والمبدأ العام هو ضرورة الحفاظ على استقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، وفق ما نص عليه قرار مجلس الأمن، وليس التدخل الفرنسي؛ حيث إن الأولى أن تكون هناك قوات أفريقية تدعم حكومة مالي، وترفع إمكاناتها الأمنية، وليس التدخل الفرنسي، مقترحا في هذا الصدد إجراء انتخابات نزيهة ذات مصداقية تنشأ من خلالها مؤسسات جديدة. وأرجع العثماني تباطؤ حل الملف السوري إلى تعقيده؛ بسبب التدخلات الإقليمية وغيرها، معربا عن أسفه لأن نظام الأسد لم يضع حدا للعنف المسلط على الشعب، واصفا ما يقع هناك بالمأساة بكل المقاييس في حق الشعب والحضارة والبلد. وأضاف أن المغرب قام بجهوده بجوار الأشقاء العرب، ومع المجتمع الدولي في محطات كثيرة؛ من أجل المساعدة على الخروج من المأساة، مستذكرا مبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس بإنشاء مستشفى ميداني في مخيم الزعتري لعلاج النازحين السوريين في الأردن. وأشار العثماني إلى أن التنظيمات الإسلامية في المغرب وطنية وليست لها صلات بتنظيمات خارجية مثل جماعة الإخوان المسلمين، معيدا السبب إلى المنهجية التي يرعاها العاهل المغربي بحكمته وجرأته في الإصلاحات، ونظرته المستقبلية الاستباقية التي تضمن القيام بالإصلاحات السياسية في ظل استقرار. معتبرا أن جماعة الإخوان المسلمين هي في أصلها مدرسة معتدلة، وهي فكر أكثر من أي شيء آخر، والرئيس المصري شخصيا قال: إن مصر ليست لديها النية لتصدير الثورة، وقد تحلى بأقصى درجات الحكمة في معالجة هذه الأمور، مستبعدا - في الوقت نفسه - أن يكون لدى «الإخوان» فلسفة لتغيير أنظمة السلطة في العالم العربي. وقال وزير الخارجية المغربي: «إن القمة الاقتصادية العربية ذات أهمية بالغة، وهي استمرار للقمتين السابقتين، وأتت في مرحلة مهمة وسياق سياسي خاص بعد التحولات التي شهدتها المنطقة بعد تشكيل حكومات جديدة أعلنت إرادتها تجاوز السلبيات والمعوقات السابقة»، واصفا القرارات التي اتخذت بأنها ذات بعد استراتيجي، خصوصا فيما يتعلق بتشجيع التجارة البينية وتوقيع اتفاقية التبادل الحر للتجارة بين الدول العربية التي حدد لاكتمالها أفق قريب بنهاية 2013. إضافة إلى برنامج تطوير الطاقات المتجددة على مستوى العالم العربي ذات التأثير الإيجابي في البيئة، ومسايرة التطورات الدولية. وأكد أن المغرب لديه خطة طموحة، ويهدف إلى أن تصبح نسبة الإنتاج الوطنية من الطاقة المتجددة 42% من المجموع الكلي للإنتاج، بالإضافة إلى أن بلاده أوكلت مؤخرا إنجاز محطة لإنتاج الطاقة الشمسية لشركة سعودية فازت بعقد الترسية، واصفا ذلك بأنه نوع من التكامل بين الدول العربية، في الوقت الذي عبر فيه عن أسفه؛ نظرا لأن المستثمرين العرب ليست لديهم الجرأة على الاستثمار في البلدان العربية، وهذا يعود إلى أسباب ذكر من بينها أن البيئات في بعض البلدان ليست جذابة أو مغرية ومناخ الاستثمار ليس إيجابيا.