رفضت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الحرب التي تشنها فرنسا والدول الإفريقية على شمال مالي، وذلك على لسان رئيسها الدكتور عبد الرزّاق قسّوم، الذي قال بأنّ الجمعية "ومن منطلق ثوابتها الرافضة لكل أنواع الإرهاب والتدخلات الأجنبية في قضايا المسلمين، ترفض التّدخل الفرنسي في مالي"، مطالبا السلطات الجزائرية بتعليل إخلالها بالمقدّس الجزائري الرافض لأي تدخل أجنبي، ليتساءل عن سبب فتح المجال الجوي للطائرات الفرنسية، ما يتناقض مع الموقف من التدخّل الغربي في ليبيا؟ من جهة أخرى، أكّدت رابطة علماء المسلمين في بيان لها أنّ "الحرب التي تشنها فرنسا على المسلمين في مالي ضرب من العدوان السافر، والتدخل في شؤون لا مسوغ لدخولها فيها". كما أفتى 39 من علماء ودعاة موريتانيا بحرمة المشاركة في الحرب، وطالبوا برفض التعامل مع الدول الغازية. وقال العلماء في بيانهم: "يجب على المسلمين معرفة واجباتهم وتحمل مسؤولياتهم تجاه تلك الأرض وساكنيها"، مضيفين: "أن هذه الحرب ليست سوى امتداد لمسلسل الحملات الاستعمارية التي طالت الكثير من بلاد المسلمين، فزرعت في فلسطين خرابا ودمارا حصد المقدسات والحرمات، وجرحت أفغانستان جرحا لا يزال ينزف، وخلفت في العراق لوعة ودموعا لا تجف، وأشعلت في السودان والصومال حربا ما زال يذكو وقودها، وجعلت من بلاد المسلمين روافد للدموع ومنابت للأحزان". من جهتها، دعت الجبهة السلفية بمصر الشعب المصري "للتظاهر أمام السفارة الفرنسية بالقاهرة" للاحتجاج على ما سمّوه "الممارسات الاحتلالية لفرنسا ضد مسلمي مالي"، لتبيّن "أن عقلية المحتل الذي يبطش بجيوشه في غير بلاده، ويفرض سيطرته على البلاد والعباد، لن تنال أي احترام أو قبول أو تمرير في عالمنا اليوم". كما أنّ "رصيد فرنسا في معاداة الإسلام والمسلمين يزداد بجرائم قواتها في مالي، وهي وحدها تتحمل مسؤولية إثارة هذه المعاداة". شخصيات إسلامية تندد بالحرب وتدعو للوقوف ضدها وفي اتّصال مع "الشروق" عبّر الشيخ محمد شريف قاهر، عضو المجلس الإسلامي الأعلى وأمين الفتوى فيه، عن رفضه "لأي تدخّل أجنبي في قضايا إسلامية، وأنّه ضد إراقة الدّماء ومع التريث والجنوح للتفاوض بين أبناء البلد الواحد في مالي". كما أعرب العلامة الشيخ محمد الحسن الددو، رئيس مركز تكوين العلماء وإمام جامع المركز خلال خطبة الجمعة، عن استنكاره واستهجانه الشديدين للحرب الفرنسية على مالي. واعتبر الشيخ الددو أن مناصرة الفرنسيين في هذه الحرب تعد جريمة نكراء وأمرا محرما شرعا، وحذر من مدّ يد العون إلى الفرنسيين في تدميرهم لبلد مسلم واحتلاله، داعيا إلى نصرة المسلمين في مالي والتضامن معهم". ليذكّر "أن الغربيين كانوا السبّاقين في ممارسة الإرهاب وقتل الأبرياء وتشريد الآمنين في مختلف بقاع الأرض". ووضّح الدكتور سلمان العودة في تغريدة له على تويتر أنّ "مصالح السياسة الغربية.. جعلتهم يتدخلون عسكريا في مالي، ويقفون متفرجين على النزيف السوري". ليكمل مستنكرا: "حسبنا الله.. إن ربك لبالمرصاد!". فيما اعتبر الدكتور ناصر العمر "طلب فرنسا من دول الخليج تمويل حربها في مالي معبرا عما وصل إليه الغرب من الاستخفاف بنا، ومن استجاب فقد تمادى في الذل، فتدبر! (فاستخف قومه فأطاعوه)". وقال الداعية وجدي غنيم في تسجيل مرئي له نشر على اليوتيوب بعنوان "فرنسا الإرهابية تقتل المسلمين فى مالى": "ما دخل فرنسا بما يجري في مالي؟ ولِم قتلت حتّى الآن أكثر من 100 مسلم؟" وإنّ جرائمها اليوم في مالي هي نفس "جرائمها في الجزائر عند احتلالها". وفي المغرب حذّر الشيخ عمر الحدّوشي من خطر مناصرة فرنسا في ما سمّاه "الحرب الصليبية على مالي"، مستدلا لذلك بفتوى قديمة لمفتي باكستان وعميد كلية الحديث في جامعة العلوم الإسلامية في كراتشي، نظام الدين شامزي، عن أفغانستان جاء فيها بأنّه "لا يجوز شرعا، بأي شكل كان، لأي دولة إسلامية أو جيش إسلامي، أن يشارك في الاعتداء على أفغانستان، كما لا يجوز لأي دولة إسلامية أن تمنح التسهيلات لاستخدام أراضيها وأجوائها من قبل أي دولة غير مسلمة وهذا محرم شرعا تحريما مطلقا". وشعبيا، فقد خرجت العديد من المظاهرات في البلدان الإسلامية، كمصر وتركيا وتونس والجزائر وغيرها، كفرنسا، احتجاجا على التدخل الفرنسي في مالي. كما استنكرته بعض الأنظمة، كالنظام التركي والمصري. ومع هذا يبقى الاستعمار- كما يقول السياسي والعسكري الفيتنامي جياب صديق الراحل هوّاري بومدين- "تلميذا غبيا لا يتعلّم الدروس".