استنكر المرصد التونسي لاستقلال القضاء، سماح السلطات التونسية لمحققين من مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي 'أف بي أي' بالتحقيق مع مواطن تونسي داخل محكمة تونسية، ودعت إلى فتح تحقيق مستقل لتحديد المسؤوليات في هذه القضية التي وصفتها بالخطيرة. وقال القاضي أحمد الرحموني رئيس المرصد الوطني التونسي لاستقلال القضاء في تصريحات إذاعية الجمعة، إن قضية السماح لمحققي ال'أف بي أي' بالتحقيق مع المواطن التونسي علي حرزي المشتبه بتورطه في قتل السفير الامريكي لدى ليبيا في أحداث مدينة بنغازي الليبية التي جرت في 11 أيلول/سبتمبر الماضي، خطيرة جداً بالنظر إلى الانتهاكات العديدة للسيادة الوطنية التي نتجت عنها. واعتبر الرحموني أنه كان يتعين على السلطات الامريكية 'انتظار مآل هذه القضية التي ينظر فيها القضاء التونسي'، ثم أن الإنابة القضائية الامريكية التي سمحت بموجبها السلطات التونسية التحقيق مع المواطن التونسي المذكور تضمنت 'خرقاً بارزاً للإجراءات القانونية، وانتهاكات خطيرة لسيادة البلاد والقضاء'. وأضاف أن الإنابة القضائية الامريكية المذكورة 'ليست شرعية لأن الشروط الأساسية غير متوفرة فيها، كما أنها لم تستجب للشروط التي يقتضيها القانون التونسي'. وكان 4 محققين من ال'أف بي آي' ومترجماً قد بدأوا في العشرين من الشهر الجاري في التحقيق مع علي الحرزي داخل المحكمة الإبتدائية بتونس العاصمة باعتباره شاهداً وليس متهماً، وذلك بحضور عدد من القضاء التونسيين. وقد رفض قاض تونسي السماح لمحامين تونسيين بحضور هذا التحقيق ما أثار في حينه جدلاً واسعاً في صفوف المنظمات الحقوقية التي رأت في هذه الخطوة انتقاصاً من هيبة المحامين، وانتهاكاً لحق المتهم في حضوره محاميه. وبحسب القاضي أحمد الرحموني، فإن ما تم 'يُعد خطيرا لأنه تضمن مسا من حقوق الدفاع ،ذلك أن المحامين لم يمكنوا من معرفة الوقائع كاملة، كما أن تبرير هذا المنع بحجة أن الإنابة القضائية الامريكية 'سرية'، هو مخالف للقانون التونسي. وقال إن المرصد التونسي لاستقلال القضاء، شدد في حينه على مبدأ عدم 'جواز الاستماع لأقوال، أي التحقيق مع أي مواطن تونسي، ذلك أن هذا المبدأ مرتبط بمبدأ عام هو عدم جواز تسليم أي مواطن تونسي لدولة أجنبية'. ودعا في المقابل السلطات التونسية المعنية، وخاصة منها وزارتي العدل والخارجية إلى 'كشف ملابسات حضور محققين من مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى محكمة تونسية، وإلى فتح تحقيق مستقل لتحديد المسؤوليات'. يُشار إلى أن علي الحرزي (26 عاماً) المشتبه به في قضية مقتل السفير الامريكي في مدينة بنغازي الليبية في 11 أيلول/سبتمبر الماضي، يقبع حالياً داخل سجن المرناقية غرب تونس العاصمة، منذ أن تسلمته السلطات التونسية من تركيا في منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي، صحبة تونسيَين يشتبه في مشاركتهما في الهجوم على القنصلية الامريكية في بنغازي.