المغرب ‬يحقق ‬فائض ‬المكتسبات ‬بالديناميةالإيجابية ‬للدبلوماسية    تصعيد جديد في صفوف الأطباء الداخليين يشلّ قطاع الصحة    هلال: تقييم دور الأمم المتحدة في الصحراء المغربية اختصاص حصري للأمين العام ولمجلس الأمن    زملاء وأصدقاء المدني يحتفون به "أستاذا عضويا" و"فقيها دستوريا" و"قامة علمية كبيرة" (فيديو)    أداء إيجابي يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    رغم ‬الجهود ‬الكبيرة ‬والأوراش ‬المهمة.. ‬معدلات ‬البطالة ‬ترتفع ‬في ‬المغرب ‬    فارق ضئيل بين ترامب وهاريس.. أمريكا تختار رئيسها ال47    هاريس في آخر خطاب لها: "كل صوت مهم في الانتخابات"    الانتخابات الأمريكية.. نحو 83 مليون شخص أدلوا بأصواتهم مبكرا    صاعقة برق تقتل لاعبا وتصيب آخرين أثناء مباراة كرة قدم في البيرو    القضاء يرفض تعليق "اليانصيب الانتخابي" لإيلون ماسك    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا        آس الإسبانية تثني على أداء الدولي المغربي آدم أزنو مع بايرن ميوني    إلياس بنصغير: قرار لعبي مع المغرب أثار الكثير من النقاش لكنني لست نادما عليه على الإطلاق    القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    حملة لتحرير الملك العام من الاستغلال غير المرخص في أكادير    كيوسك الثلاثاء | المغرب يواصل صدارته لدول شمال إفريقيا في حقوق الملكية        الفاطمي يسأل وزير التجهيز عن مصير الأسر المهددة بالإفراغ من المساكن المخزنية بالجديدة    أولمبيك آسفي يرفض الحكمة كربوبي    هاريس تستهدف "الناخبين اللاتينيين"    ترامب أم هاريس؟.. إنطلاق انتخابات أمريكية حاسمة تهيمن عليها مخاوف كبيرة    بقيمة 400 مليون أورو.. المغرب يحصل على قرض لتوسيع ميناء طنجة المتوسط    استقرار أسعار النفط وسط غموض حول الانتخابات الأميركية    احتجاجا على الموقف السلبي للحكومة..نقابيو "سامير" يعتصمون أمام الشركة للمطالبة بإنقاذ المصفاة    ترامب يعد الأمريكيين ب"قمم جديدة"    استنفار أمني واسع بعد العثور على 38 قذيفة في ورش بناء    الهجوم على الملك والملكة ورئيس الحكومة: اليمين المتطرف يهدد الديمقراطية الإسبانية في منطقة الإعصار    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    على بعد ثلاثة أيام من المسيرة الخضراء ‮ .. ‬عندما أعلن بوعبيد ‬استعداد ‬الاتحاد ‬لإنشاء ‬جيش ‬التحرير ‬من ‬جديد‮!‬    افتتاح النسخة الثانية من القافلة السينمائية تحت شعار ''السينما للجميع''    «حوريات» الجزائري كمال داود تقوده الى جائزة الغونكور    نجم الكرة التشيلية فيدال متهم بالاعتداء الجنسي    ارتفاع درجات الحرارة في توقعات طقس الثلاثاء    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    دراسة: المغرب قد يجني 10 ملايير دولار من تنظيم "مونديال 2030"    نوح خليفة يرصد في مؤلف جديد عراقة العلاقات بين المغرب والبحرين    التساقطات المطرية الأخيرة تبعث الأمل في موسم فلاحي جيد    دروس وعِبر للمستقبل.. الكراوي يقارب 250 سنة من السلام بين المغرب والبرتغال‬    أخنوش: فقدنا 161 ألف منصب شغل في الفلاحة وإذا جاءت الأمطار سيعود الناس لشغلهم    "المعلم" تتخطى مليار مشاهدة.. وسعد لمجرد يحتفل        «بابو» المبروك للكاتب فيصل عبد الحسن    رحيل أسطورة الموسيقى كوينسي جونز عن 91 عاماً    إبراهيم دياز.. الحفاوة التي استقبلت بها في وجدة تركت في نفسي أثرا عميقا    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    "فينوم: الرقصة الأخيرة" يواصل تصدر شباك التذاكر    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرصة هولاند للاعتراف بفظاعة الاستعمار
يحل اليوم بالجزائر في أول زيارة دولة له للخارج
نشر في مغارب كم يوم 19 - 12 - 2012

بقدر ما أحيطت زيارة الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، للجزائر، بكثير من الآمال والطموحات، لكسر جدار الفتور الذي ميز العلاقات ''المتشنجة'' بين البلدين في السنوات الأخيرة، بقدر ما يلفها نوع من ''التخوف'' من الإحباط، في حال مجانبة ضيف الجزائر القراءة الصحيحة لما ينتظره الشعب الجزائري من حقائق بشأن ملفات الذاكرة أو من آفاق للتعاون، بعيدا عن صفقات التجارة و''البزنس'' وفقط. كل المراقبين في الجزائر وفي فرنسا يعتبرون أن الظرف موات جدا أمام حاكم قصر الإليزي الجديد لتحقيق ما عجز عنه سابقوه من رؤساء فرنسا، سواء من اليمين أو اليسار، في عدم الاكتفاء برؤية الماضي الاستعماري في المرآة، بل والاعتراف بفظاعته طيلة قرن و23 عاما على الجزائريين. وهي الحلقة التي من شأنها أن تفتح عهدا جديدا بين البلدين، في الذكرى ال50 لاسترجاع الجزائر سيادتها واستقلالها، وهي محطة رمزية لا يجوز تركها تمر دون الوقوف عندها قولا وفعلا بقرارات تاريخية.
أستاذ التاريخ محمد القورصو ل''الخبر''
''رهان هولاند.. قدرته على تخليص فرنسا من عقدة تمجيد الاستعمار''
تأثرنا لعدم تطرق بوتفليقة لموضوع الذاكرة في حواره للوكالة الفرنسية
الارتباط العاطفي بفرنسا حقيقة سوسيولوجية
يفهم محمد القورصو، أستاذ التاريخ، تحاشي الرئيس بوتفليقة طرح موضوع الاعتراف بالجريمة الاستعمارية، في حديثه لوكالة الأنباء الفرنسية مؤخرا، بأنه إرادة في تجنيب هولاند هجوم اليمين المتطرف. ويتناول المتخصص في العلاقات الجزائرية الفرنسية في حوار مع ''الخبر''، أبعاد زيارة الرئيس الفرنسي التي تبدأ اليوم، ويعتقد بأن هولاند مطالب بالإقرار بأن الاستعمار جريمة ضد الإنسانية ''إن كانت نيته صادقة في طي صفحة جرائم الاستعمار''.
*في أي سياق تضع زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر؟
-أضحى تقليدا أن يزور رؤساء فرنسا منذ عهد جيسكار ديستان (أفريل 1975) إلى الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند، الجزائر. تتمثل المسألة المطروحة في السؤال التالي: ماذا تعني الجزائر بالنسبة لفرنسا والعكس صحيح. وهنا بيت القصيد، باعتبار أن فرنسا، يمينية كانت أو يسارية، لا زالت تعتقد في مخيلتها الجماعية والسياسية أن لها حقا تاريخيا في الجزائر، يسمح لها في نظرها بممارسة تارة حقّ الوصاية وتارة أخرى حقّ القفز على سيادة الدولة الجزائرية، لاسيما في المسائل الأمنية، وهذا ما لمسناه مع ساركوزي وقبله ميتران. فهل سيتحرّر هولاند من هذه النظرة النيوكولونيالية وهل سيخلّص فرنسا من عقدة القانون الممجد للاستعمار الذي يبقى في جميع الأحوال حجر عثرة بين الجزائر، التي تحرّرت بدماء أبنائها الشهداء من الاستعمار الفرنسي، وبين فرنسا التي لا زالت تجرّ هذا الحمل دون أن تتمكن من التخلّص منه، لوجود قوى مؤثرة يمثلها اليمين واليمين المتطرف ويغذيها الأقدام السوداء وفلول منظمة الجيش السري والحركى؟
*قال هولاند إن زيارته إلى الجزائر ''سياسية بحتة''. ماذا تفهم من ذلك؟
-ما يميّز زيارة هولاند أنها تأتي بعد شبه قطيعة سياسية بين الجزائر وفرنسا جراء المواقف الاستفزازية لسابقه ساركوزي. فبصرف النظر عن طابعها البروتوكولي، فهناك دلائل تشير إلى أن الغاية الأولى من هذه الزيارة هي تصفية الأجواء بين البلدين، وبالتالي إعادة ربط الحوار بين الدولتين، تمهيدا لرسم سياسة طويلة المدى بين البلدين، لاسيما وأن كلاّ من فرنسا والجزائر أصبحا اليوم أكثر من البارحة في حاجة إلى الآخر.
الفرنسيون يقترحون على الجزائر ''شراكة استراتيجية'' كبديل لتمسك الجزائريين بموضوع ''الذاكرة'' و''الاعتراف بجرائم الاستعمار''. هل ذلك ممكن باعتقادك؟
أثبتت مثل هذه المقاربات فشلها. نتذكّر جميعا الفشل الذريع الذي مني به مشروع شيراك، الذي حمل في حقيبته السياسية، أثناء زيارة الدولة التي قادته للجزائر في 2003، مشروع الصداقة بين البلدين. فمهما يكن ومهما كانت المعالجة السياسية لمسألة الذاكرة، فإنها تبقى مطروحة ما لم تعالج بشكل موضوعي ينصف الجزائر التي كانت محل عدوان خارجي لا زالت الكثير من معالمه قائمة لحدّ الساعة. وأذكر على سبيل المثال آثار الألغام المضادة للأشخاص وآثار التجارب النووية. إذ من بين طلبتنا بجامعة الجزائر 2 ببوزريعة من يحمل أعراضا صحية نتيجة الإشعاعات النووية. ومع كل هذا، ترفض اللجنة التي نصبها وزير الدفاع الأسبق، إيرفي موران، ملفات الجزائريين القاطنين بمنطقة رفان، لأن إصاباتهم لا علاقة لها، في نظر اللجنة، بالتفجيرات النووية، وكأن مفعولها انتهى بانتهاء هذه التجارب.
*في حوار أجرته معه وكالة الأنباء الفرنسية، لم يتطرق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لا من قريب ولا من بعيد، لمسألة ''الذاكرة''. هل ترى أن المسؤولين في الدولة تخلوا عن مطلب الاعتراف والاعتذار على جرائم الاستعمار؟
-لا أعتقد ذلك، لأن من وصف قانون 2005 ب''عمي البصيرة''، لا يمكنه أن يحيد عن النهج الذي رسمه بنفسه، لنفسه وللجزائر، باسم شهدائها وباسم أجيالها الحالية والمستقبلية. صحيح أننا تأثرنا لعدم ذكر هذا الموضوع الحساس في تصريح رئيس الجمهورية لوكالة الأنباء الفرنسية، ربما كان ذلك مقصودا من طرف الرئيس بوتفليقة حتى لا يعرّض ضيفه لانتقادات إضافية من طرف أعدائه من اليمين واليمين المتطرف الذين يتربصون به.
*يرى الكثيرون أن الجزائري الذي يجري وراء قوت يومه، يهمه إقامة مصنع لإنتاج سيارات ''رونو'' و''بيجو''، يوفر له مناصب شغل، ولا يهمه أن تعترف فرنسا بجريمة وقعت في حقه قبل عشرات السنين؟ إلى أي مدى ذلك صحيح ؟
-ظهرت هذه الرنة قبل اليوم لكن بشكل آخر، فيوم روجت جمعية 8 ماي 1945 لمبدأ الاعتذار والتعويض، رأى بعض المجاهدين أن الجزائر ليست في حاجة إلى ذلك، ويكفيها فخرا أنها انتصرت على فرنسا الاستعمارية وانتزعت منها استقلالها. فإذا عدنا إلى الأجواء السائدة عشية وبعيد اندلاع الثورة التحريرية، هناك من الجزائريين من كان يعتقد أن المسألة ليست مسألة تحرير وطن بقدر ما هي مسألة بطون. فكان مشروع قسنطينة الديغولي والطابور الثالث الذي أجهضته مظاهرات ديسمبر الشعبية. أثبت التاريخ أن طرح البطون الفارغة، كان خاطئا مثلما هو اليوم بالنسبة لمسألة الاعتذار. فردا على سؤالكم، وإذا ما تذكرنا تفاعل مختلف أطياف المجتمع الجزائري بما فيها الشباب مع مشروع قانون تجريم الاستعمار، الذي لا زال في الأدراج ينتظر من يبعث فيه الروح، نستنتج أن مسألة الاعتراف هي مبدأ لا يمكن التنازل عنه لأنه جزء من السيادة الوطنية مثلما سبق لي أن أدليت بذلك في أكثر من مناسبة... الجديد في الأمر، الإشارات التي صدرت عن هولاند، فإذا كانت نيته صادقة في طي صفحة جرائم الاستعمار باعترافه بشكل صريح ودون لبس بأن الاستعمار جريمة ضد الإنسانية، فعندئذ يمكن التفاوض حول شكل الاعتذار وما يتبعه، لكن بعيدا عن كل المساومات مثل أملاك الكولون وعودة الحركى إلخ.
*هل تعتقد أن النخبة الحاكمة بالجزائر المتشبعة بالثقافة الفرنسية والمرتبطة عاطفيا بباريس، تملك فعلا رغبة في افتكاك اعتراف فرنسي بالذنب؟
-يقال الكثير عن هذا الموضوع الحساس الذي لا يمكن الفصل فيه بناء على الإشاعات، التي تكتسي أحيانا طابع الاتهامات. يبقى أنّ الثقافة الفرنسية والارتباط العاطفي بفرنسا حقيقة سوسيولوجية توسعت اليوم لتشمل شرائح واسعة من المجتمع، بمن فيها الشباب. يطرح هذا السؤال المفصلي مسألة الهوية، وفي مقدمتها مكانة اللغة العربية التي أصبحت هجينة، بل أصبحت هي اللغة الثانية بعد الفرنسية. أما عن الشق الثاني من السؤال، فالتاريخ سيحاسبنا على مواقفنا لاسيما من بيدهم القرار.
* الجزائريون متعاطفون مع اليسار لاعتقادهم أنه أقل عنصرية واستفزازا لهم مقارنة مع اليمين. هل هذا صحيح برأيك؟
-فرنسا هي فرنسا مهما كان لونها ورديا، أزرق أو أحمر. تراعي مصالحها مثلما نراعي مصالحنا، غير أنّ التاريخ سجّل بأحرف من دم أن مقصلة (ميصونيي) لم يتوقف نشاطها المشؤوم يوم كان فرانسوا ميتران وزيرا للعدل. أما ما جعل الجزائريين يولون اهتماما بالغا للانتخابات الرئاسية الفرنسية التي فاز على إثرها الرئيس هولاند، هو أولا استفزازات سابقه ساركوزي وعنجهيته، بالإضافة إلى سنه قوانين عنصرية في حقّ الجاليات المقيمة بفرنسا، بما فيها جاليتنا المستهدفة من طرف الحزب الحاكم آنذاك واليمين المتطرف. فهل سيجرؤ هولاند على خطّ صفحة جديدة تنسي الحزب الاشتراكي الفرنسي سياسته في الجزائر أثناء الثورة التحريرية بل وتاريخ فرنسا الاستعمارية، تمهيدا لشق طريق المصالحة مع التاريخ ومع الجزائر بغية نسج علاقات سياسية جديدة تقوم على الاحترام المتبادل والندية ؟ هذا ما ستأتي به الأيام القليلة القادمة. على كلّ، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمام امتحان عسير. أعين وآذان كل الجزائريين (وحتى الفرنسيين) مفتوحة تترقب ما ستأتي به هذه الزيارة التي عقدت حولها الكثير من الآمال من كلا الطرفين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.