كشف أمس رئيس الحكومة التونسية الحمادي الجبالي كواليس أحداث سليانة وغيبها الإعلام التونسي، وفي تورط الحكومة في استعمال سلاح الرش. كما تأسف للخسارة التي تكبدتها الولاية والتي قدرها ب28 مليون دينار بسبب الاحتجاجات. علق على قرارات مرسي الأخيرة وعضوية فلسطين كمراقب وانتقد المعارضة التونسية وكشف عن أهم ما طرح من مشاريع مع سلال في هذا اللقاء مع الشروق بفندق الأوراسي على هامش زيارته للجزائر. *ما هي أهم المشاريع التي تطرقتم إليها في لقائكم مع الوزير الأول عبد المالك سلال؟ -والله تحدثنا عن مشاريع على كل المستويات ولم ينحصر اللقاء في المشاريع الاقتصادية فقط، بل تطرقنا لمشاريع سياسية وأمنية والجمارك والحدود وهذا مهم جدا، خاصة ما تعيشه المنطقة من أحداث مؤخرا. تونسوالجزائر، تسعيان لتنسيق قوي وترابط لكل الجهود، وبطبيعة الحال ليس هنالك مقاربة أمنية فقط، بل يجب المضي قدما في مقاربات أخرى اجتماعية اقتصادية تجارية وخاصة على الشريط الحدودي. وكما تعلمون، مناطق الشريط الحدودي فقيرة وضعيفة ومحرومة، رغم أنها تتوفر على إمكايات كبيرة، خاصة وأنها متاخمة للحدود الجزائرية ولهذا يجب المضي للنهوض بهذه المناطق ومن الجانبين بصفة متكاملة. والحقيقة وجدنا كل الدعم والدراية بمتطلبات هذه المناطق من الجانبين، ونسعى لتجسيد هذا التعاون بإقامة مشاريع خطوط السكك الحديدية، الطريق السيار، ربط المناطق بشبكات الكهرباء والغاز، ما يمكنني تأكيده اننا وجدنا إرادة كبيرة في هذا المجال، لإنجاز المشاريع ودفع الاستثمار من الجانبين وتسهيل المهمة على رجال الأعمال والأمور ستتطور. *رافقكم في هذه الزيارة رئيس أركان الجيوش التونسية، ما مغزى اللقاء بين العسكريين؟ -لقاء طبيعي جدا، والتنسيق بين تونسوالجزائر قديم وليس وليد اليوم. التنسيق الأمني كبير وفي تناغم على أعلى المستويات، وسنزيد عليه في مجالات حرس الحدود والجمارك، بغية حماية حدودنا، وجعلها محصنة وغير مستغلة في مسائل خطيرة كالإرهاب والسلاح والتجارة بالمخدرات، والتهريب المضر للبلدين. اذن فالتنسيق الأمني مع الجزائر ليس غريبا المرة، بل هو مطلوب. *حملتم المعارضة مسؤولية أحداث سليانة وتمسكتم بالمحافظ رغم التصعيد.. لماذا؟ -أنا في الجزائر في بلدي، ولهذا فلا أمانع بالحديث عن الشأن الداخلي. أولا أنا لم اتهم فقط هؤلاء، بل حملتهم المسؤولية لإنجاح التجربة، نحن إمكاناتنا قليلة ومعروفة والتركة ثقيلة والمطالب كبيرة وكبيرة جدا، من المهم الإشارة إلى أن سقف المطالب الاجتماعية والاقتصادية في تونس بعد الثورة كبير حقا. وهنالك أولويات في التنمية ولو ركزنا الجهود كلها على التنمية لا يمكن أن تظهر ثمار المجهود الذي تقوم بها السلطات خلال سنة أو سنتين، علينا ان نصبر مع يقيننا التام بوجود أولويات وحاجيات لمواطنينا. ولكن هل الحل هو بانتهاج العنف؟ أكيد لا.. فنحن نسعى للذهاب إلى انتخابات، لكن ان يكون فيه عمل مغاير ينعكس سلبا على ما نقوم بها، من خلال إثارة المشاكل، وتعطل المرحلة الانتقالية والدستور وبالتالي نؤبد المرحلة الانتقالية، خاصة إذا اعتمدنا العنف. *إذا بماذا تفسرون استعمال سلاح الرش المحرم دوليا لمواجهة المتظاهرين في المدينة؟ -هل يعقل أن نهاجم ولاية ونكسر ونعتدي بدعوى تحسين الوضع الاجتماعي؟ الآن ماذا نقول للمستثمرين؟ من يستطيع القدوم الآن الى سليانة وإلى مدن فيها مشاكل وعدم استقرار؟ من سيقبل المجيء؟ الاقتصاديون يقولون أن رأس المال جبان، ولهذا فأول محفز له هو الأمن والاستقرار، لقد خسرنا مشروعا ب28 مليون دينار في سليانة بسبب الأحداث، وكان بإمكان المشروع ان يشغل المئات. *هل انتم بصدد تبرير رد الداخلية العنيف؟ -أنا لا أبرر استعمال هذا، لكن علينا النظر وأن نفهم كيف بدأ الأمر، يجب النظر إلى بعض التفاصيل المحيطة بما حدث طيلة الأسبوع الماضي، من المهاجم؟ ومن كسر ودخل الولاية وهدد الوالي و خرجه وهاجم الشرطة؟ هل في ظروف مثل التي عشناها، تبقى الشرطة مكتوفة الأيدي أمام هذه التداعيات الخطيرة؟ ثم نقول للشرطة لماذا بقيت مكتوفة الأيدي ولم تقم بواجبها في حماية الأشخاص والممتلكات، بصرف النظر عن استعمال سلاح الرش، نحن نحقق في الأحداث. *تنفون إذا علمكم باستخدام قنابل الرش "الصاشم" ضد المتظاهرين؟ ومن سيشمل التحقيق في الأحداث؟ -نحن لا نحقق، ولكن هناك لجنة مستقلة ستقوم بالتحقيق، ولكن ستحقق في الأحداث كلها، كيف بدأت وإلى اين انتهت، وما الذي ساهم في تأجيج الأمور؟ التحقيق سيكشف كل ما جرى بمدينة سليانة وستظهر الجوانب الخفية في الأحداث. *هل ستتكفلون بقضية الجالية الجزائرية التي تطالب باسترجاع ممتلكات أممها نظام بن علي؟ -اتفقنا مع الإخوة في الجزائر وبصفة متبادلة أن نسوي هذه القضايا، الأملاك، الشغل والإقامة والأوراق. والله انه من العيب أن يدخل أوروبي ببساطة ويستقر ويعمل ويشتغل، ويبقى مواطنونا معلقون. اتفقنا مع اخواننا الجزائريين وبخطوات متوازية أن نفض هذه المسائل قبل أن نتحدث عن فضاء مغاربي كبير، على الأقل ان يشتغل التونسيوالجزائري أينما شاءا، يملك ويتملك، ويكون لكل منهما مستقبل. هذه أول خطوات الواجب، لا تأميم لممتلكاتهم مهما كانت فأملاكهم مقدسة وسنعامل اخواننا الجزائريين مثلما نتعامل مع مواطنينا التونسيين. *ما السبيل لدفع المغرب العربي في ظل الجمود، و اكتفاء زعمائه بدبلوماسية الرسائل فقط؟ -المغرب العربي يعيش جمودا وعلينا أن نكون واضحي المنهج ويجب أن يكون بالبراغماتية، وهذا معناه اذا لم نحقق مائة بالمائة من الأهداف يمكن ان نحقق 10 إلى 20 بالمئة، لا ينبغي أن نسلك طريقة أن نحقق مائة بالمائة من الأهداف أو ألا نحقق أي شيء. إذا كان هناك مشكل يعترضنا يجب أن نتركه على جنب، نتركه ينتظر ويصبر، ثم نتحول للملفات الأخرى المتفق عليها، وهذه الأخيرة نشتغل على حلها نهائيا بتسوية المسائل العالقة. وسنجد أنفسنا حينها في أريحية تمكننا من التعاطي مع الملف الذي يعيق، أما ان نقول ان هناك مشكلا ونغلق كل شيء، هذا غير معقول، هناك الكثير من المصالح المشتركة المهمة للطرفين "الطرقات، التشاور، الاتصال، القضايا ضد التطرف وحمل السلاح". *إضافة إلى ما يعيشه الإخوان في تونس، يواجهون في مصر وضعا مماثلا.. ما تعليقكم على قرارات الرئيس مرسي الأخيرة؟ -لا أريد التدخل في مسائل داخلية للدول، ما أتمناه لمصر هو ما أتمناه لتونس، نحن في مرحلة انتقالية تحتاج إلى توافقات وليس إلى تفرقعات. قلتم مؤخرا أنكم ترحبون بكفاءات غير متحزبة في الحكومة، والشيخ الغنوشي بدوره رحب بالتنسيق مع التيارات الأخرى، ولكنه يرى أن يد الإسلاميين ستبقى العليا. ما أهمية الائتلاف إذا؟ نحن نرحب بكل كفاءة تساهم في الحل وتعجل وتخرجنا من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة أوسع. مرحلة استقرار فيها دستور وانتخابات وتنمية واستثمار. هذه المرحلة التي نعيشها هي مرحلة خطيرة تعيق وتؤثر على كل شيء. ولهذا كل ما يقرب مرحب به، سواء كانت حكومة ائتلاف أو تقنوقراط، ولكن هل نقبل بها وتبقى المطالب الاجتماعية المجحفة والمعرقلة؟ من جهتي استبعد ان تنجح الحكومة التقنوقراطية، حكومة سياسيين لم تحل هذه المشاكل، فما بالكم بحكومة تقنوقراط. وما قاله الشيخ راشد الغنوشي قاله من منطلق فيه اغلبية وانتخابات ونتائج انتخابات، أي عبر عن إرادة الشعب. *لماذا أجلت القمة المغاربية التي كان من المزمع انعقادها في طبرقة؟ وهل تم تحديد موعد جديد؟ -لا بد أن نهيئها جيدا، لتكون خطوة ايجابية ولبنة من لبنات البناء. وتحديد الموعد ليس مشكلة، كما انه ليس مقدسا، المقدس أن نخرج بشيء ايجابي. *ما تعليقكم على النجاح الدبلوماسي لفلسطين الذي مكنها من عضوية مراقب في الأمم المتحدة؟ -الشعب الفلسطيني أعطى الكثير ويستحق أكثر من وضع "مراقب"، لكن على كل حال هي خطوة ايجابية، أمانينا ان تفضي إلى خطوات أخرى، فلا يؤبد المراقب، كل شيء يبقى مشروعا للشعب الفلسطيني في مقاومته، والعمل السياسي هو مقاومة أيضا. *هل ينزعج رئيس الحكومة التونسية الحمادي الجبالي من برنامج "لي غينيول" أو "دمى المغرب العربي" على قناة نسمة؟ -عشت في فرنسا 9 سنوات، وكان البرنامج الأكثر مشاهدة بالنسبة لي، لكن ليس البرنامج القبيح الذي يبث عندنا.