تمر تونس هذه الأيام بتوترات كبيرة على الصعيدين الأمني والسياسي، وتشهد إرهاصات تشبه إلى حد ما ما عاشته الجزائر بداية الانفتاح السياسي، بما في ذلك تداعيات العنف السياسي الذي تضع البلاد على محك خطير، لا يمكن تجاوزه الا بالتوافق السياسي وقطع دابر العنف قبل ان يكتسب شرعية المظلومية، أو هكذا ينصح المراقبون النخب التونسية الحاكمة. حيث تشتد المواجهات هذه الأيام بين التيار السلفي وحكومة النهضة الى درجة دفعت بعضهم إلى التحصن داخل المساجد، ودفعت المتطرفين منهم الى مهاجمة الحانات والفنادق ومحاولة تطبيق الحدود الشرعية في الشارع.. هذه التفاعلات والتداعيات قادتنا إلى محاورة رئيس الحكومة حمادي الجبالي، وهو أحد أهم قيادات حركة النهضة الحاكمة، الذي استقبلنا في إقامته الخاصة بقصر قرطاج لنفتح أمامه كل الملفات، وبخاصة ما تتوق إليه تونس في علاقتها مع الجزائر، خاصة وأن الرجل يعتزم زيارة الجزائر قريبا محملا بمقترحات جادة حول التكامل الاقتصادي، وحاملا معه أيضا تطمينات إلى الجانب الجزائري تؤكد أن ثمة من فلول النظام السابق من يحاول إفساد هذه العلاقة لعزل تونس عن مغربها ومشرقها، بعد أن عزلها الأوروبيون الذين فقدوا في نظام بن علي، الحليف الاستراتيجي، غير أن حكومة النهضة ترى في العلاقات مع الجزائر ومع المحيط العربي، أكثر نجاعة وفائدة للطرفين وللمنطقة كلها. * السيد الجبالي من يتابع ويشاهد وسائل الإعلام التونسية، يعتقد أن تونس تحترق الآن، هل هي كذلك؟ -نريد أن يزورنا في تونس من يشاء من السياسيين والصحفيين ليروا الحقيقة بأعينهم، ويروا التضخيم الإعلامي لما يحدث، وهذا اعتبره نتيجة الانفجار في الحريات بما يحمله من سلبيات وايجابيات. كل ما يحدث الآن في تونس، هو إفرازات ما بعد الثورة فالمطالبات الاجتماعية في أعلى مستوياتها، فبعد الكبت لسنوات طويلة تكلموا بتلقائية وبعنف في كثير من الأحيان. لذلك ترى الآن مسيرات ومظاهرات واجتماعات، وهي إفرازات ما بعد الظلم والكبت وهي تفاعلات تختلف من موقع إلى موقع. * من يقف وراء هذا التهويل والتضخيم لما يسمى بأحداث السلفيين، كان يمكن أن تعالج في سياقها؟ -البعض كان يهيئ الصفحات الأولى للجرائد التونسية في 32 أكتوبر، والتي كانت تحت الطبع لعنوان كبير ''تونس تحترق''، كانت صفحات معدة لكن لما لم يحدث شيء غيروها في آخر لحظة. مع الأسف الصورة المنقولة ليست حقيقية وهي مضرة بتونس وبالثورة، وتساهم في الإضرار بالسياحة وبالتجربة الديموقراطية التي يمكن أن تعطي أملا لشعبها وتتيح مجالات الاستثمار. * لكن ماذا فعلتم لوقف هذا التدهور والانزلاق نحو المجهول؟ - نحن لن نتصرف تصرف الغاضب ممن يفعل هذا، لأنه يضر دولته وشعبه وهذا كله لا ينفي وجود مشاكل حقيقية نعمل على حلها بحكمة وترو. * وسائل الإعلام التونسية تتحدث عن مؤامرة يقودها تونسيون للإجهاز على الثورة، والإجهاز أيضا على تجربة حركة النهضة في مهدها، وورد اسم رئيس الحكومة السابق قايد السبسي كمتورط؟ - خارجيا صعب أن نتكلم عن تآمر أو إفساد للمناخ التونسي أو الوضع الداخلي، لم أر ولم ألمس تآمرا خارجيا ضدنا لأن مصلحتنا مصلحتهم، والتقاء المصير والمصالح يجعل اخواننا لا يكنون سوى الخير لتونس، مصلحتهم مرتبطة باستقرار تونس حتى أوروبا وأمريكا ليس لها مصلحة في زعزعة الوضع في بلادنا. * من يتآمر على تونس إذن؟ - الرابح هو المتشددون والمسلحون والفوضويون داخل تونس، أنا أؤكد أن الكل متفق أن تونس لديها فرصة للاستقرار، لكن هنالك حسابات ضيقة وأكثرها شخصية وايديولوجية ورهانات مصلحية كبيرة تحاول إعاقة هذه الفرصة. * وهل وصل الأمر بهؤلاء للعبث بأمن تونس؟ - في بعض الأحيان لا يهمهم هذا. * بعض التقارير تحدثت عن تورط أسماء ثقيلة في تهديد أمن تونس والتآمر على استقرارها ومنهم رئيس الحكومة السابق قايد السبسي؟ - دون ذكر أسماء، للأسف هناك من يريد الردة والرجوع الى الوراء الى حكم الفساد، و الاحتفاظ بالمصالح الاقتصادية والفئوية، هم لا تهمهم تونس بل يمكن ان يغيروا شعاراتهم، يريدون فقط الحفاظ على النفوذ والمصالح، وهنالك خصومة ايديولوجية ناتجة عن فقدهم الثقة والأمل في البروز عن طريق الديموقراطية والصندوق، لذلك يراهنون على سياسة الأرض المحروقة. * السيد الجبالي لتكن صريحا مع الشعب التونسي، من هؤلاء الذين يتآمرون على أمنه واستقراره؟ - هم أحزاب وشخصيات أيضا من دعاة الفوضى والتأزيم وإدخال البلاد نحو المجهول، وإشاعة الفوضى لأنهم وفق النمط الديموقراطي المؤسساتي المستقر يرون أنفسهم أكبر الخاسرين. * هل تقصد فلول بقايا النظام السابق؟ - نعم الآن يتجمعون حول أحزاب ومنظمات للرجوع الى الماضي، وبنفس الأساليب والعقلية مع الاختلاف عن الماضي في الصورة والشعار، لكنهم يمثلون ردة على مبادئ الثورة التي قامت ضد الفساد والظلم والنهب، وهم لديهم القدرة على التأقلم مع الوضع. * لكن لماذا تتركون بعض فلول نظام بن علي، في بعض مراكز القرار إلى يومنا هذا؟ - نعم بالفعل هم موجودون لأن ثورتنا بصراحة لم تكتمل بعد، لم نعهد في العالم أن تكتمل الثورات في المنظومة الفكرية السياسية الاجتماعية والاقتصادية بهذه السرعة. * هل في نيتكم تصفيتهم قريبا؟ - التصفية ليست بالمعنى المادي لأن تونس ليست في وضع يخول لنا أن نصفي بعضنا البعض، إننا في ثورة إصلاح وليس في ثورة تصفية، نحن في ظروف سياسية وجغرافية خاصة جدا، والثورة ماضية في إصلاح الإدارة والأمن والاقتصاد والتربية، ونحن على بعد سنة ونصف فقط من الثورة، الناس تريد إصلاحا سريعا للأوضاع لكن الإصلاح يكون تدريجيا. فعلى مستوى الإدارة لا نتصور أن نترك كل الإدارة على طابعها مثلما تركها بن علي، لكن يجب التحسين والإصلاح هنالك صراع وسباق ضد الزمن لا يمكن معه أن نفعل كل شيء إلا بالتدريج. * هل تخشون ثورة مضادة؟ - على مستوى المصطلح ليس هنالك ثورة مضادة ولكن ردة عن الثورة، يمكن أن يفعلوا أشياء مفسدة لما تحقق من انجازات، ويحاولون التعطيل والعودة بالشعب الى الوراء، حيث المظالم و الدكتاتورية، ولكن هذا مستحيل. * لكن المواطن التونسي اليوم، مصاب بحالة اليأس من الطبقة السياسية كلها بما فيها حركة النهضة؟ - من احد الفنون الخبيثة للمناوئين للثورة تأزيم الوضع إلى درجة أن الشعب يصبح يقول ''كنا لاباس في وقت بن علي''، صحيح لم تكن هناك حريات سابقا لكن على الأقل كان يوجد أمن. صحيح فيه مظالم لكن لا يوجد إنفلات أمني مثلما يحصل اليوم.. هذا الذي يريده أعداء الثورة. لكن الأمر مؤقت يحتاج تضافر جهود الجميع لأن الشعب حسم آمره، وقال منذ البداية لا للعودة الى الوراء، نعم للإصلاح لكن العودة إلى الوراء لا. الآن في بعض الإعلام عندنا يحرصون على نشر صورة بن علي وزوجته، ويتكلمون على ما قام به بن علي ويظهرون عهده انه عهد انجازات اقتصادية، لا أظن انهم قادرون على إقناع الشعب بشيء من ذلك. * البعض يتهمكم أنكم تحمون السلفيين المتطرفين خاصة وان هذا التيار استقوى تحت جناحكم السياسي؟ - ليس صحيحا ما يقولون، أولا الذين يمارسون العنف ليسوا بسلفيين ولكن دعاة غلو، السلف هم السلف الصالح هم من أهل السنة، أما هؤلاء فأصحاب غلو تجدهم في اليمين وفي اليسار. * الجميع يقول أنهم سلفيون وهم يصفون أنفسهم بذلك كيف تنزع عنهم هذه الصفة؟ - أنا لا أريد أن أركز على المصطلح. * لكنكم متهمون في النهضة بدعمهم؟ -هم يقولون أن النهضة هي السبب في ظهور واستقواء التيار السلفي، متى حدث هذا هم كانوا موجودين في زمان بن علي، لما منعت حركة النهضة وكان الفراغ مهولا في الساحة. * لكنهم هم ايضا سجنوا مثلكم وقدّموا تضحيات في عهد بن علي؟ -نعم حدث ذلك لكنهم جاؤوا من فراغ عندما ضرب النظام المعتدلين في الساحة. * هل تقصد أن نظام بن علي هو من صنعهم ليحارب النهضة؟ - بالتأكيد، والدعاية الخارجية والقنوات توفرت وكذلك التربة كانت خصبة من المظالم. ووجدوا ضالتهم اليوم لأن هنالك حرية رأي وتنقل، هناك وفود من الخارج تأتي للتدريس والخطابة بالمئات هذه الظروف أوجدتهم وليس حركة النهضة، لأن النهضة مستقرة في تونس منذ عقود لكن هذه الأفكار بعيدة عن المجتمع، حتى اللباس والشكل والخطاب مغاير للمجتمع التونسي، هذه الأنماط غريبة على الشعب التونسي ولا يجب فرضها عليه بالإكراه. * ماذا يزعجك في خطابهم.. هم أحرار؟ -أنا في بعض الأحيان استمع إلى بعض خطبهم استغرب الكم الهائل من العنف حتى في أشكالهم وقسمات وجوههم، هؤلاء يغلب على حياتهم اللون الأسود المتشائم، هم يبحثون على الإكراه والنظرة السوداوية حتى في الحياة. * لماذا لا تتركونهم ينتظمون في أحزاب مثل باقي التونسيين؟ - منهم من انتظموا ومنهم من رفض الأحزاب والديموقراطية وحكم الشعب، هذه منظومة فكرية وليس الخطر في المنظومة الفكرية، الخطر لما ينتقل من القول الى الفعل، وبسرعة من يضيق قلبه بالرأي المخالف، قلنا لهم من يمنعكم من النشاط السلمي لما تفرضون على الناس الإكراه وهم يرفضون، والأخطر في ذلك الإدعاء أنه من الإسلام. * يقولون أنهم يسعون لتطبيق الشريعة؟ -هم يسعون لتطبيقها بالعنف والقوة حتى في حركة النهضة، هناك من يسعى وينادي بتطبيق الشريعة لكن ليس بالقوة. هل تطبق الشريعة بالقوة؟ الشريعة هي شرعة الله. هم لم يروا سوى قطع اليد بينما الشريعة هي العدل والقسطاس والوسطية. * قلت بعض أفراد النهضة فقط يطالبون بتطبيق الشريعة، هل تخلت الحركة عن ذلك بوصولها الى السلطة؟ -الشريعة عندنا أن تكون هنالك حريات ومساواة، أليس من شريعتنا ذلك؟ أليس فك قيد الناس وتحريرهم من الاستغلال من ديننا؟ هل هذه قيم غربية أم إسلامية؟ أن ننزع عن الناس الاغلال ونقيم العدل بالقسطاس.. هذه هي شريعتنا وشرعتنا. * البعض يقدر تعداد السلفيين في تونس ب09 ألفا والتكفيريين ب51 ألفا.. ما هي تقديراتكم للوضع؟ - لا يهم العدد، المشكلة ليس في العدد نحن نحكم على الظاهر، هم يحاولون التأثير على هذه الفئات المحرومة والشابة بتلك الأفكار الدخيلة. وتأكد أن الكثير منهم خريجو سجون مع احترامي لهم، أنا لا أدينهم هم يجدون الآن في الشعارات والأقوال والتعبيرات ضالتهم. * إذن هي إرهاصات الإرهاب في تونس لا قدر الله؟ - يجب التفريق بين الظواهر الفكرية والدينية في إطار حريات التعبير، فنحن لا نريد أن نستعمل الحقيقة المقدسة في السياسة، ولا يجب أن يستحوذ عليها فرد او طرف ما، حتى نحن في النهضة نقول لا نتكلم باسم الإسلام، نحن حزب ذو مرجعية دينية نريد ان نكون حزبا اجتماعيا ولا نحتكر الدين لأنفسنا فقط. لذلك نفرق بين صنفين، من يعبر عن رأيه في إطار القانون وهذا لا مشكلة معه. والخطر قادم من تكفير الناس واحتكار الكلام باسم الله، ونحن نفرق بين الموقفين، وعندما تنتقل إلى استعمال العنف هذا هو الخطر. * أكيد لديهم مطالب.. ماذا يريدون؟ - مع الطرف الأول نسعى للمعالجة عن طريق الحوار والحجة والإقناع والرد، لكن مع الطرف الثاني الذي يسعى لتطبيق الحدود في الشارع والعمل محل الدولة والسلطة، هنا لا أسلوب آخر سوى الصرامة والصد مهما يكلفنا ذلك، لأن بهذه الأساليب تنتفي كل أشكال الحياة معهم. * ألا تخشون أن يؤدي الحل الأمني إلى المزيد من العنف والتطرف مثلما حصل في الجزائر؟ - عندما تصاحب المعالجة بمقاربات أخرى لن تكون هناك مشكلة، هل يريدون الصعود للجبل نقول لهم يمكن النزول مرة أخرى وتنشطون في أحزاب وصحف مثل الاخرين تماما، ونقول لهم هذا فكركم وقولكم وهنالك شعب يرى ما تفعلون ويحكم عليه، ونقول لهم بصراحة سندافع عنكم إذا منعوكم ونساندكم عندما تريدون الكلام. أما إن كان سينفعهم الجبل فلهم ذلك.. * هل في نيتكم الاستفادة من تجربة محاربة العنف والتطرف في الجزائر بالرغم مما صاحبها من أخطاء؟ - نعم سنستفيد منها اكبر الاستفادة، لا نريد أن نخسر الوقت في التعامل مع العنف، لن نضيع ستة سنوات سدى، من يخرق القوانين ويحرض على العنف أو يلجأ إلى العنف نقول له لا و نطبق عليه القانون بصرامة. * نسبت الصحف التونسية تصريحات مكذوبة لعبد العزيز بلخادم، يهدد فيها بتدخل الجيش الجزائري في الشأن التونسي.. من وراء هذه التسريبات؟ - بعض الأطراف عندنا تنتهج سياسة الأرض المحروقة، وهم مستعدون لإفساد العلاقات مثلما حدث مع ليبيا، حينما طالبوا بقطع العلاقة معها وهم يسعون للتشويش وهم لا يعرفون حتى التركيبة في الجزائر، ويقولون ان الجزائر غير مرتاحة لفوز النهضة ولن تسكت الى غير ذلك من الدسائس. * هل تقصد ان هناك من يسعى لإفساد العلاقات الثنائية.. ولماذا؟ -هم يستغلون كل الوسائل لإفساد العلاقات ولإفساد هذه التجربة، هم يقولون إسقاط الحكومة و لكن مقصودهم محاولة إفساد التجربة التونسية. ويريدون إفساد العلاقة أيضا مع تركيا و قطر بدعوى أنها استعمار جديد، ويزعمون أن حركة النهضة تسيء لعلاقة تونس مع الجزائر، و الغريب أن هذه التسريبات المسيئة جاءت في وقت حساس بعد تشكيل الحكومة الجزائرية. * ترى أن الجزائر يستحيل أن تتدخل في الشأن الداخلي التونسي؟ - هذه ليست من الطبيعة الجزائرية والحمد لله الرد جاء سريعا، وأنا متأكد أن علاقة الشعوب والدول أقوى من الصراعات الداخلية. الجزائر تقول انها غير معنية لما يحدث داخليا، هي مهتمة بحدودها وأمنها وهي أذكى بكثير مما يتصورون وأنا أعرف المنطقة جيدا. * ماذا تنتظرون تحديدا من الجزائر لمساعدة تونس على الخروج من أزمتها؟ - نحن ربما مقصرون من الجانبين، هنالك إرادة سياسية وتفاهم لابد من تجسيدهما على أرض الواقع، لابد من مشاريع مشتركة وانجازات ميدانية. وهناك قضايا بحاجة إلى تسريع أملنا كبير أن نجسد الإرادة السياسية الموجودة. * السيد الجبالي لماذا سلّمتم المحمودي البغدادي، إلى السلطات الليبية بتلك السهولة والرجل كان مستجيرا بكم؟ - دعنا نتفق على شيء، بصرف النظر عن تعقيدات الملف الليبي، المحمودي البغدادي، لم يدخل إلينا كلاجئ سياسي، بل دخل فارا من ثورة تطارده، وبصرف النظر عن نظرتنا إلى هذه الثورة، هو لوحق باتهامات خطيرة والقضاء عندنا تثبت منها وصدر الحكم في بلده أيضا، والقضاء التونسي أكد موقفه من تلك الأحكام واخذ قراره باستقلالية تامة، وانه لا بد أن يسلّم والحكومة اتخذت القرار في محضر مجلس الوزراء تحت حكومة قايد السبسي، وهنالك اتفاقيات دولية وثنائية يجب ان تحترم والقضاء التونسي اكد هذا، قبل أن نأتي نحن في هذه الحكومة، بعدها جاءت حكومة شرعية منبثقة عن ثورة ماذا نفعل؟ نحن أمام اتفاقيات دولية و ثنائية وقرارات للعدالة التونسية والليبية، ليبيا تطلب تسليمه ونحن نرفض، يعني أننا خالفنا قناعاتنا وخالفنا اتفاقيات دولية وثنائية، يعني لو رفضنا المؤكد ان الأمور كانت ستسوء. * هنالك من يتحدث على أن التسليم تم في إطار صفقة لأن المحمودي يمتلك أرقام حسابات القذافي في الخارج؟ - من قال هذا الكلام، بل قالوا كذلك أن المحمودي رجل ديموقراطي وانه سيعذب أو هنالك صفقة مع الحكومة التونسية،، وأنا أتساءل أين الصفقة الآن؟ نحن جئنا بثورة ولا نقبل صفقات مثلما كان يفعل بن علي والقذافي، نحن لا نتصرف هكذا. قلنا لهم انتم طلبتم المحمودي وجئتم للتباحث، نسلم البغدادي حتى إلى إي دولة ولو كانت بعيدة، نتيجة لجرائمه هذا موقف مبدئي من الجرائم التي قام بها وعلاقتنا شيء آخر، لأن التسليم امر مبدئي من الشعب الليبي والجرائم التي ارتكبت في حقه. * البعض يقول أن القذافي كان يدعم حركة النهضة واستقبل الغنوشي في خيمته ثم تأتي الحركة وتسلم البغدادي بتلك الطريقة؟ - الغنوشي هاجر كمناضل سياسي ولم يرتكب جرائم ولم يدن من العدالة المحلية ولا الدولية، أما القذافي فكان يبحث عن جمع الكل تحت خيمته كأمير للمؤمنين او ملك ملوك إفريقيا، وهو جمع كل المتناقضات في عهده، هو حليف لبن علي ودعا الغنوشي الى خيمته، ومن له دليل على انه دعّم النهضة ماديا فليأتي به. * زار الجزائر الرئيس المرزوقي والشيخ الغنوشي، لكنك كرئيس للحكومة لم تزرها إلى اليوم لماذا؟ - أنتظر زيارة ناجحة للجزائر وكلي أمل أن أذهب للجزائر وألتقي المسؤولين هناك، وقد طلبت ذلك حينما حضرت إلى جنازة المرحوم احمد بن بلة، وانتظر أن تتاح الظروف لذلك. * خلال زيارتكم للمغرب دعوتم إلى تجاوز مشكلة الصحراء الغربية من اجل بناء المغرب العربي كيف ذلك؟ -لابد أن الجيل الجديد يغير المقاربات، ونأمل في تونس أن نقوم بآي دور يطلب منّا، لكن دون أن نحرج أي طرف، وإذا كانت هناك مشكلة سياسية أخرى فهي تعالج في إطارها. انظر إلى الاتحاد الأوروبي يعملون في المتفق عليه، وإذا اختلفوا يتحولون إلى ملفات أخرى. دعونا نؤجل ملف الصحراء الغربية ونفتح ملفات أخرى، وإذا نجحنا نعود الى المشاكل العالقة، لما تفتح الأبواب والحدود والملفات الثنائية تأتي المسائل الأخرى لأن هذه المشكلة بقيت عقبة. * لكن الخلافات بين المغرب والجزائر قديمة وتعمقت سنوات الإرهاب، أين قام المغرب بالتصعيد عكس نظام بن علي؟ - لا أتكلم عن غلق الحدود، أريد ان نبحث عن متنفسات اخرى في العلاقات والتبادل بصرف النظر عن من أغلق الحدود هذه القضية أنا بعيد عنها. لنبحث عن تذليل العقبات والتقليل منها وحصرها لتصبح محددة ومقدورا عليها، فيه مشكلة في الصحراء وهذا لا يمنعنا من السير خطوات الى الامام قد تساهم في الحل والشعوب في حاجة إلى هذا، الآن على الحدود الجزائريةوالتونسية ألسنا بحاجة إلى التنقل والمشاريع المشتركة. * هل تحملون الى الجانب الجزائري مقترحات محددة؟ - نعم هنالك مقترحات منها استكمال السكة الحديدية شرق غرب والطريق السيار وشبكات الغاز وعديد المرافق الاجتماعية لفائدة شعوب المنطقة. الهدف كبير والمناطق هذه فقيرة وتحتاج الى جهد كبير، ويجب أن يكون الجهد كبيرا ومن الجانبين وتصبح منطقة خير وليس منطقة توتر. *فشل الأحزاب الإسلامية انتخابيا في الجزائر ما سببه في رأيك؟ - لا أريد التدخل في الامر، لكن هنالك عبرا كثيرة في التجربة الجزائرية. وأعتقد ان تجربة السلام لها دروس وعبر يجب ان تفهم جيدا. * هل جنى العنف المسلح على الإسلاميين في الجزائر في رأيك؟ - نعم، افقد ثقة الشعب حتى من تعتبره خصما، هذا وضع داخلي ومترابط يجب ان ننظر إلى التجربة الجزائرية بصبر، بعيدا عن التعجل يجب أن نعتبر من التجربة الجزائرية. *هل صحيح ان الغنوشي هو من يحكم تونس الآن؟ -هل بعد ثورة عارمة وحكومة شرعية تصدق أن شخصا ما يستطيع ان يحكم تونس، مع احترامي للغنوشي، بل انظر حتى داخل الحركة هل يحكم الحركة لوحده، انا كنت رئيسا للحركة وفي بعض الاحيان اجد نفسي وحيدا في التصويت، الغنوشي ايضا في اغلب الوقت له صوت في المكتب التنفيذي ليس أكثر. *لكن هناك من يقول ان الغنوشي باستطاعته العمل والتنسيق مع وزرائه في الحكومة بعيدا عنك وعن الترويكا؟ - نحن حديثو التجربة وبعلاقة الحكومة بالحزب الفائز، لأول مرة يحدث لنا ذلك، هذه تعددية و حكومة وأحزاب ائتلافية، ومعروف دورالحزب في القرار. *اذا حدث ان اتخذت قرارا واعترض عليه الغنوشي ماذا تفعل؟ - يمشي القرار إلى مجلس الوزراء ويمر عبره فقط، وقلت لهم في اول لقاء ان المجلس يشتغل بالتصويت لهذا أي واحد من النهضة له موقف عليه ان يدافع عنه في مجلس الوزراء. *يعني ليس ثمة صراع داخل النهضة بين ما هو حزبي وما هو حكومي؟ -لا يوجد شيء مما تتحدثون عنه، ومن لا يعرف النهضة من الداخل يقول هذا الكلام، حتى لو هنالك تجاذبات، النهضة اعرق الاحزاب التونسية ديموقراطية، حتى اننا كنا نجتمع سرا و نحن مطاردون ومدانون بالإعدام، كنا نحتكم الى الديمقراطية حتى داخل السجن وهذه الأمور لا يعرفها الكثير ورئيس الحركة له صوته فقط. * تتحملون اذن اي ردة عن مكتسبات الثورة؟ -نعم نحن نتحملها لكننا نريد التعاون والشعب يعرف ان هناك وفاقا وخاصة في بداية التجربة لو نرجع الى الحزب الواحد قد نرجع الى النظام السابق. *نصيحتكم للإسلاميين في الجزائر؟ -دعوتي الى كل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ان ينظروا إلى الاولوية لأن الامر يتعلق بأمة وشعب وليس أولويات حزبية ضيقة، مصلحة حركة النهضة ان تحكم لكن عليها أن تراعي التعدديات وإرادة الشعب. *نظام الشاذلي رحمه الله، احتضن النهضة لكن يعاب عليها أنها تعاطفت مع الفيس بعد توقيف المسار الانتخابي؟ -أنا واكبت تلك الفترة ممكن كان تعاطفا شعوريا ليس متحكما فيه، لكنها لم تدعم التوجه نحو السلاح، أو العنف، كل الحركات الإسلامية لها علاقات لكن كان لنا خط أحمر بعدم التدخل في الشؤون الداخلية، نحن لم نتدخل في أي شيء يسيء للجزائر، واكثر من ذلك الغنوشي كان وسيطا بين الشاذلي وعباسي مدني. *كيف رأيتم استقبال بوتفليقة للشيخ الغنوشي وعلى أي أساس كان ذلك؟ -الرئيس بوتفليقة صديق للغنوشي، ويعرف النهضة جيدا وقيمة الغنوشي بأنه عنصر ذو وزن وتوافقي وهذا يفتح الطريق أمام العلاقات الثنائية مستقبلا إن شاء الله.