تظاهر الجمعة آلالاف من سكان ولاية سليانة (شمال غرب) التي تشهد منذ الثلاثاء اضطرابات وأعمال عنف خلفت نحو 300 مصاب للمطالبة بعزل الوالي المحسوب على حركة النهضة الاسلامية الحاكمة، وايضا بالتنمية وبالافراج عن معتقلين. ودعا الى التظاهرة المكتب الجهوي ل'الاتحاد العام التونسي للشغل' (أكبر نقابة عمال في تونس) في سليانة. وقالت مراسلة فرانس برس ان أكثر من 10 آلاف شخص شاركوا في مسيرة رمزية نحو العاصمة تونس وقطعوا عدة كيلومترات مشيا على الاقدام تعبيرا عن استعدادهم لمغادرة ولاية سليانة وتركها للوالي أحمد الزين المحجوبي ما لم توافق الحكومة على مطالبهم بعزله. وردد المتظاهرون شعارات معادية لحمادي الجبالي رئيس الحكومة وامين عام حركة النهضة الاسلامية، الذي اعلن في وقت سابق رفضه القاطع عزل الوالي، منها 'يا جبالي يا جبان..سليانة لا تهان'. كما هتفوا 'بالروح بالدم نفديك يا سليانة' فيما رفع بعضهم لافتات كتب عليها 'لا للجبالي..ولا للوالي' و'انتهت اللعبة'. وصرح نجيب السبتي الكاتب العام لمتكب اتحاد الشغل في سليانية لوكالة فرانس برس 'سنظهر تصميم الاهالي على رفض التهميش' الاقتصادي ودعا السكان الى التظاهر 'سلميا وفي هدوء'. وأضاف أن وفدا من ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب) التي انطلقت منها الثورة التونسية سيصل الجمعة الى سليانة. وقال 'نحن مستعدون للتفاوض (مع السلطات) لكن ليس مع هذا الوالي'. وكان مكتب اتحاد الشغل في سليانة اتهم في بيان اصدره في 23 تشرين الثاني/نوفمبر الوالي ب'تعطيل مسار التنمية بالجهة التي عرفت ركودا على جميع المستويات'. والجمعة قال حسين العباسي الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في تصريح لاذاعة 'إكسبرس إف إم' الخاصة ان الوالي رفض منذ تعيينه الحوار مع مكتب الاتحاد في سليانة. واضاف ان الكاتب الشخصي للوالي اعتدى ب'العنف المبرح وبتحريض' مباشر من الوالي، على الكاتبة العامة لنقابة موظفي ولاية سليانة. وقال سكان في سليانة لفرانس برس انهم سيواصلون تحركاتهم الى أن يرحل الوالي وطالبوا ببرنامج تنمية اقتصادية لمنطقتهم وبإطلاق سراح 14 شابا اعتقلوا خلال اعمال عنف شهدتها سليانة في 26 نيسان/ابريل 2012 ومازالوا دون محاكمة حتى الآن. وطالب متظاهرون بوقف 'القمع البوليسي'. واتهمت فتاة بعض عناصر الشرطة ب'قلة الحياء' وقالت انهم 'تعمدوا التعري أمام النساء ونعتوهن بابشع النعوت'. وقال احد المتظاهرين وقد بدت على قدميه وفخذيه كدمات جراء تعرضه للضرب من الشرطة 'انظروا..هذا ما فعله بنا بوليس (حركة) النهضة'. واسفرت المواجهات التي بدأت منذ الثلاثاء بين الشرطة والاف من المتظاهرين في ولاية سليانة عن اصابة حوالي 300 شخص وفق مصادر طبية. وندد حقوقيون ومعارضون بإطلاق الشرطة 'الرش' (رصاص انشطاري) على المتظاهرين ما أدى الى اصابة العديد في اعينهم. وقال حسين العباسي 'لأول مرة نرى استعمالا (من الشرطة) لهذا النوع من السلاح الذي يستخدم عادة في صيد (الخنازير)' معبرا عن 'استغرابه من تفسيرات (قدمها وزير الداخلية) حول أحقية استعمال هذا السلاح من عدمه'. وقال وزير الداخلية علي العريض القيادي في حركة النهضة الاسلامية الحاكمة في تصريحات صحفية ان الشرطة استعملت 'الرش' بدلا عن الرصاص حتى لا تقتل المتظاهرين وانها توقفت عن استعماله منذ يوم الاربعاء. واشار حسين العباسي الى ان الشرطة اصابت متظاهرين في اعينهم. وقال 'أن يموت شخص شهيدا خير من أن يعيش اعمى'. ونفى سمير ديلو وزير حقوق الانسان والقيادي في حركة النهضة الاسلامية، الجمعة صحة معلومات عن اصابة 17 متظاهرا بالعمى جراء اصابتهم ب'الرش' في اعينهم. وقال ديلو أمام المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) 'حسب آخر المعطيات الأولية ليس هناك أي مواطن أصيب (بالرش) في عينيه الاثنين' بل في عين واحدة. وأضاف أن 8 مصابين بالرش في احدى العينين أجريت عليهم عمليات جراحية 'ناجحة'. والخميس عبر رئيس الحكومة حمادي الجبالي عن 'أسفه' لسقوط جرحى ووعد بتشكيل 'لجنة تحقيق مستقلة في الاحداث'. واتهم الجبالي احزابا سياسية معارضة لم يسمها بالوقوف وراء الاضطرابات في ولاية سليانة. وقال ان هذه الاحزاب 'تتخفى وراء' الاتحاد العام التونسي للشغل فيما اتهم اعضاء في الحكومة وفي حركة النهضة مسؤولين في مكتب الاتحاد بسليانة بالتحريض على العنف. ورفض الجبالي الخميس الدعوات المطالبة باستقالته بعد احتجاجات عنيفة فجرتها المشكلات الاقتصادية هذا الأسبوع. لكن حسين العباسي نفى هذه الاتهامات وقال انها 'مردودة على اصحابها' وان الاتحاد 'منظمة وطنية لم تحرض يوما على العنف'. وكان الاتحاد اعلن في بيان الاربعاء 'مساندته المطلقة لنضالات الأهالي في سليانة بقيادة الاتحاد الجهوي للشغل من أجل التنمية العادلة وإطلاق سراح الموقوفين على خلفية أحداث 26 أبريل 2011 ومن أجل تعيين والي جديد على أساس الكفاءة والنزاهة والاستعداد لخدمة الجهة والقدرة على التواصل مع الأطراف الاجتماعية وتفعيل الحوار الاجتماعي'.