العلمي، المصلوحي٬ الريفي وحبوش أسماء من ضمن أخرى لعائلات مغربية استقرت في فلسطين قبل قرون٬ وتوارثت عن أسلافها ذاكرة حية تحكي ارتباط المغرب التاريخي ببيت المقدس وصمود المغاربة ووقوفهم في وجه محاولات سلطات الاحتلال طمس معالم الحضارة الإسلامية هناك. ورغم غياب إحصائيات دقيقة للعدد الحالي للمغاربة الذين استوطنوا في الأراضي العربية المحتلة٬ إلا أنهم لا يقلون بحسب شهادات متطابقة لعدد منهم يقيمون في قطاع غزةوالقدس عن 15 الف شخص. يحكي الحاج رياض العلمي، المنحدر من مدينة فاس٬ والذي تزامن وصول أسلافه إلى بيت المقدس مع دخول القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي إليها أواخر القرن الثاني عشر الميلادي ٬كيف أن وجدان المغاربة تعلق بمدينة القدس بشكل دفع بالملك الأفضل ابن صلاح الدين الايوبي لأن يخصص لهم هبة سنة 1193 للميلاد عرفت لاحقا بحارة أو بباب المغاربة، وفق وكالة الأنباء المغربية. وتابع العلمي في حديث لنفس الوكالة، أن ارتباط المغرب بالقدس يتعدى كونه عاديا حيث نسجت الأرضان ٬ وشائج دينية عقائدية وروحية بحثة تجسدت في الرعاية الخاصة التي يحظى بها المقدسيون والفلسطينيون عامة لدى ملوك الدولة العلوية والتواجد المتواصل للمغاربة في أكناف بيت المقدس حيث وهبوا مالهم وحياتهم ووقتهم لخدمة هذه البقاع والدفاع عنها. وقد دأب العلمي٬ هذا الشيخ الذي تخطى عقده السبعين٬ على زيارة المستشفى الميداني والطبي الجراحي الذي اقامته القوات المسلحة الملكية في غزة٬ بشكل يومي للقاء المغاربة المشرفين على المستشفى عربونا لتعلقه ببلده الأصلي حيث لا يمل عن الحديث عن المغرب وزياراته المتكررة له وما يلحظه من طفرة وتنمية بالمملكة بين زيارة وأخرى. وانتهى المطاف بعائلة العلمي بالاستقرار في قطاع غزة رفقة نحو 200 من العائلات المغربية نجحت في خلق شواهد دالة على هذا التواجد مثل سوق المغاربة المحاذي للمسجد العمري و"دار العلمي" التراثية إضافة إلى انخراط المغاربة هنا في العمل الإغاثي والخيري من خلال جمع التبرعات وتقديم خدمات إغاثية مجانية لفائدة الفلسطينيين. وكما مغاربة غزة أو القدس أو الضفة وباقي مدن فلسطين٬ يحتفظ كل واحد من هؤلاء بجواز سفره المغربي وبه يتحركون ويحيون كل الأعياد الوطنية المغربية ويزورون بلدهم الأصلي كلما سنحت لهم الفرصة بل رسخوا تقاليد مغربية بحثة في عدد من مدن فلسطين مثل عادة تحضير وجبة الكسكس كل يوم جمعة التي تكاد تلمسها في كل بيت غزاوي. وعن أسباب تخصيص أرض للمغاربة بمحاذاة الأقصى بجانب حائط البراق دون غيرهم من الجاليات العربية تحكي وثائق تاريخية ما تزال بحوزة المغاربة بأن صلاح الدين الناصر قال " أسكنت هناك من يتبثون في البر ويبطشون في البحر وخير من يؤتمنون على المسجد الاقصى وعلى هذه المدينة" حيث لعب المغاربة دورا لافتا في تحرير المدينة من الصليبيين وتركيز أسس الدول الأيوبية هناك. وفي هذا الصدد يؤكد عبادة زين العابدين رئيس لجنة الوقف والوثائق في تجمع العائلات المغربية المقدسية ورئيس جمعية الحفاظ على الوقف والتراث المقدسي ٬ (من أصول مغربية) أن فريضة الحج وطلب العلم ليسا الدافعين الوحيدين لتواجد المغاربة ببيت المقدس بل حضروا ايضا وخصيصا لدعم المسلمين في الحروب الصليبية وابلوا فيها بلاء حسنا. وأشار إلى ان الجالية المغربية هي أكبر الجاليات الإسلامية التي استوطنت في بيت المقدس وما تزال آثارها حتى الآن شاخصة ويتوافد عليها الزوار من كل الأنحاء كما أن زاوية أبو مدين الغوت المغربية والتي فتحت بها مكتبة وقفية مؤخرا ما تزال شاهدة على هذا الارتباط التاريخي. وذكر بأنه كان للمغاربة شرف الحماية والحفاظ على عدد من المراقد المباركة في القدس مثل مقام النبي صمويل عليه السلام ومقام النبي موسى عليه السلام كما تولى الشيخ المغربي سعد الدين العلمي لأزيد من 40 عاما منصب مفتي القدس ورئيس الهيئة الإسلامية العليا ورئيس مجلس أوقاف المدينة المقدسة لفترة غير يسيرة من الزمن٬ علاوة على تولي الشيخ زين العابدين منصب رئيس ديوان القائم بأعمال قاضي القضاة والمؤتمن على سجلات المحاكم الشرعية وأوقاف القدس لفترة غير يسيرة من الزمن. ويذكر عبادة زين العابدين بأسى كبير كيف أن الاحتلال الصهيوني صادر عام 1967 حي المغاربة وهدم مسجد المغاربة وعمل على طمس ثمانية قرون من تعلق المغاربة وتشبثهم بهذه الديار موجها دعوة للمنظمات الدولية المختصة بالإسراع في حماية هذه الأماكن التاريخية والوقوف في وجه المحاولات الإسرائيلية لطمسها من الذاكرة والوجدان. *تعليق الصورة: باب المغاربة في القدس.أرشيف.