في هذه البلدة الجزائرية القائمة على نتوء صخري بالبحر المتوسط يوفر من يجندون عناصر لتنظيم القاعدة وظائف للايدي العاطلة. ويقول مسؤولون محليون ان المتشددين الاسلاميين الذين يخوضون صراعا مع قوات الامن الجزائرية يستهدفون الاعداد الكبيرة من الشبان العاطلين بالبلدة ويقنعون بعضهم بالانضمام لصفوفهم. واذا كان الدافع لمن انضموا لهذه الحركة المسلحة في الصراع المستمر منذ فترة طويلة هو الحماس العقائدي او الديني فان المال الان هو اكبر أداة تستعمل في تجنيد العناصر. انها ظاهرة تمثل تحديا للسلطات ليس في دلس وحسب وهي بلدة تسكنها 30 الف نسمة على بعد نحو 100 كيلومتر شرقي العاصمة ولكن في أنحاء الجزائر. وبعد نحو عشر سنوات من القتال تقلص المتشددون الى عدد متضائل من المقاتلين الاشداء لكن محللين يقولون انه اذا لم تتعامل الحكومة مع البطالة المنتشرة على نطاق واسع فان هذا قد يعطي للمتشددين فرصة لمواصلة القتال. وقال حميد غمراسة ،المحلل الامني في صحيفة الخبر ،انه ما دام الشبان بلا وظيفة ولا مهنة فان القاعدة ستستمر في ضم مجندين جدد. وكانت دلس معقلا للمتشددين. وفي أوج أعمال العنف في التسعينات كان المتشددون يقتلون عشرات الاشخاص كل أسبوع هنا وكانوا يقطعون رؤوسهم في كثير من الاحيان. ومنذ ذلك الحين تراجعت جرائم القتل بشكل كبير لكن المتشددين لم يختفوا كما ظهر من خلال سلسلة من الهجمات بالمنطقة على مدار الاسابيع القليلة الماضية. ولدى سؤاله أين يعثر المتشددون على مجنديهم أجاب مسؤول في مكتب رئيس بلدية دلس قائلا "انظر حولك". والشبان في كل مكان بشوارع البلدة. ويبيع البعض السجائر. ويجلس اخرون لساعات على قارعة الطريق. ويعكس هؤلاء الشبان الارقام الرسمية للبطالة وتبلغ نسبة المتعطلين عن العمل 10.2 في المئة رسميا وتبلغ نسبة العاطلين دون 30 عاما 73.4 بالمئة. وتشير تقديرات مستقلة الى أن أعداد العاطلين تتجاوز هذا بكثير. وينتشر العاطلون بحيث يصفهم الجزائريون بتعبير "الحيطية" المشتق من كلمة حائط لانهم يقضون أيامهم مستندين الى الحوائط. وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه لانه غير مفوض بالحديث لوسائل الاعلام "القاعدة تستغل البطالة لاستقطاب الشبان واذا أمكن ضم متشددين جدد". وأضاف أن الاسلوب الذي يستخدمه من يجندون المتشددين هو تحديد شخص قابل للتأثير عليه ويكون عادة شابا ثم يبعثون برسالة نصية قصيرة الى هاتفه المحمول قائلين انه بالانضمام اليهم ستحل مشاكله". ويتبعون هذا بارسال روابط لمواقع الكترونية للمجند المحتمل ويستطيع أن يتابع عليها صورا وتسجيلات بالفيديو لهجمات متشددين يقاتلون في العراق وأفغانستان او خطب لزعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن. وقال انهم في بعض الاحيان يعطون المتشدد المحتمل منحة لا ترد لمساعدة أسرته. واذا قرر الشاب الانضمام للمتشددين فان أسرته ستحصل على مزيد من الاموال. وذكر أحد السكان المحليين أن شابا تم القاء القبض عليه في وقت سابق هذا الشهر بمنطقة دلس لمساعدة المتشددين كان يحصل على عشرة الاف دينار جزائري (134 دولارا) في الشهر. وأضاف قائلا لرويترز "مهمته هي الامداد بالطعام ومراقبة تحركات قوات الامن بالمدينة." وحرص المتشددون المحليون في الاسابيع القليلة الماضية على التذكرة بأنهم ما زالوا يمثلون تهديدا. وهوجمت وحدة للجيش في 14 مايو ايار بقرية بغلية القريبة. وقتل جنديان في هجوم بعد ذلك بيومين في قرية سي مصطفى وهي ايضا على بعد بضعة كيلومترات من دلس. وفي الشهر الحالي قتل أربعة بينهم اثنان من الشرطة في هجوم بقنبلة على ثكناتهم في قرية قريبة. وحاول رئيس بلدية دلس رابح زروالي مكافحة البطالة التي تجعل من البلدة مرتعا خصبا لتجنيد العناصر الجديدة. وزروالي مصرفي سابق تم انتخابه كمستقل وقد قام برصف الطرق وتنظيف المدينة وأنشأ مقلبا للنفايات وفتح مركزا ثقافيا وصالة للالعاب الرياضية. وتشمل خطته الطموح بناء محطة للحافلات ومكتبة والانتهاء من تجديد البلدة القديمة او القصبة. لكنه يقول ان تدفق الاموال من الحكومة المركزية توقف على الرغم من أن الجزائر المصدرة للنفط تملك احتياطيا من النقد الاجنبي يتجاوز 150 مليار دولار وتعتزم انفاق 286 مليار دولار على التنمية الاقتصادية بين الان وعام 2014 . وتقول وسائل اعلام جزائرية ان سلسلة من فضائح الفساد في العاصمة تعطل توزيع الاموال على مستوى البلاد. وخلال اجتماع جماهيري في المركز الثقافي الجديد في دلس قال زروالي لجمع من نحو 500 من سكان البلدة انه بالنسبة لعام 2010 لم تتلق البلدة اي اموال بعد لكنه عبر عن أمله في تلقي الاموال قريبا. ثم دعا رئيس البلدية الجماهير الى التعبير عن ارائهم وقال رجل طاعن في السن "تبلون بلاء حسنا لكن هذا غير كاف... ما نصبو اليه هو وظائف لابنائنا."