لم تقتصر الزيارة الخاطفة التي قام بها أمس الخميس، إلى الجماهيرية الليبية، رئيس الوزراء الإسباني، خوص لويس ثباطيرو،على تقديم الشكر الخاص للزعيم الليبي معمر القذافي، كونه انجح مساعي الوساطة والمساعي الحميدة التي قامت بها مدريد، بين ليبيا وسويسرا انتهت بتسوية الأزمة العميقة التي شابت علاقات البلدين في الأشهر الأخيرة والتي قادها بنجاح وزير الخارجية ميغيل أنخيل موراتنيوس الذي رافق ثباطيرو، خلال الزيارة الأخيرة. وطبقا لما ذكرته مصادر إعلامية إسبانية فإن القذافي، أحاط ضيفه بنفس العناية التي يخصصها في الغالب لكبار زواره من المسؤولين الذين يقصدون بلاده ويقاسموه بعضا من الوقت تحت خيمته الوارفة الظلال المضروبة أوتادها فوق رمال الصحراء بعيدا عن أجواء وضجيج العاصمة "طرابلس" وحيث تقف على مقربة منها قافلة من النوق، وإلى جانبها أجهزة التبريد والهوائيات اللاقطة للأقمار الاصطناعية. ولاحظت جريدة "إلموندو" التي التزمت تغطية إخبارية مهنية ،أن الزعيم الليبي استقبل ثباطيرو، مرتديا لباسا الخاص الني اللون ، وقد وضع على عينيه نظارة شمسية. لاحظت المطبوعة الإسبانية أن المباحثات كان يفترض أن تجري في ثكنة "باب العزيزية" لما للمكان من رمز في ذاكرة الليبيين، فقد تعرضت عام 1986 لغارات من الطيران الأميركي أثناء الحصار الدولي المفروض على ليبيا وخلف القصف ضحايا وسك المدنيين بينهم أحد عائلة الرئيس القذافي. وقالت مصادر نقلا عن مصادر رافقت رئيس الوزراء الإسباني، إن المباحثات استمرت أكثر من ساعة بقليل، بحضور مسوؤلين من البلدين، اختلى بعدها الرئيسان حوالي ربع ساعة وتكلما رأسا لرأس، دون أن يكشف عن ما دار بينهما في أعقاب جلسة المباحثات الرسمية. وتضيف ذات المصادر أن الجانب الليبي ابدي الرغبة في تنويع العلاقات التجارية مع إسبانيا بان تأتي مقاولاتها إلى ليبيا للاستثمار وخاصة في مجال البنيات التحتية، ولذلك أعطى الرئيس القذافي الضوء الأخضر ليقوم رئيس حكومته، محمودي البغدادي، بزيارة إلى مدريد في المستقبل القريب، تم التطرق إلى ترتيباتها وموضوعها (الزيارة) في سياق المباحثات التي أجراها البغدادي لاحقا مع من يعتبر نظيره الإسباني أي ثباطيرو. وقالت المصادر الإسبانية إن القذافي، لم ينس التفاتاته الإنسانية المعهودة، فسأل ضيفه عن الحالة الصحية للملك خوان كارلوس، الذي أجرى جراحة قبل أكثر من شهر لاستئصال ورم حميد من الرئة، كما قدم القذافي تعازيه إلى زواره الإسبان في حادث القطار الذي وقع أخيرا في بلادهم، مخلفا ضحايا بين الركاب.. وبخصوص محور السياسة الخارجية أشارت المصادر الإسبانية إلى أن الزعيم القذافي تعرض لمسألة الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون، كما أثار مع ضيفه مجموعة 5+5 التي تضم دول اتحاد المغرب العربي الخمسة والدول الأوروبية الواقعة على الضفة الجنوبية للمتوسط وهي فرنساإسبانيا إيطاليا البرتغال ومالطا. و يسعى الرئيس القذافي إلى توسيع دول المجموعة بأن تستوعب مصر واليونان، متمنيا أن تنعقد القمة المقبلة في غضون العام القادم وقد انضم البلدان إليها 5+5. التي لم تجتمع على مستوى رؤساء الدول إلا مرة واحدة عام 2003 أما باقي الاجتماعات المتوالية واللاحقة فقد عقدت على صعيد الوزراء المعنيين بقضايا التعاون المشترك وأساسا تلك التي تعود إلى صالا حيات وزراء الداخلية والخارجية في البلدان العشرة. ويبدو أن الضيف الإسباني رحب باقتراح القذافي، قائلا، حسب المصادر الإسبانية، إن بلاده تتمنى انعقاد قمة للمجموعة في مالطا مطلع العام المقبل وقد انضمت إلى المجموعة الدولتان اللتان اقترح القذافي إضافتهما. وشكلت قضايا الهجرة السرية، جانبا من المباحثات، فقد اشتكى الجانبان من تداعياتها، على اعتبار أن أوربا تحمي شواطئها وتصد المهاجرين السريين الأفارقة ليعودوا مجددا إلى البلدان التي انطلقوا منها وبينها ليبينا ما يشكل عبئا إنسانيا عليها . وفي هذا الصدد أعرب القذافي عن الإرادة المشتركة في التوصل إلى حل مناسب للحد من ظاهرة الهجرة السرية. تجدر الإشارة إلى أنها الزيارة الأولى التي يقوم بها ثباطيرو إلى ليبيا، متزامنة مع انتهاء الرئاسة الإسبانية الدورية للاتحاد الأوروبي التي تسلمها مطلع الشهر المقبل إلى دولة أحرى. وكان رئيس الوزراء الإسباني السابق خوصي ماريا أثنار، زار ليبيا بمجرد رفع الحصار الدولي الذي كان مفروضا عليها، مدفوعا بالرغبة في الفوز بحصص من الصفقات التجارية مع البلد الخارج من الحصار.