اعترف الأستاذ مصطفى نويصر، أول أمس، بصعوبة البحث في موضوع ''توحيد العمل المسلح بين بلدان المغرب العربي''. وتأسّف كون كل المساعي والخطوات من أجل ذلك كسرتها فرنسا بالتفاوض مع كل طرف على حدا. استعرض الأستاذ مصطفى نويصر، أول أمس، في محاضرة بمقر جمعية ''الجاحظية'' بالعاصمة، بعنوان ''مساعي توحيد الكفاح المسلح بين بلدان المغرب العربي''، مسارات تأسيس الكفاح المسلح، قائلا إن الكفاح السياسي كان قائما منذ بداية القرن العشرين، أي منذ 1911 مع الحركات الوطنية. وأبرز المتحدث أن مشروع توحيد الكفاح المسلح بدأ منذ سنة 1945، وضم مساران كبيران متوازيان، المسار الجزائري وبدأ مع حزب الشعب وحركة انتصار الحريات الديمقراطية والمنظمة الخاصة، أما المسار الثاني، فأطلق عليه اسم ''المسار المغاربي''. مردفا ''وانطلق مع مشروع عبد الكريم خطابي، بتأسيس لجنة تحرير المغرب العربي، حيث باشر بعدها الاتصالات مع الحكومات العربية، خاصة العراقية والسورية، لدعم هذا المسعى، بتدريب الشباب التونسي والمغربي على حمل السلاح''. وأشار مصطفى نويصر إلى أنه كان من بين المؤسسين عبد الكريم خطابي ويوسف الرويسي (أسّسا مكتب المغرب العربي في لبنان وسوريا)، وكذلك جيلالي عبد السلام بوعزة الجزائري، وهو رجل أعمال جزائري ثري أسّس ''جمعية تحرير المغرب العربي'' في لبنان ثم أصبح فرعا من ''لجنة تحرير المغرب العربي''. وأوضح المحاضر أن المسارين التقيا سنة 1953 مع صعود جمال عبد الناصر في مصر، وبعثه وتجديده للجنة وجيش تحرير المغرب العربي سنة 1955، بقيادة مشتركة، حيث تأسف كون الاستراتيجية الفرنسية حطمت المشروع بالاتصال مباشرة بالجناح المعتدل في الحركة الوطنية التونسية ''بورفيبة''. ونفس الشيء مع المغرب ومنحت استقلال تونس والمغرب بعدها. واعترف مصطفى نويصر من جهة أخرى بصعوبة البحث في الموضوع لسببين: أولا وفاة جل الفاعلين في الطرف الجزائري، فأول وفد تحرك في مسعى توحيد الكفاح المسلح كان في جوان 1945، وقاده لمين دباغين ومبارك فيلالي وحامد روابحة، وكلهم توفوا، ''أما الصعوبة الثانية فتمثلت في انعدام المعلومات حول كيفية تلقي الطرف الآخر للجانب الجزائري، بسبب انعدام التوثيق والأرشفة، نظرا للسرية التامة التي تم فيها الاتصال، رغم أن بن بلة تنقّل أكثر من أربع مرات إلى تونس، ولم يبق على قيد الحياة سوى عيساوي الشكاي وبلحسين جراد اللذان التقيا بن بلة في سنة 1949". والتقى مصطفى نويصر مع بن بلة سنة 2003، حيث اعترف له بتوصّله بصعوبة إلى إقناع الجناح الوطني وصالح بن يوسف بضرورة توحيد العمل المسلح، أين طلب هذا الأخير دعمه لتكوين منظمة خاصة في تونس، وتدريب الشباب التونسي على حمل السلاح، وقال بن بلة أنه كلّف العربي بن مهيدي بالقيام بذلك بأسماء مموهة. أما الشهادة الثانية، حسب المتحدث، فكانت من عبد الحميد مهري، وقال أنه أُعلم من صديقه الطاهر قيقة بأن هناك شيء ما يحضّر للعمل المسلح خارج إطار الحزب. وأضاف أن أول من أثار الموضوع كان عبد الحميد مهري في مجلة ''الأصالة'' في مقالة بعنوان ''أحداث مهّدت لثورة أول نوفمبر''، أين تحدّث عن زيارة حمادي الديقي والهاشمي الطود إلى الجزائر.