سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ليبيا: البرلمان يرفض حكومة أبو شاقور للمرة الثانية ويجبره على التنحي رئيس الوزراء المنتخب يفتح النار على الجميع تحت قبة البرلمان ويقول إنه تعرض لضغوط لتشكيل حكومة محاصصة ومناطقية
حسم المؤتمر الوطني الليبي (البرلمان) مصير ثاني حكومة انتقالية في البلاد بعد الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، بعدما رفض منح الثقة لحكومة مصغرة مكونة من عشر حقائب وزارية تقدم بها رئيس الوزراء المكلف مصطفى أبو شاقور. وعلى الرغم من تمديد المهلة الزمنية له لتشكيل حكومته الثانية، بعد فشله في إقناع المؤتمر بحكومته الأولى الخميس الماضي، أخفق أبو شاقور الذي انتخبه المؤتمر في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي بفارق صوتين عن زعيم تحالف الليبراليين محمود جبريل، للمرة الثانية في تشكيل حكومة تحظى بموافقة وثقة المؤتمر. وبعد رفض التشكيلة الثانية لحكومة أبو شاقور المصغرة، تمت إقالته من منصبه وسط جدل حول مدى حق المؤتمر في انتخاب رئيس وزراء جديد في إجراء قد يطول ويستغرق ما بين ثلاثة إلى أربعة أسابيع. وأدت الإطاحة بأبو شاقور إلى اندلاع أزمة دستورية، حيث ينص الإعلان الدستوري على أن يشكل المؤتمر الحكومة الانتقالية خلال خمسين يوما من إعلان تأسيسه وممارسته عمله. وتعددت الخيارات بين أعضاء المؤتمر في جلسة مثيرة للجدل تابعها ملايين الليبيين على الهواء مباشرة، حول إمكانية تعيين المؤتمر بشكل فوري رئيسا جديدا للحكومة من بين المرشحين السابقين الذين نافسوا أبو شاقور على رئاسة الحكومة الشهر الماضي، أو تأجيل هذا الخيار مع الإبقاء على الحكومة الحالية. ومنعا لحدوث فراغ دستوري، قرر المؤتمر إجراء تعديل على الإعلان الدستوري المؤقت للبلاد الذي تبناه المجلس الوطني الانتقالي السابق الذي تولى السلطة خلال حرب العام الماضي ضد نظام القذافي. كما أبقى المؤتمر على الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة الدكتور عبد الرحيم الكيب معلنا دعمه لها إلى حين اختيار رئيس جديد للحكومة. وفى اليوم الأخير للمهلة الممنوحة لرئيس الوزراء المنتخب، أجرى المؤتمر تصويتا علنيا على حكومة أبو شاقور انتهى في الساعة السابعة والنصف من مساء أمس بالتوقيت المحلى، حيث طلب من كل عضو تتم تلاوة اسمه أن يعلن ما إذا كان يوافق على منح الثقة للحكومة أم يمتنع عن التصويت. وحصل أبو شاقور على تأييد 44 عضوا فقط، بينما حضر جلسة أمس 186 عضوا من إجمالي عدد أعضاء المؤتمر ال200، علما بأن المؤتمر طرد مؤخرا عشرة من أعضائه تنفيذا لقرارات الهيئة الوطنية العليا لتطبيق معايير النزاهة الوطنية بدعوى أنهم عملوا في السابق مع نظام القذافي. وقبل لحظات من إعلان النتيجة النهائية، انقطع البث المباشر لجلسة المؤتمر، فيما دخل رئيسه محمد المقريف في مشاورات مع بعض الأعضاء. وسعى أعضاء المؤتمر لتفادى أزمة حدوث فراغ في السلطة في البلاد وسط جدل حول العلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية. وكان أبو شاقور رئيس الوزراء الليبي المنتخب قد فاجأ، بخطاب عاطفي مؤثر، أعضاء المؤتمر بحكومة أزمة مصغرة من عشرة وزراء فقط بدلا من الحكومة السابقة التي ضمت 29 وزيرا وتعرضت لانتقادات عنيفة من «المؤتمر» والرأي العام المحلى. وقال أبو شاقور في جلسة عقدها «المؤتمر» بمقره في العاصمة الليبية طرابلس أمس إنه سيحتفظ لنفسه بحقيبة الخارجية إلى أن يتم اختيار الشخص المناسب لها، لافتا إلى أنه لم تتح له الفرصة للقاء معظم المرشحين لشغل المنصب نظرا لسفرهم إلى الخارج، معلنا عن رفضه لتشكيل حكومة محاصصة قائمة على الجهوية، مشيرا إلى أنه تعرض لضغوط شديدة من قبل أعضاء المؤتمر في هذا الإطار. وقال أبو شاقور إن ليبيا التي تمر بمرحلة من أدق مراحل تاريخها المعاصر تستغيث بأبنائها لتضميد جراحها، لافتا إلى أن معارك التحرير التي خاضها الليبيون ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي قد خلفت تركة ثقيلة؛ على حد قوله، مدافعا عن نفسه بقوله: «عارضت نظام القذافي ثم عدت لخدمة بلادي». وأعلن أنه أجرى اتصالات مع كل أطياف المشهد السياسي في ليبيا قبل تشكيل حكومته الأولى، مؤكدا أنه يسعى لتشكيل حكومة وفاق وطني يشارك فيها المستقلون والكتل السياسية ويراعى فيها التوازن الجغرافي، وليست حكومة محاصصة، وإنما الكفاءة العالية هي المعيار الأساسي. وفى انتقاد مبطن للتكتلات السياسية داخل البرلمان الليبي، كشف أبو شاقور أن معظمها تلكأ في الاستجابة وتقديم مرشحيهم لحكومته حتى قبل الساعات الأخيرة من إعلانها. وأوضح أن إحدى الكتل التي لم يسمها؛ في إشارة إلى حزب العدالة والبناء (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين)، طلبت الحصول على 11 حقيبة وزارية في الحكومة الأولى، بينما طلب تكتل آخر (تحالف القوى الوطنية الذي يقوده الدكتور محمود جبريل) الحصول على تسع حقائب وزارية. ولفت إلى أن المستقلين أيضا تقدموا بطلبات كثيرة للحصول على حقائب وزارية. وأقر بأن التشكيلة الوزارية الأولى التي تقدم بها الأسبوع الماضي والتي كانت نتيجة لجهد شاق وراعى فيها مصلحة الوطن ولم يداهن فيها أحدا مهما كان الثمن، قد شابتها بعض الأخطاء ولم تكن مثالية. وقال: «كنت مستعدا لتعديلها بما يتوافق مع مصلحة الوطن، ولكن خرج بعض أعضاء المؤتمر قبل تلاوة أسماء المرشحين محتجين غاضبين، وهوجمت بعد خروجي من القاعة بألفاظ لا تليق، واتهمت بالخيانة والعمالة، وفى اليوم التالي خرج علينا بعض أعضاء المؤتمر لتقديم الحكومة ولمناقشة سحب الثقة من رئيس الوزراء، وكانوا قبلها بيوم واحد على استعداد للمشاركة في الحكومة إذا لبيت طلباتهم»، وأضاف: «يؤسفني أنني لم أعد عندهم أهلا للثقة بسبب رفضي طلباتهم غير الواقعية.. عندما شرعت في إعادة تشكيل الحكومة، حاولت الاتصال لاحقا بالجميع دون جدوى، لكنهم عقدوا العزم على سحب الثقة». وينص البرنامج الانتقالي على تعيين حكومة جديدة لمدة سنة حتى تجري انتخابات جديدة على أساس دستور جديد تأخرت صياغته.