تلقى خصوم عبد العزيز بلخادم، أمين عام حزب الأغلبية الجزائري (جبهة التحرير الوطني)، إقالته من منصبه وزير دولة، على أنها إشارة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للإطاحة به من قيادة الحزب. وفهم إبعاده من السلطة التنفيذية أيضا، على أنه رغبة من نافذين في الدولة لكبح طموحه في خلافة بوتفليقة بنهاية ولايته الرئاسية الثالثة عام 2014. ويمارس قياديون بارزون في «جبهة التحرير» ضغطا كبيرا على بلخادم، بهدف تنحيته عن قيادة الحزب اعتقادا منهم أن ساعة رحيله عن المشهد السياسي دقت، بمجرد أن أعلن عن التشكيل الحكومي الجديد يوم الاثنين الماضي، الذي لم يظهر فيه اسم وزير الدولة الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، عكس كل التعديلات الحكومية التي أحدثها بوتفليقة منذ وصوله إلى الحكم عام 1999. وأصدر خصوم بلخادم في الحزب لائحة تحمل توقيع 180 عضوا ب«اللجنة المركزية» للحزب (هيئة قيادية)، من مجموع 221 عضوا، يعلنون فيها سحب الثقة من بلخادم الذي يقود الحزب منذ 2004. يذكر أن بلخادم جاء إلى القيادة بدعم من الأشخاص أنفسهم الذين يريدون رحيله اليوم، وهم الذين أطاحوا بعلي بن فليس، الأمين العام السابق، لما قرر الترشح للرئاسة في 2004 بينما هم كانوا يريدون ترشيح بوتفليقة باسم الحزب. ومن بين الأسماء الموقعة التي قررت حجب الثقة عن بلخادم، وزير العلاقات مع البرلمان محمود خوذري، ووزير التكوين المهني السابق، الهادي خلدي، ووزير السياحة السابق محمد قارة، والناطق باسم الحكومة سابقا، رشيد بوكرزازة، ووزير الإعلام سابقا، بوجمعة هيشور، ووزير السكن سابقا، نذير حميميد، وكوادر بارزة في مؤسسات الدولة وعدد كبير من البرلمانيين. ويرى هؤلاء أن بلخادم «أغرق الحزب في المال الوسخ»، في إشارة إلى ترشيح رجال أعمال محل شبهة فساد في انتخابات البرلمان التي جرت في مايو (أيار) الماضي. ويعيب آخرون عليه «إدخال غرباء ودخلاء على الحزب» بهيئاته القيادية، خاصة «اللجنة المركزية». ويقول بلخادم إن الفوز العريض ل«الجبهة» في الانتخابات (202 مقعد من 462 مقعدا) كفيل بدحض حجج المعارضين. وقال عبد الكريم عبادة، أحد خصوم بلخادم ل«الشرق الأوسط»، إن أغلبية أعضاء «اللجنة المركزية» متفقون على ضرورة رحيل بلخادم عن القيادة. وبدا متأكدا من أن بلخادم سيتنحى عن القيادة. وأضاف: «إبعاده عن الحكومة مؤشر واضح على عدم رضا الرئيس بوتفليقة على طريقة تسييره للحزب، ولا ينبغي أن ننسى أن بوتفليقة هو الرئيس الشرفي للحزب». وظهر بلخادم أمس منهكا وهو يدخل مكتبه بالحزب. وقرأ مقربون منه في ملامحه، مؤشرات تدل على أنه غير قادر على مواصلة المعركة مع الخصوم، الذين يتهمونه ب«عقد صفقة مع الإسلاميين المتشددين بغرض دعم ترشحه لانتخابات الرئاسة المرتقبة في ربيع 2014».