سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجزائر: بوتفليقة مستاء من سجال حاد بين بلخادم والجنرال نزار حول أسباب أخطر أزمة سياسية عرفتها البلاد التراشق بين الرجلين عبر الإعلام يعكس صراعا بين التيار العروبي والنخبة المفرنسة في النظام
أبلغ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، أبرز مساعديه في الرئاسة استياءه من صراع حاد احتدم قبل أيام بين شخصيتين كبيرتين في منظومة الحكم، بشقيه المدني والعسكري. وقال لهم إنه يرفض أن يرى «غسيل رجال الدولة ينشر بطريقة استعراضية»، على أساس أن الأمر يتعلق بملف حساس ذي صلة بما يعرف ب«العشرية السوداء». وقال مصدر قريب من الرئاسة ل«الشرق الأوسط»، إن بوتفليقة لم يعجبه السجال الدائر هذه الأيام بين ممثله الشخصي، ووزير الدولة عبد العزيز بلخادم، والجنرال المتقاعد، وزير الدفاع الأسبق، خالد نزار، الذي يملك نفوذا بارزا في المؤسسة العسكرية. وأفاد المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه، بأن بوتفليقة «طلب أن يتوقف التراشق اللفظي بين الرجلين لأن ذلك يلحق ضررا بسمعة البلاد، لدى الجزائريين محليا وفي الخارج أيضا». وصرح بلخادم الأسبوع الماضي في لقاء بمناضلي حزب «جبهة التحرير الوطني» الذي يقوده بقوله: «الأفضل للسيد نزار أن يصمت وإلا اضطررت لرفع الغطاء عن البئر»، هذا الكلام كان تعبيرا عن خلاف عميق بين الرجل وخصمه اللدود الجنرال نزار الذي يوصف بأنه «المتحدث باسم جنرالات الجيش». وبدأ كل شيء عندما قال نزار في مقابلة مع فضائية خاصة، أن بلخادم «يكذب» بشأن ما يعتبره «مزاعم» حول ظروف حل البرلمان مطلع عام 1992. فقد نقل عن بلخادم الذي كان رئيسا للبرلمان في تلك الفترة، أن نزار من موقعه الرجل القوي في السلطة آنذاك، هو من اتخذ قرار حل البرلمان لاستحداث فراغ في الدستور لتبرير إنشاء «مجلس أعلى للدولة»، لتسيير شؤون البلاد بعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد. ونقل عنه أيضا أنه لم يكن موافقا على قرار الحل. وقال نزار، إن بلخادم «يكذب عندما يقول إنه لم يكن موافقا على حل البرلمان». وكانت الجملة كافية لإثارة حساسية بلخادم، وفتح ملف «العشرية السوداء» الذي يرمز إلى أهوال عقد تسعينات القرن الماضي، وما صاحبها من إرهاب مدمر وهيمنة الجيش على سلطة القرار أكثر من أي وقت مضى. ومعروف أن قرار حل البرلمان اتخذ في سياق اجتماع لأهم قادة الجيش في أواخر 1991، قدروا حينها بأن «الخطر الإسلامي سيجعل من الجزائر أشبه بأفغانستان». في ذلك الوقت كانت «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» قد فازت بأغلبية كبيرة في الدور الأول، لأول انتخابات برلمانية تعددية (26 ديسمبر/ كانون الأول 1991). وكانت متوجهة نحو الفوز بأغلبية ساحقة في الدور الثاني. لكن الجيش تدخل بكل نفوذه فألغى الانتخابات بذريعة «الخوف على مستقبل الديمقراطية». ودفع الرئيس بن جديد دفعا إلى الاستقالة. وكان يفترض أن يقود البلاد رئيس البرلمان لفترة انتقالية، ريثما تنظم انتخابات رئاسية. وينسب إلى الجنرالات، وعلى رأسهم نزار، أنهم هم من فرضوا على الشاذلي الاستقالة وهي مرحلة ما زالت غامضة إلى اليوم. والشائع أن نزار هو من حل البرلمان دون أن يعلم رئيسه بلخادم أصلا. وهي طريقة لأحداث فراغ دستوري، يمهد لإنشاء سلطة جماعية من خمسة أعضاء (نزار واحد منهم)، بقيادة الرئيس الأسبق محمد بوضياف حكمت البلاد من 1992 إلى 1994 وبعدها اختار الجيش الجنرال المتقاعد الأمين زروال لقيادة البلاد إلى غاية 1999، تاريخ وصول عبد العزيز بوتفليقة إلى الرئاسة، باختيار الجيش دائما. وقال بلخادم أثناء لقائه مع مناضلي حزبه وهو يرد على نزار: «عندما طلبوا منا حل البرلمان قلنا لهم (قادة الجيش) حينها، أنتم سلطة فعلية ولستم سلطة شرعية، لأن السلطة الشرعية ينتخبها الشعب»، في إشارة إلى أن «المجلس الأعلى» لم يكن حائزا الشرعية الشعبية عكس البرلمان الذي تم حله. وأضاف بلخادم: «لا أريد أن أضع إصبعي على الجرح، لأن المصالحة الوطنية (التي أطلقها بوتفليقة عام 2005) مكسب رائع ينبغي أن نحافظ عليه.. وعلى كل حال سيأتي اليوم الذي تنكشف فيه الحقائق». ومعروف محليا، أن جوهر الصراع بين بلخادم ونزار آيديولوجي وثقافي بالأساس. فالأول ينتمي لما يعرف ب«التيار الإسلامي» في السلطة قياسا إلى خطابه الذي يحمل نبرة دينية. وبلخادم هو واجهة التيار العروبي في قطاعات من السلطة، عكس تماما نزار الذي ينتمي إلى النخبة المتشبعة بالثقافة الفرنسية النافذة في الدولة، وهو من أشد أعداء الإسلاميين والعروبيين. *تعليق الصورة: عبد العزيز بلخادم و الجنرال خالد نزار