تظاهر ألاف التونسيين مساء الاثنين في العاصمة التونسية وفي مدينة صفاقس (وسط شرق) ثاني أكبر مدينة في البلاد, منددين بما اعتبروه "تهديدا" من حركة النهضة الاسلامية الحاكمة للمكتسبات الحداثية للمرأة التونسية، في وقت تواجه الحكومة احتجاجات متزايدة. وجرت تظاهرتان في العاصمة تونس أحداهما ماذونة والأخرى غير ماذونة، تحت الشعار ذاته وهو سحب مادة من الدستور الجديد يدعمها الاسلاميون وتنص على ان المرأة "مكملة للرجل" وليست مساوية له في الحقوق والواجبات، وفق وكالة الأنباء الفرنسية. وتجمع ألاف الأشخاص أمام قصر المؤتمرات في تونس اعتبارا من الساعة الثامنة مساء بعد الافطار للتعبير عن تاييدهم لحقوق المراة التي تحظى بوضع فريد من نوعه في العالم العربي، وطالبوا ب"التنصيص" ضمن دستور تونس الجديد على "المساواة" بين الجنسين. وقالت مايا جريبي الامينة العامة للحزب الجمهوري "لم يعد يمكن التفكير في مستقبل (تونس) بدون المرأة". وردد المتظاهرون من الجنسين الذين تجمعوا في في شارعي الحبيب بورقيبة ومحمد الخامس شعارات معادية لحركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي وأمينها العام حمادي الجبالي رئيس الحكومة، ومحرزية العبيدي نائبة رئيس المجلس الوطني التأسيسي عن حركة النهضة، مثل"التونسية حرة..حرة.. والنهضة والغنوشي والجبالي على بره" و"المرأة التونسية ليست محرزية" و"التونسية في العلالي لا غنوشي لا جبالي" و"النهضاوي رجعي سمسار". كما رددوا شعارات أخرى مثل "المرأة التونسية رمز الجمهورية" و"بالروح بالدم نفديك يا تونسية" فيما هتف البعض باسم الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة الذي يعتبر محرر المرأة التونسية. ودعت إلى التظاهر منظمات حقوقية ونسائية وأحزاب سياسية معارضة اتهمت حركة النهضة بالسعي إلى تمرير فصل ضمن دستور تونس الجديد يعتبر المرأة "مكملة للرجل". وفي صفاقس على مسافة 260 كلم جنوب العاصمة تظاهر ألف شخص تحت الشعار ذاته، على ما افاد صحافي وكالة الأنباء الفرنسية، كما افاد مستخدمو الشبكات الاجتماعية عن تظاهرات أخرى في أنحاء مختلفة من البلاد. وهذه أهم تظاهرات للمعارضة التونسية منذ مسيرة محظورة تم تفريقها بعنف في ابريل في شارع الحبيب بورقيبة. وجرت التظاهرات في ذكرى إصدار "مجلة (قانون) الأحوال الشخصية" في 13 غشت 1956 في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة التي لا يزال معمولا بها إلى اليوم, والتي منحت المرأة التونسية حقوقا فريدة من نوعها في العالم العربي منحتها المساواة مع الرجل في عدة مجالات. ورغم أن الاسلام يبيح للرجل الزواج باربع نساء الا ان المجلة جرمت تعدد الزوجات والزواج العرفي ومنعت إكراه الفتاة على الزواج من قبل ولي امرها، وسحبت القوامة من الرجل وجعلت الطلاق بيد القضاء بعدما كان بيد الرجل الذي كان ينطق به شفهيا. ومنذ وصول حركة النهضة الاسلامية إلى الحكم بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011، تبدي منظمات حقوقية ونسائية باستمرار مخاوف من التراجع عن مكتسبات المرأة التونسية، رغم تعهد الحركة اكثر من مرة بالمحافظة على هذه المكتسبات. وتقول منظمات نسائية إن حركة النهضة تخفي وراء خطابها التطميني والحداثي مشروعا "رجعيا" أجلت تطبيقه إلى وقت لاحق. وازاء الانتقادات يؤكد حزب النهضة الاسلامي الذي يراس الائتلاف الحاكم تمسكه بحقوق التونسيات وبمجلة الاحوال الشخصية مشيرا الى ان المساواة بين الرجل والمراة ستنص عليها مقدمة القانون الاساسي المقبل. ويدور السجال حاليا حول الفصل 28 في مشروع الدستور الجديد الذي اعتمدته احدى لجان المجلس التاسيسي في الاول من غشت ولا يزال يتعين ان يعتمده المجلس باكمله. وينص هذا الفصل على ان "تضمن الدولة حماية حقوق المرأة ومكتسباتها على أساس مبدأ التكامل مع الرجل داخل الأسرة وبوصفها شريكا للرجل في التنمية والوطن". وتواجه حكومة حركة النهضة في الأسابيع الأخيرة موجة احتجاجات متزايدة على عدة جبهات. وتندد المعارضة والمجتمع المدني بنزعة الى التسلط وبمحاولة لفرض الشريعة الاسلامية بشكل متزايد في المجتمع. كما تتزايد التوترات الاجتماعية وتم قمع عدة تظاهرات ضد الفقر وانقطاع المياه والبطالة في وسط البلاد في الأسابيع الأخيرة. وردا على ذلك دعت النقابات الى إضراب عام الثلاثاء في منطقة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية عام 2011 للمطالبة خصوصا باطلاق سراح المتظاهرين الذين تم اعتقالهم الاسبوع الماضي. وكان الفقر والاوضاع المعيشية من الدوافع الأولى خلف الثورة التي أطاحت نظام الرئيس بن علي ويتهم العديدون الحكومة بانها لم تستجب لمطالب الشارع. *تعليق الصورة: تظاهرة نسائية في تونس، أرشيف.