أعلن رسميا اليوم الاربعاء، في تونس عن تعيين حمادي الجبالي، الرجل الثاني في حزب حركة النهضة (اتجاه إسلامي) من قبل رئيس الجمهورية المؤقت، منصف المرزوقي، في منصب رئيس الحكومة، وكلفه بتشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة، التي ستتولى إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة القادمة . وكان المرزوقي ، قد أدى أمس الثلاثاء، اليمين الدستورية أمام المجلس التأسيسي، وتولى مهامه رسميا كرئيس مؤقت للبلاد خلال المرحلة الانتقالية التي ينتظر أن تستمر سنة على الأقل ، يتم خلالها تنظيم انتخابات رئاسية وأخرى برلمانية ، بناء على دستور جديد يتولى المجلس التأسيسي المنتخب صياغته . وصرح الرئيس المؤقت إنه بعد تعيين رئيس الحكومة يكون بناء أركان الدولة للمرحة الانتقالية الجديدة قد اكتمل ، أي بعد انتخاب رئيس للمجلس التأسيسي في 22 نوفمبر الماضي في شخص مصطفى بن جعفر ، رئيس حزب التكتل من أجل العمل والحريات ، ومنصف المرزوقي ، رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ، رئيسا مؤقتا للدولة. يذكر أن الأحزاب الثلاثة ، صاحبة الأغلبية في المجلس التأسيسي ( 138 من بين 217 )، الذي تم انتخابه في 23 أكتوبر الماضي ، قد اتفقت في إطار تحالف ثلاثي على تقاسم "الرئاسيات الثلاث" وتشكيل حكومة ائتلافية. ومن المنتظر أن يتم تقديم التشكيلة الحكومية الجديدة خلال اليومين القادمين أمام مجلس المستشارين لنيل الثقة ، قبل أن تباشر مهامها ، حيث سبق للجبالي أن صرح مؤخرا أن هذه التشكيلة "شبه جاهزة" ، بعد المفاوضات التي شهدتها الأسابيع الأخيرة بين أطراف التحالف لتوزيع الحقائب الوزارية . ويعتبر حمادي الجبالي، الذي يشغل منصب أمين عام حركة النهضة، الرجل الثاني في الحركة ، بعد زعيمها ، راشد الغنوشي، من الوجوه المعتدلة بين قيادات هذا الحزب، ذي المرجعية الإسلامية المعتدلة.(يتبع). وينحدر الجبالي،الذي سجن في بداية التسعينات من القرن الماضي ، في عهد نظام الرئيس السابق ، زين العابدين بن علي، لمدة 16 عاما، من مدينة سوسة الساحلية ، التي ولد بها سنة 1949 ، وهو مهندس متخصص في الطاقة الشمسية ، وسبق له أن مارس الصحافة ، حيث تولى رئاسة تحرير جريدة (الفجر) الناطقة باسم حركة النهضة ، كما شارك في تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي سنة1981 ، قبل أن تتحول سنة 1989 إلى حركة النهضة. وانخرط الجبالي في النشاط السياسي داخل الحركة الإسلامية منذ ثمانينيات القرن الماضي، وبرز اسمه على الساحة السياسية خلال 1981 إثر اعتقال ومحاكمة القيادات التاريخية لهذه الحركة في أواخر عهد الرئيس الراحل ، الحبيب بورقيبة. وتولى خلال هذه الفترة إدارة شؤون الحركة برفقة علي العريض، ثم انتخبه مجلس (شورى الحركة) عام 1982 رئيسا لحركة الاتجاه الإسلامي التي تولى قيادتها حتى عام 1984 ، تاريخ إطلاق سراح قياداتها، ليصبح عضوا في عدد من هياكلها مثل المكتب التنفيذي والمكتب السياسي ومجلس الشورى. وفي سنة 1990 قدم الجبالي للمحاكمة ضمن قيادات حركة النهضة التي أصبحت حزبا محظورا، بتهمة الانتماء إلى جمعية غير مرخصة ومحاولة قلب نظام الحكم، وحكم عليه ب`16 سنة سجنا نافذة، قضى منها 10 سنوات في السجن الانفرادي. وبعد الاطاحة بنظام بن علي ، استرجعت حركة النهضة شرعيتها. وقبيل انتخابات المجلس التأسيسي في أكتوبر الماضي ، قام الجبالي بزيارة لواشنطن على رأس وفد من الحركة ، حيث التقى مع أوساط صنع القرار في الساحة الأمريكية، بهدف نقل رسائل تطمين بخصوص الأهداف والبرامج السياسية للإسلاميين في تونس ، في حالة وصولهم إلى الحكم ، كما أوردت في حينه الصحافة التونسية. وكان الجبالي قد صرح لصحيفة (لوموند) الفرنسية قبيل الانتخابات الأخيرة ، بأن حركة النهضة ، إذا فازت في الانتخابات ستعمل على جعل تونس بلدا ديمقراطيا في إطار دولة مدنية ، مشددا على أنه لن تكون هناك "دولة اسلامية". غير أن تصريحاته الأخيرة في تجمع شعبي من أنصار حزبه بمسقط رأسه حول موضوع "الخلافة" أثار موجة من الانتقادات في صفوف الخصوم السياسيين لحركة النهضة ، معتبرين ما عبر عنه الجبالي تكريسا لما يصفونه ب` "ازدواجية الخطاب" لدى قادة الحركة.