في مثل هذا اليوم، ومنذ عشر سنوات مضت، اندلعت بدون مقدمات أزمة كبيرة وعميقة بين إسبانيا والمغرب، كادت أن تؤدي إلى نزاع مسلح، على خلفية جزيرة "ليلى" أو "إسلوتي بريخيل" كما يسميها الإسبان، ذات الوضع القانوني الملتبس. وكانت عناصر من الدرك المغربي، قد نزلت بالجزيرة الصخرية الخالية من السكان والتي تقع على مرمى حجر من اليابسة المغربية، بمبرر مراقبة شبكات تهريب المخدرات والهجرة السرية التي تستعمل طرقا بحرية للوصول إلى سبتةالمحتلة، بينما اعتبرت إسبانيا ما قام به المغرب احتلالا للجزيرة المهجورة وإجراء انفراديا ولم تكترث بالحجج المغربية . وكشفت تلك الأزمة التي تم احتواؤها بسرعة نتيجة مساعي دولية في مقدمتها الولاياتالمتحدة التي قال وزير خارجيتها إذ ذاك "كولن باول " ما مفاده إنها جزيرة تافهة لا تستحق كل هذه الضوضاء، كشفت عن أزمة عميقة بين الجارين، فجرتها على السطح تلك الصخرة التي تهرب منها حتى الماعز. واعتبر الرد العنيف الذي قامت به إسبانيا، بتحريك قواتها البحرية والجوية وعناصر "الكوماندو " وإعلان حالة الحرب في صفوف القوات المسلحة، اعتبر بمثابة إجراء انتقامي من قبل حكومة اليمين بزعامة خوصي ماريا اثنار، الذي لم يتفهم كيف أن المغرب يمكن أن يدافع عن مصالحه في قطاع الصيد البحري، لدرجة عدم تجديد الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي الذي يستفيد منه الأسطول الإسباني في المقام الأول . واليوم توارت الجزيرة إلى منطقة النسيان في ذاكرة المغاربة والإسبان على العموم، وإن كانت صحافة جار المغرب الشمالي ، حركت الملف من جديد وأيقظت المواجع، باستعادة شريط الأحداث العصيبة. إلى ذلك تزامنت الذكرى العاشرة مع سلوك غريب قام بها وزير الداخلية الإسباني، خلال زيارته أمس لمدينة مليلية المحتلة والتي وصفها الإعلام المغربي بكونها شبه سرية، استغلها الوزير لوضع أكاليل من الزهور فوق قبور الجنود الإسبان الذين سقطوا في حرب الريف، وتحديدا أثناء معركة "أنوال" التي دحرت فيها القوات الغازية على يد المجاهدين بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي . ويتناقض هذا السلوك مع ما تعلنه إسبانيا من سعيها لتوثيق علاقات التعاون مع المغرب، كما يأتي "التصرف" والبلدان يستعدان لترتيب اجتماع اللجنة العليا المشتركة التي لم تلتئم منذ مدة بالنظر إلى السحب الكثيفة التي غطت سماء علاقات البلدين في أوقات سابقة. ويلاحظ أن مدريد، لا تريد أن تتخلى عن السياسة المتبعة بخوص الأراضي المغربية المحتلة، رغم الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها والتي تفترض أن تتغير نظرتها إلى الجار المغربي. وربما يكون التصعيد من الجانب الإسباني والتذكير بالأمجاد العسكرية، محاولة من حكومة مدريد اليمينية، التغطية على عمق الأزمة الاقتصادية ، وإيقاظ جذوة الشعور الوطني حتى ولو كان تعبيرا عن أهداف استعمارية لم يعد العصر يقبلها . *تعليق الصورة: جزيرة بيريخيل