مغارب كم تونس تبدو حصيلة العلاقات التجارية المغربية التونسية والتعاون الاقتصادي بين البلدين بصفة عامة متواضعة بالرغم من وجود إطار قانوني ملائم يتمثل في ترسانة من الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف ٬ وأهمها الاتفاقية الثنائية للتبادل الحر ٬ واتفاقية أكادير٬ واتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى٬ وكلها توفر تسهيلات هامة واعفاءات جمركية كبيرة للفاعلين الاقتصاديين المغاربة والتونسيين سواء على مستوى التبادل التجاري أو الاستثمارات. ويعول الفاعلون الاقتصاديون المغاربة والتونسيون على الدورة الجديدة للجنة العليا المشتركة التي ستنعقد بالرباط في 15 يونيو الجاري برئاسة رئيسي الحكومتين المغربية والتونسية٬ للدفع في اتجاه رفع حجم المبادلات التجارية٬وتطوير التعاون الاقتصادي بصفة عامة، حسب تقرير لوكالة الأنباء المغربية، بقلم علي بنستيتو. ولن يتأتى ذلك ٬ برأي هؤلاء الفاعلين٬ إلا من خلال ما يمكن أن تتخذه اللجنة من قرارات وإجراءات عملية لتذليل العقبات التي هي في أغلبها إدارية وفنية ٬ من أجل الارتقاء بهذه المبادلات إلى المستوى الذي سبق أن اتفق عليه الجانبان من قبل وحدد في 500 مليون دولار ٬ وهو ما يتطلب بلورة شراكة حقيقية ومربحة للطرفين. ويقدر حجم المبادلات التجارية بين تونس والمغرب٬ حسب بيانات المركز التونسي للنهوض بالصادرات ٬ بنحو 330 مليون دولار خلال سنة 2011 . كما يصل حجم الاستثمارات التونسية في المغرب ٬طبقا لنفس المصدر إلى حوالي 6ر66 مليون دولار ٬ حيث تنشط في المملكة 30 مقاولة تونسية في عدد من القطاعات خاصة في مجال الخدمات . وتتفاوت هذه الأرقام بقليل عن تلك الصادرة عن الجانب المغربي (مكتب الصرف) ٬ والتي تبين أن الحجم الإجمالي للمبادلات بين البلدين سجل سنة 2010 نحو 35ر3 مليار درهم (419 مليون دولار)٬ قبل أن يتراجع إلى 94ر2 مليار درهم ( نحو 367 مليون دولار) سنة 2011 . وتقدر الاستثمارات المغربية في تونس٬ حسب المصادر التونسية ٬ بíœ 60 مليون دينار ( نحو 40 مليون دولار) ٬ حيث تنشط 19 مقاولة في عدد من القطاعات من بينها الفلاحة والصناعة والخدمات البنكية. وحسب الخبراء٬ فإن هذه الأرقام ٬ تمثل بالكاد نحو 3 في المائة من تجارة البلدين الخارجية٬ في الوقت الذي تتوفر فيه اقتصادياتهما على إمكانات هائلة لجعل المبادلات الثنائية تحقق مستويات أعلى مما هي عليه الآن بكثير. ولم يخف رئيس الحكومة التونسية٬ حمادي الجبالي٬ في تصريحات للصحفيين عقب محادثاته مع نظيره المغربي٬ عبد الإله إبن كيران خلال زيارة هذا الأخير لتونس يومي 24 و25 مايو الماضي ٬ انزعاجه من هزالة حجم المبادلات بين البلدين . وقال الجبالي إن ضعف مستوى التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين "يبقى دون طموحاتنا وما عبر عنه البلدان من إرادة سياسية"٬ مشددا على ضرورة الارتقاء بالتعاون الاقتصادي سواء على المستوى الثنائي أو على الصعيد المغاربي. وفي السياق ذاته٬ أكد سعد الدين العثماني٬ وزير الشؤون الخارجية والتعاون عقب اجتماع وزاري ترأسه الأسبوع الماضي السيد ابن كيران للتحضير للدورة الجديدة للجنة العليا ٬ عزم المغرب "إعطاء دفعة قوية" للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع تونس ٬ موضحا أن هذه المسألة ستأخذ حيزا كبيرا في مناقشات اللجنة. ويعزو العديد من الخبراء ضعف حجم التعاون الاقتصادي بين البلدين٬ رغم وجود إطار قانوني مناسب٬ إلى جملة من الأسباب تهم أساسا البيروقراطية والتعقيدات الإدارية المبالغ فيها أحيانا وإعطاء الأسبقية في التطبيق للقوانين والإجراءات الإدارية المحلية على حساب الاتفاقيات الثنائية أو المتعددة الأطراف. وعلى الرغم من اعتبار بعض المهنيين كون اقتصاديات البلدين وقطاعاتهما الإنتاجية توجد في وضعية تنافس ولا توفر فرصا كبيرة للتكامل ٬ فإن خبراء اقتصاديين يرون عكس ذلك تماما٬ مؤكدين على وجود صيغ متعددة أمام رجال الأعمال والفاعلين الاقتصاديين في القطاع الخاص بالبلدين للتعاون والشراكة في عدة قطاعات من بينها الصناعة والطاقة والبناء وصناعة الأدوية . وفي هذا الإطار٬ احتضنت العاصمة التونسية مؤخرا ملتقى لرجال الأعمال المغاربة والتونسيين تم تنظيمه بتعاون بين المركز المغربي لانعاش الصادرات (مغرب تصدير) ونظيره التونسي مركز النهوض بالصادرات. وكان هذا اللقاء مناسبة لاستعراض العديد من الفرص المتاحة أمام الجانبين للتعاون في إطار صيغ للشراكة من خلال تنفيذ مشاريع مشتركة خاصة في البلدان الافريقية والقيام باستكشاف أسواق يستفيد منها المغاربة والتونسيون بصورة متكافئة. واستنادا لكل هذه المعطيات ٬ فإن الآمال معلقة على اجتماع اللجنة العليا المشتركة ٬ الذي يأتي في ظل ظروف مناسبة وإرادة سياسية واضحة من قبل الجانبين٬ لكي تعطي مؤشرات قوية للفاعلين الاقتصاديين ليضطلعوا بدورهم كاملا في تحقيق هذه الشراكة المرجوة . [Share this]