وصف محمد اليازغي، القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المعارض، قرار الحكومة المغربية سحب الثقة من كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، بأنه " قرار خطير"،على حد قوله. وأضاف اليازغي ، الذي كان يتحدث في برنامج " مباشرة معكم" ليلة أمس، على شاشة القناة التلفزيونية الثانية، أن الصحراء قضية وطنية، ولايجوز لأي حزب، حتى ولو تصدر الانتخابات أن يقرر فيها، دون أن يسبق ذلك حوار وتشاور وطني " مع كل الأطراف، سواء كانت في الأغلبية أو المعارضة". وذكر القيادي الاتحادي، ووزير الدولة سابقا،أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، حين عزم على اتخاذ مبادرة بشأن مخطط الحكم الذاتي، أجرى مشاورات بهذا الخصوص مع التنظيمات السياسية، وكل حزب أبدى تصوره للمشروع. وقال اليازغي" كان يجب أن نعرف إلى أين نحن سائرون"، متسائلا في نفس الوقت:" هل للحكومة تصور كيف ستتطور القضية عند مجلس الأمن؟". ورغم انه عبر عن اقتناعه بالمبررات التي قدمها مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، الناطق الرسمي بإسم الحكومة، الذي شارك في البرنامج،لسحب الثقة من الوسيط الأممي، فإن اليازغي أكد أنه كان يتعين على القوى السياسية، أن تكون على علم مسبق بذلك،" كما كان ينبغي استشارة حلفائنا قبل اتخاذ هذا القرار". ولاحظ اليازغي أن الأمين العام للأمم المتحدة جدد ثقته في مبعوثه الشخصي، غداة سحب المغرب لثقته من روس، مشيرا إلى أن كل الأطراف الدولية الأخرى لزمت الصمت، باستثناء فرنسا التي أكدت أهمية المقترح المغربي . كما حذر اليازغي من "أن الأزمة مع روس، يمكن أن تصبح مع الأمين العام للأمم المتحدة، ومع مجلس الأمن،" على حد تعبيره. وسجل اليازغي أن خطأ روس أنه لم يبذل أي مجهود أو يدفع في اتجاه حل سياسي متوافق عليه، وظل يردد دائما أن الأطراف المعنية متعصبة لأفكارها، في إشارة إلى تمسك المغرب بمقترح الحكم الذاتي، والبوليساريو بمقترحها أثناء المفاوضات. ودعا اليازغي إلى استخلاص العبر مما حصل وإقناع مجلس الأمن بأن يكون مخطط الحكم الذاتي هو أرضية الحوار . وقال اليازغي إن المغرب في أرضه، وينبغي للحوار في الصحراء أن يأخذ مداه، مضيفا أن " قوتنا هي تماسك أبناء الصحراء". ومن جهته، شدد الخلفي على أن الصحراء فعلا ليست قضية حزب، بل قضية بلد، مشيرا إلى استمرارية السياسة الخارجية، التي لاتتبدل رغم تغيير الحكومات، وتعاقبها على السلطة، مذكرا بالمحطات التي شهدها الملف في الآونة الأخيرة. وأضاف أن الموقف الصارم لبلده كان نتيجة دراسة، وأن المغرب في أرضه، ويطالب فقط بتصحيح المسار، بعد انحياز الوسيط الأممي الذي كان يجب أن يبقى محايدا. وأبرز الخلفي أن هناك خطوة خطيرة كانت تدبر " لضرب السيادة الوطنية على الصحراء، وكان يتعين علينا تدبير الموقف بنوع من الحكمة"، ملمحا إلى أن " مسلسل الانحدار بدأ منذ مدة، وأن خيار الاستفتاء غير ممكن، ولذلك جاء مخطط الحكم الذاتي مستندا على المعايير الدولية. ولم يفت الخلفي أن يصرح بأن " هناك تحديات يجب أن نتحمل الجرأة لمعالجتها"، منوها بأن المغرب يتوفر على عناصر قوة، من بينها التطور الداخلي الذي يشهده على عدة مستويات، وشدد على القول " إن المعركة هي إنجاح مشروع الجهوية المتقدمة." وقال محمد البريني مدير يومية" الأحداث المغربية"،إن الأممالمتحدة ظلت دائما " تدور في حلقة مفرغة"، منذ اندلاع النزاع، ليبقى التساؤل المطروح في نظره،هو كيفية الخروج من الوضعية الحالية، معبرا عن اعتقاده بأن أي مبعوث جديد ليس في إمكانه حل الإشكال. وقال البريني إن الجزائر خلقت وضعية هي الآن سجينة لها، مبديا عدم تفاؤله بإمكانية أن يؤدي المسلسل الأممي إلى حل سياسي إذا لم تغير الجزائر موقفها من الملف. ولاحظ البريني أن المغرب فشل في تسويق مخطط الحكم الذاتي، وأغفل التوجه إلى الرأي العام الدولي، ماجعل بعض فئاته تكون ضده، في بعض البلدان مثل اسبانيا وغيرها. ووصف الموساوي العجلاوي، من معهد الدراسات الإفريقية، مايجري على أرض الصحراء بأنه بمثابة " بقعة زيت قد تتسع دائرتها أكثر لتشمل مناطق أخرى"،نظرا لما تنطوي عليه من مخاطر، مشيرا إلى أن الإشكال جد معقد، وهو " أكبر من موقف مغربي"، حسب تعبيره، مشيرا إلى أن حل الإشكال ليس في يد الأممالمتحدة، بل بين المغرب والجزائر. ودعا عبد المجيد بلغزال، الناشط الجمعوي والحقوقي، إلى مواجهة ماأسماه ب" الأعطاب"، في التعامل مع قضية الصحراء، ملحا على بناء علاقة تسودها الكرامة والاحترام، وغيرها من قيم حقوق الإنسان. وخلص بلغزال إلى القول إلى أن "قوتنا تكمن في الأرض والواقع".