خص المسؤولون المغاربة الوسيط الأممي الجديد المكلف بقضية الصحراء، كريستوفر روس، باستقبال من نوع خاص، حيث أقيم على شرفه حفل عشاء حضره الوزير الأول عباس الفاسي والأمناء العامون للأحزاب السياسية ورئيسا البرلمان. وقد أجمعت تدخلاتهم على أنه «لا يمكن للمغرب أن يقدم تنازلات بخصوص سيادته الوطنية». حفاوة الاستقبال أراد من خلالها المسؤولون المغاربة توجيه رسالة واضحة إلى المنتظم الدولي بكون قضية الصحراء تعد محط إجماع من لدن جميع المغاربة بمختلف فصائلهم وألوانهم السياسية. وفي الوقت الذي كان فيه كريستوفر روس يجري مباحثات مع المسؤولين المغاربة، أدلى المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية بتصريح أكد فيه أن مخطط الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب، يشكل «قاعدة للتفاوض بهدف التوصل إلى حل معقول متفاوض بشأنه بين مختلف الأطراف في إطار الأممالمتحدة» لقضية الصحراء، وهو التصريح الذي يصب في خانة تحريك البركة الآسنة لهذا الملف الذي بقي لسنوات عصيا على الحل. ورغم أن هذه الزيارة التي يقوم بها رابع مبعوث أممي إلى المنطقة لا تعدو أن تكون استكشافية للمواقف المعلنة، في أفق عقد الجولة الخامسة من المفاوضات المباشرة بين المغرب والبوليساريو، فإن عددا من المراقبين لا يرون فيها أي قيمة مضافة يمكن أن تحيل على حل الملف في الأفق القريب. ويرى الباحث في شؤون الصحراء مصطفى ناعيمي وعضو الكوركاس، أن المسألة تأخذ حجما أكبر على مستوى تفعيل هذا الملف الشائك، فكل مبعوث أممي يستحضر من جانبه ما آل إليه الوضع إبان عهد سابقه، فهناك تأخر وتعثر في المفاوضات. وبخصوص رهان المغرب على ما سيقوم به كريستوفر، يوضح ناعيمي في تصريح ل«المساء» أن الموقف الرسمي يؤكد على ضرورة تفعيل دور القوى العظمى المؤثرة في القرارات الدولية، كما أن قوة المغرب حاليا تكمن في طبيعة المبادرة التي طرحها خلال الجولات السابقة، والمتمثلة في الحكم الذاتي الذي اعتبرته العديد من الدول إطارا مناسبا للتفاوض. المغرب أيضا يراهن على ألا تنطلق المفاوضات من الصفر وأن تكون الخلاصة التي توصل إليها المبعوث السابق فان والسوم أرضية لاستئناف هذه المفاوضات، لكن البوليساريو، حسب عبد المجيد بلغزال عضو الكوركاس، مازالت متشبثة بالانطلاق مجددا من الصفر. وحسب المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، فإن الزيارة التي يقوم بها كريستوفر للمنطقة ستمكن «الأطراف من استئناف الحوار والتقدم نحو حل سياسي متفاوض بشأنه، مما يؤدي كذلك من ظهور تكتل مغاربي دينامي ومزدهر لفائدة جميع بلدان المنطقة». الغريب في زيارة روس للمنطقة أنه استثنى هذه المرة موريتانيا لأن مجلس الأمن لم يحسم بعد في شرعية النظام الحاكم، واختار بالمقابل إدخال محور باريس ومدريد في المباحثات، باعتبار هذين البلدين من ضمن مجموعة أصدقاء الصحراء، إلى جانب الفاعلين الكبار بمجلس الأمن كبريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية وروسيا التي تعتبر راعية السلام في ما يخص ملف الصحراء. ويبدو قادة البوليساريو، الذين سيتلقون بروس غدا السبت، متحفظين إزاء هذه الزيارة، فهم يجهلون طبيعة الشخص، كما أنهم يضعون في اعتبارهم أن الدبلوماسية الأمريكية خطواتها محسوبة ومحددة، وأنه يجب على الأطراف المتنازعة أن «تقبل كل شيء أو لا شيء».