أكد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية، مساء اليوم، بأنه لن يتراجع عن موقفه إزاء قضية تشغيل الخريجين بواسطة المباراة، إلا بحكم من المحكمة، على حد تعبيره، في ختام أول جلسة شهرية في نطاق الأسئلة الشفوية كاختصاص رقابي من طرف البرلمان. كانت تلك أخر كلماته أمام ممثلي الشعب في مجلس النواب، في جلسة أجمع الكل على وصفها بأنها "لحظة تاريخية ممييزة" في مسار المسلسل الديمقراطي، في ظل الدستور الجديد، خاصة وأنها اتسمت بالصراحة والمكاشفة والمواجهة والحدة أحيانا. وقال بنكيران، إنه لايمكن له أن يخالف القانون في هذا السياق، حرصا منه على تكريس المساواة وتكافؤ الفرص، وانسجاما مع مقتضيات الوثيقة الدستورية، التي صوت عليها الشعب المغربي بداية يوليوز الماضي. الدولة تواجه ظروفا صعبة وفوجيء بنكيران، خلال مناقشة ملف التشغيل، في ضوء سياسة الحكومة المتبعة لمحاربة البطالة، بأصوات من مكونات الأغلبية البرلمانية، تدعو إلى الوفاء بمحضر 20 يوليوز الموقع بين الحكومة السابقة وممثلي تنسيقيات المعطلين. وعبر عن صدمته ، ببشيء من الانفعال، بقوله إنه يستغرب ويتألم نتيجة لذلك الكلام، واصفا إياه بغير المنطقي، ومذكرا بأن الحكومة التي وقعت ذلك المحضر هي التي سنت قانونا يمنع التوظيف المباشر،" ويجب ألا نتلاعب بالقانون". وأشار إلى أن " هناك اختلالات ، والدولة يتواجه ظروفا صعبة"، وسوف تفتح الباب للتوظيف في وجه الخريجين على قدر استطاعتها، ملمحا إلى أن هناك عددا كبيرا من الموظفين، أكثر من اللازم. وقال أيضا إن المغرب يريد أن يقطع مع الممارسات السلبية التي كانت تطبع الماضي،كي " ترجع الأمور إلى نصابها، و نسير دائما في اتجاه المعقول"، على حد تعبيره. الريع اسلوب في الحكم واستأثر ملف اقتصاد الريع وإعمال الحكامة الجيدة بحيز واسع من النقاش السياسي بين رئيس الحكومة والفرق النابية تحت قبة البرلمان ،تابعه المشاهدون في بث مباشر على القناة " الأولى " للتلفزيون المغربي. وأوضح بنكيران في أجوبته، أن الريع شكل طريقة في الحكم، وتم استعماله في الماضي ك" وسيلة لاستقطاب بعض الأشخاص للمساهمة في الحكم"، مشددا على ضرورة محاربته إلى أخر مدى، وإن اعترف بصعوبة المهمة، داعيا الى تضافر جهود الجميع وفق مقاربة تشاركية، لاسيما وأن الإصلاح يتطلب المزيد من الوقت. وأضاف أن اقتصاد الريع تأسس في المغرب على مدى 50 سنة، وظل يدافع عن نفسه، "ولايمكن لبنكيران أن ينتزعه من المستفيدين منه، لوجود بعض الإشكاليات"، ملمحا إلى أن هناك رياضيين ومقاومين قدموا خدمات للوطن، وأعطيت لهم رخص النقل كمصادر للعيش. واشأر إلى أن هناك فنانين محتاجين لهذه الرخص، وخص بالذكر الممثل المغربي عبد الرحيم التونسي، المعروف ب" عبد الرؤوف"، الذي قال إنه مازال يضحكه كفنان كوميدي. وأبرز أنه لو اقتصر ذلك على المحتاجين لهان الأمر، بل إن هناك " بعض مخلوقات الله"، ممن يتوفرون على أكثر من 16 رخصة للنقل، مذكرا بالضجة التي صاحبت الكشف عن لائحة " المأذونات" ( رخص النقل). ولم يفت رئيس الحكومة أن يتطرق في عجالة إلى ماتحقق من إنجازات، في مجال محاربة اقتصاد الريع، متوقفا بالخصوص عند تفعيل توصيات هيئات الرقابة، وتحسين حكامة المؤسسات، واسترجاع بعض الأراضي الزراعية التي لم تستغل جيدا من طرف المستثمرين فيها. الملك هو المسؤول عن تنزيل الدستور ولدى تطرقه إلى محور المخطط التشريعي أبرز بن كيران ان الحكومة خصصت حيزا لذلك قصد الرفع من وتيرة الرصيد التشريعي٬ سعيا وراء تحديث الترسانة القانونية، من خلال التنزيل الديمقراطي والتشاركي لمقتضيات الدستور الجديد. واستعرض بنكيران بعض القوانين التنظيمية ، مستشهدا ببعض الأمثلة، كتفعيل الطابع الرسمية للأمازيغية٬ وتنظيم أعمال الحكومة٬ وشروط وحق ممارسة الإضراب وقواعد تنظيم المحكمة الدستورية إلى غيرها من القوانين، وأعطى بعض الأرقام، فأبرز أن هناك 150 مشروع قانون و140 مرسوم. وبهذا الخصوص، قال بنكيران إن العاهل المغربي الملك محمد السادس، هو المسؤول عن تنزيل الدستور، " وقد أوصاني باحترام مباديء الدستور"، مشيرا إلى " ان المساندة الملكية موجودة". والمعارضون ليسوا خصوما وعبر بنكيران عن اعتقاده بأنه لايعتبر المعارضين خصوما ، بل منافسين، لكنه لمح " إلى أن هناك عفاريت عبر التاريخ"، "وكل مرة يجسدها أحد ما"، مضيفا أنه "لابد أن هناك فئة لاتريد الإصلاح". وأعلن أنه سيتم العمل أيضا على ملاءمة المنظومة القانونية مع مقتضيات الدستور الجديد. وانتقد بنكيران من أسماهم ببعض موظفي الدولة في الإعلام العمومي، دون أن يسميهم، في تلميح إلى الرئيس المدير العام للقطب العمومي الإعلامي، ومدير القناة الثانية " الدوزيم"، ومديرة الأخبار، بعد خرجاتهم الإعلامية، ضد دفاتر التحملات لإصلاح المشهد الإعلامي. وتساءل بنكيران بنوع من السخرية المبطنة:" من أين جاء هؤلاء بهذه الشجاعة؟" وكشف أن العاهل المغربي أبدى بعض الملاحظات، " وأنا من أوقفت الدفاتر قبل إرسالها إلى الجريدة الرسمية،" في تلميح إلى التريث لإدخال بعض التعديلات عليها بعد مراجعتها. وكعادته، خلق بنكيران جوا من الإثارة داخل قبة مجلس النواب، ببعض قفشاته، وانفجر الحاضرون بالضحك ، حين قال " إن همتنا مستمرة"، في إشارة إلى إرادة الحكومة لمواجهة الصعوبات والتحديات. فانبرى يقول إن المقصود بذلك هو الرد على نائبة برلمانية كانت قد سألته في معرض تعقيبها :" أين هممكم؟".