أعلن الرئيس محمود عباس انه طلب من تونس التي بدأ زيارتها منذ السبت الماضي، «المساعدة في إتمام عملية المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام»، فيما نقلت وكالة «سما» عن مصادر فلسطينية ان مسألة الأرشيف الفلسطيني، خصوصاً أرشيف الرئيس الراحل ياسر عرفات، شكلت أبرز النقاط التي بحثها عباس في تونس. وكان الأرشيف موضع جدل متواصل منذ وفاة الزعيم الفلسطيني وانقسام الساحة الفلسطينية بين «حماس» في غزة والسلطة الفلسطينية في رام الله، اذ يحاول كل من الطرفين الحصول على الأرشيف والاستئثار به. ولم يتم تنفيذ الاتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي بتسليم الأرشيف، اذ كانت الحكومة التونسية تعتمد في تأجيل عملية التسليم على القانون الذي يفرض تسليم الارشيف إلى أحد الأقارب المباشرين. وأشارت أنباء في حينه إلى سعي سهى عرفات إلى تعطيل عملية التسليم بحكم علاقاتها الوطيدة مع العائلة الحاكمة آنذاك. وتشير مصادر مطلعة في تونس إلى صعوبة المفاوضات في هذا الملف الشائك، مضيفة ان الجانب الفلسطيني سيطالب على الأقل بنسخة إلكترونية من الأرشيف في مرحلة أولى، في انتظار استكمال المفاوضات، على أن تبقى النسخ الأصلية للأرشيف في تونس. ويكتسب الأرشيف الفلسطيني عموماً، وأرشيف الرئيس الفلسطيني الراحل خصوصاً، على أهمية كبرى في الاطلاع على خفايا فترة مهمة من فترات تاريخ النضال الفلسطيني، وهو يتضمن الكثير من الوثائق السياسية والأمنية والاقتصادية ذات الأهمية، ويوثق لمرحلة تمتد من عام 1982، أي سنة انتقال قيادة منظمة التحرير إلى تونس بعد اجتياح لبنان، حتى انتقال عرفات إلى الأراضي الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو. وتصف قيادات فلسطينية الأرشيف ب «الضخم»، وتقول إنه «يحمل تاريخ المنظمة لفترة طويلة»، ويحتوي على كنز من المعلومات الاستخباراتية عن مجموعة من رؤساء الدول العربية والإسلامية ورجال السياسة والاقتصاد والجيش والعلوم في هذه الدول. ويتعلق جانب من الأرشيف بمعلومات عن إسرائيل، اذ تؤكد المصادر أن خطورة المعلومات التي يحتويها الأرشيف هي التي دفعت عرفات الى ابقائه في تونس بعد اتفاق أوسلو خشية سيطرة إسرائيل عليه. وأعلن عباس امس ان محادثاته مع رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي تناولت «العلاقات الثنائية الحميمة وإمكان تطويرها من خلال تفعيل عمل اللجنة العليا المشتركة»، مضيفاً: «طلبنا من أشقائنا في تونس أن يساعدونا في إنهاء الانقسام وإتمام عملية المصالحة للوصول إلى بر الأمان»، مشيراً الى «اننا بذلنا جهوداً كبيرة، لكنها تحتاج دفعة لأمام، والمصالحة أمر حيوي لا نستطيع أن نتجاهله». كما لفت الى ان «المسار السياسي وعملية السلام لم يشهدا أي تطور رغم المحاولات التي قام بها الأردن والرباعية الدولية، وآخرها الرسائل المتبادلة بيننا وبين الجانب الإسرائيلي»، وأضاف: «إذا لم تشهد عملية السلام أي تطور فسنذهب الى الأممالمتحدة من أجل إقرار عضوية فلسطين فيها، وهذا لا يتناقض مع المفاوضات». وعبر الجبالي عن دعمه الكامل لجهود عباس لإتمام المصالحة، وقال: «سنبذل كل جهد ممكن مع إخواننا في حماس وغيرهم من أجل وحدة الشعب الفلسطيني».