كما كان منتظرا، ووفقا لكل التوقعات، صوت أعضاء المؤتمر العام لحزب التجمع الوطني للأحرار المغربي (معارضة برلمانية) لصالح رئيس الحزب السابق، صلاح الدين مزوار، وزير المالية في حكومة الاستقلالي عباس الفاسي. وقد استمرت أعمال المؤتمر إلى حدود الساعة السادسة من صباح اليوم الأحد، حيث أفرزت الصناديق فوز مزوار ب1928 صوتا مقابل 115 صوتا لمنافسه رشيد الساسي. وقال محمد عبو، الوزير السابق، والقيادي في التجمع، ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، في اتصال هاتفي مع موقع "مغارب كم"، إن الأجواء التي سادت المؤتمر، كانت مشحونة بالنقاش، ولاسيما على مستوى اللجنة القانونية. وبرر عبو ذلك بكون جميع الوثائق كانت قد أرسلت إلى الفروع والأقاليم للاطلاع عليها، وإبداء وجهات النظر فيها،" ولذلك كان من الطبيعي أن ترتفع بعض الأصوات للمطالبة بإدخال تعديلاتها، علما أن كل الآراء تم أخذها بعين الاعتبار، وتمت صياغتها داخل اللجنة". واعترف عبو بأنه "كانت هناك فعلا مشاذات كلامية، بين المؤتمرين.وحسما للنقاش، الذي كان محتدما،احتكم الجميع إلى التصويت بخصوص التعديلات التي جرت بطريقة ديمقراطية". نفس الكلام تقريبا، أكده نور الدين الأزرق، القيادي في التجمع،الذي أبرز أن النقاش الذي شهده المؤتمر مؤشر على حيوية الحزب وتشبعه بالروح الديمقراطية الداخلية، التي تسمح بالحق في الاختلاف، مع الحفاظ على وحدة التنظيم السياسي. إلى ذلك اشتكى رشيد الساسي، منافس مزوار، من كونه قد تعرض للمضايقة، مشيرا إلى أن المعطي بنقدور، رئيس المؤتمر، أعطى أوامره للأمن الخاص بإخراجه من القاعة، لحظة التصويت. وأوضح في اتصال هاتفي مع موقع "مغارب كم"، "أن عدة مشاكل سبقت التصويت، ومن بينها، حسب إفادته، أنه كان هناك اتفاق على استعمال الصناديق الزجاجية عوض الخشبية، ولم يتم تفعيله". وحاول الموقع الاتصال هاتفيا بالمعطي بنقدور،لأخذ رأيه، لكن دون جدوى، وظل تلفونه المحمول يرن دون مجيب. بيد أن عبو أبرز"أن عملية التصويت كانت ستجرى في الصناديق الخشبية، إلا أننا تداركنا الموقف، وتمت العملية في الصناديق الزجاجية، ضمانا للشفافية، وليس في الصناديق الخشبية". وبإعادة انتخابه، يكون، مزوار، قد استطاع إزاحة خصومه لفسح طريق العودة إلى قيادة حزب "الحمامة" بعدما ضمن انسحاب الرئيس السابق مصطفى المنصوري ، بل جرت مصالحة سريعة بين الغريمين نسي معها "المنصوري" العملية الانقلابية التي أطاحت به من رئاسة الحزب وفقدان رئاسة مجلس النواب المغربي، بينما فهم المنافسون الآخرون المحتملون الإشارة ، فأحجموا عن التفكير في الترشح. واعتبر "مزوار" في لحظة رقما "متجاوزا" في المشهد الحزبي المغربي على إثر فشل رهانه الحزبي بتصدر نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة ما كان سيمكنه من تشكيل الحكومة الأولى في ظل الدستور الجديد، لكن الناخبين المغاربة اختاروا لتلك المرتبة حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، ولم يصوتوا بكثافة للتحالف الذي قاده "مزوار" والذي جمع حوله، خلاف الطبيعة، سبعة أحزاب ذات مرجعيات متباينة حد التنافر وضعيفة التمثلية في المجتمع المغربي. وربط ملاحظون في حينها النتيجة السلبية التي حصل عليها التجمع الوطني للأحرار وحلفاؤه ، بموقفه غير الموضوعي من حزب العدالة والتنمية، ما أوقع "مزوار" مدفوعا من قوى خفية في السلطة، في المحظور السياسي المتمثل في التطرف اللفظي والهجوم غير المبرر على العدالة والتنمية، رافعا شعار "الحداثة" التي لم يتمكن الحزب بعد من إدخالها إلى هياكله وتنظيماته ، بالنظر إلى التجاذبات المتفاعلة في صفوفه، الباحثة عن موقعة جديدة للتجمع الوطني للأحرار، في الخارطة الحزبية المغربية، خاصة بعد أن سحبت الدولة أغطيتها التي استفادت من دفئها أحزاب في الماضي. وفي هذا السياق أكد الحزب، من خلال التوصيات والقرارات التي صادق عليها المؤتمرون والتي كانت موضوع نقاش ساخن، وهذا في حد ذاته تطور إيجابي في حياة الحزب، أكد على لسان رئيسه المعاد انتخابه في كلمة بالمناسبة، أن "المؤتمر الوطني الخامس تميز بنقاش غني وشكل انطلاقة قوية للتجمع الوطني للأحرار كحزب واع بالتحولات التي يعرفها المجتمع٬ وكذا بالدور المنوط به المتمثل في ضرورة مسايرة التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي". وشدد مزوار على أن محطة البناء الجديد للحزب ستتمحور حول أربع أولويات تتمثل في التنظيم المحكم للهياكل الحزبية وتفعيلها وتطوير الديمقراطية الداخلية٬ وتطوير وسائل وآليات العمل للتواصل مع المواطنين٬ والعطاء الفكري والقدرة على الاقتراح بشأن القضايا الأساسية للمجتمع٬ فضلا عن إشعاع الحزب دوليا. وتمثل المهام التي حددها "مزوار" امتحانا جديدا لتنظيم حزبي لم يتعود على المعارضة بالنظر إلى مرجعيته الوسطية وتباين مصالح الفاعلين فيه. ويذكر في هذا الصدد ان "مزوار" رفع شعارات من نفس القبيل والعيار لما "تمرد" على زعامة سلفه المنصوري، دون أن ينجح على سبيل المثال لا الحصر في تمكين حزب التجمع من أدوات إعلامية تعبر عن أفكار المنتسبين إليه في عصر التواصل المعلوماتي. إلى ذلك سيتم في غضون الأيام المقبلة استكمال هياكل الحزب بانتخاب أجهزته القيادية. وأفاد مصدر مسؤول أن انتخاب اعضاء المكتب التنفيذي سوف يتم في ظرف أسبوعين.