يتهيأ حزب التجمع الوطني للأحرار المغربي المعارض لعقد مؤتمره الوطني أواخر الشهر المقبل، وسط أجواء تهيمن عليها الخلافات في الرؤى، خاصة بين بعض قيادييه، الذين تباعدت بينهم المسافات، بعد خروج الحزب إلى المعارضة، عقب نتائج الانتخابات البرلمانية. ويحمل الكثيرون من منتسبي الحزب المسؤولية لصلاح الدين مزوار، وزير المالية والاقتصاد السابق، ورئيس الحزب، في عدم حصول هذا التنظيم السياسي على نتائج تؤهله للمشاركة في الحكومة، بفعل "سوء تدبيره للمرحلة"، ورهانه على" تكتل الثمانية" التي سرعان ماتهاوى. ومن مظاهر الخلافات وجود ممارسات تتمثل في بعث " رسائل نصية قصيرة" مستفزة ، إلى القيادة الحزبية، الأمر الذي اعتبره مزوار بمثابة " لعب صبياني"لاعلاقة له بالعمل السياسي الحقيقي، الذي يستدعي المواجهة والمحاجة، والتعبير عن الرأي بكل جرأة، عوض الاختباء وراء الرسائل المجهولة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل امتد ليشمل إطلاق الإشاعات، ومنها أن مزوار قرر البحث عن أفق مهني أخر في واشنطن،بعيدا عن هموم ومشاكل الحزب، من خلال محاولته الالتحاق ببعض المؤسسات النقدية الدولية، بيد انه نفى كل تلك الأقاويل جملة وتفصيلا، مؤكدا بقاءه في المغرب، واستمراره في قيادة الحزب، بل وترشيحه للرئاسة من جديد. وعلى وقع هذه الخلافات " والحروب الصغيرة" يواصل حزب " الأحرار" عقد مؤتمراته الجهوية ولقاءاته التواصلية، بغية تقوية صفوفه، استعدادا للمؤتمر الوطني المقبل، الذي يرى متتبعو الشأن السياسي في المغرب أنه سوف يكون محطة حاسمة في تحديد مساره. وفي هذا الإطار، جاء اللقاء التواصلي، الذي انعقد أول من أمس بمركب مولاي رشيد، بحي سيدي عثمان بمدينة الدارالبيضاء، بحضور مزوار، الذي أكد في كلمة له على هوية الحزب السياسية ك "حزب وسط". وخلال هذا اللقاء، تمت مناقشة العديد من القضايا المحلية والوطنية،وموقف الحزب منها، وإعداد بعض الأوراق السياسية، بغية عرضها على المؤتمر الوطني المقبل، ومنها ورقتا عمل عن تنظيمي المرأة وشبيبة الحزب. إلا أن هناك من يطالب بتأجيل عقد المؤتمر المقبل، إلى "حين توفر شروطه السياسية"، ومنها تصفية الخلافات القائمة بين بعض أطراف قيادته، التي بلغت حد الوصول إلى القضاء، مثال الدعوى التي رفعها عبد الهادي العلمي، عضو المكتب التنفيذي السابق، ورجل الإعلام والسياحة المعروف، وحكمت المحكمة الابتدائية بالرباط مؤخرا لصالحه، وذلك بإلغاء وإبطال القرار الصادر عن المكتب التنفيذي لحزب التجمع الوطني للأحرار في وقت سابق، والقاضي بطرده من الحزب، والتشطيب عليه من جميع هياكله. وتعتبر مدينة الدارالبيضاء مركز ثقل في صنع القرار الحزبي اعتبارا لعدة معطيات ترتبط ببعض الشخصيات السياسية المنتسبة إليه، والتي ألفت التحكم في تحديد اتجاهاته من وراء الكواليس. ونسب إلى العلمي قوله في اجتماع لمناضلي الحزب، الذي يتخذ من الحمامة شعارا له، أن القيادة الحالية مطالبة ب "الالتزام بالأخلاقيات السياسية"، و"التركيز على مصلحة الحزب بعيدا عن أي حسابات ضيقة"، على حد تعببيره. وإذا كان مزوار يهيء نفسه للترشيح لولاية ثانية على رأس الحزب، فإنه لم يكن يتوقع أبدا، أن ينافسه على الرئاسة، محمد أوجار، الإعلامي والقيادي، ووزير حقوق الإنسان سابقا، وعضو الهيئة العليا للسمعي والبصري، المعروفة اختصارا ب" الهاكا"، بعد أن سانده خلال حملته الانتخابية للاستحقاقات التشريعية في مكناس. وحسب مصادر من داخل المقر المركزي للحزب بحي الرياض بمدينة الرباط، فإن حظوظ أوجار، تبدو ربما، أوفر، لقدرته التواصلية، ولعلاقاته مع المنتسبين للحزب في جميع الأقاليم، الأمر الذي سوف يحد من طموحات مزوار، ويجعل عودته إلى رئاسة الحزب صعبة، إذا لم تكن شبه مستحيلة،لاسيما في ظل الانتقادات الموجهة إليه، ومنها "عدم قانونية اجتماع اللجنة المركزية" الذي كان قد دعا إليه، ولم يحضره إلا 113 عضو فقط، بينما كان العدد المطلوب مايفوق 200. وأفادت بعض المصادر أنه تم توجيه رسالة، في هذا السياق،من مناضلي الحزب في الدارالبيضاء، إلى الديوان الملكي، ورئاسة الحكومة، ووزارة الداخلية، حول مااعتبر ب "مثابة أخطاء" يتعين تداركها، قبل عقد المؤتمر المقبل.