الرباط "مغارب كم": بوشعيب الضبار أجمع المشاركون في برنامج "قضايا وأراء" التلفزيوني، على أن قطاع التربية والتعليم في المغرب، يعرف عدة مشاكل، ينبغي معالجتها وفق مقاربة تشاركية مع الفاعلين، من أجل " إصلاح وإنقاذ المنظومة التربوية". وانتقد مشاهدو البرنامج الذي بث ليلة أمس،عبر رسائلهم النصية،أزمة التعليم من خلال بعض تجلياتها كالهدر المدرسي،مثلا، إضافة إلى الاكتظاظ، وغيره من الإشكاليات، متسائلين: لماذا تم تحويل المدرسة العمومية إلى حقل للتجارب؟ ولماذا فشلت كل محاولات إصلاح التعليم منذ استقلال البلاد حتى الآن؟ وفي أول مشاركة له في برنامج تلفزيوني، على قناة "الأولى"، بشكل مباشر على الهواء، حاول محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، أن يدافع عن سياسته الجديدة التي ينهجها في تدبيره لهذا القطاع، ومنها اتخاذه لبعض القرارات التي أثارت نوعا من الجدل، وخاصة منها مايتعلق بمدرسة التميز وغيرها، موضحا أن ذلك تم بتشاور مع النقابات، وأنه وجد ملفاتها ومقترحاتها فوق مكتبه. ووصف الوفا مشاركته في الحكومة الحالية ب" المغامرة الإيجابية"، من منطلق " المساهمة في مسلسل الإصلاحات" التي يشهدها القطاع، داعيا إلى إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية،بكل مكوناتها، فهي في نظره،" ليست سيئة"، بل فيها العديد من الإيجابيات، وقال إن المغاربة الذين تألقوا في الخارج بنجاحاتهم، هم نتاج هذه المنظومة التربوية. وبعد أن اعترف بوجود المشاكل في قطاع التعليم العمومي، بدرجة متفاوتة، تختلف أوضاعها بين العالم القروي والمدن، أكد أن استقرار المؤسسة شيء أساسي، وهذا مايعمل من أجله، بيد أنه أعلن أن مجيئه للوزارة تصادف مع دخول المخطط الاستعجالي للتعليم سنته الأخيرة، وكان لابد من وقفة لتقييم البرنامج الاستعجالي والنمط التربوي. وأشاد بالميثاق الوطني للتربية والتكوين بكونه جسد لأول مرة توافقا بين الفاعلين المغاربة في قطاع التعليم، لأول مرة منذ استقلال البلاد، إلا أن الآلية الخاصة بتفعيله، عرفت بعض التعثرات، وتتمثل في المجلس الأعلى للتعليم،" الذي سننظمه، وسيصبح بمثابة برلمان صغير، يجتمع 3 مرات في السنة، في افتتاح الموسم الدراسي، ووسطه، وختامه". وذكر الوفا انه عند استلامه لمهامه كوزير ، وجد الكثير من الدوريات المحملة بالأرقام،فبادر إلى وقف بعض القرارات، تخص بعضها بيداغوجيا الإدماج، تحت مبرر "التقييم بالتشاور" مع المعنيين . ومن بين تلك القرارات أيضا، مدرسة التميز التي أثارت جدلا كبيرا داخل بعض الأوساط التعليمية، واستكثر الوفا أن تكلف 40 مليون درهما، بقوله " أللهم إن هذا منكر"، علما انه لاتوجد في المغرب كله سوى ثلاثة أو أربعة ثانويات من هذا الصنف، في بعض المدن، مثل الناظور ومكناس وسلا، معبرا عن رفضه " الفرز بين المغاربة في التعليم". واعتبر الدروس الخصوصية بأنها " معضلة"، وتمنى لنساء ورجال التعليم، أن "يهديهم الله"، ويراعوا ظروف أبناء المغاربة، وقال نحن بصدد معالجة الظواهر التي تضر بالأسرة التعليمية والمنظومة التربوية، مشددا على ضرورة سن قانون أساسي لنساء ورجال التعليم، وتكريس الاهتمام أكثر بالعاملين منهم في القرى والجبال. ومن جهته أوضح محمد كنوش، رئيس فيدرالية جمعيات أباء وأمهات التلاميذ، أن هناك حقيقة لابد من الكشف عنها، وتتعلق بالاختلات التي يعرفها القطاع،ملحا على فتح حوار وطني مسؤول بشكل تشاركي،يساهم فيه الجميع، بما في ذلك التلاميذ، حول موضوع " أية مدرسة نريد لجيل الغد؟". وركزت السعدية بنسهيلي، عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي لقوات الشعبية، على مسألة الثقة، كأحد المرتكزات الأساسية للإصلاح، وعلى وضع حد للقرارات الفوقية، ملحة على إدماج الفاعلين في المسألة التعليمية ،نساء ورجالا،" لأنهم هم المعنيون ، بدرجة أولى، ولأن المقاربة التشاركية تكون دائما مجدية." أما محمد الزويتن، عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، فدعا إلى التفاعل مع السياق العربي والمجتمعي، ونبذ التفكير بالطريقة القديمة، نظرا لوجود دستور جديد، وحكومة جديدة، وبرنامج جديد، وقال إن التعليم قضية وطنية،" ونحن ملزمون بإنزال الإصلاحات الواردة في البرنامج الحكومي، ويجب أن نتعاون جميعا لإعادة الثقة إلى التعليم، وإلى المدرسة العمومية بنسائها ورجالها ومؤطريها.وهذا ورش كبير يعني كل المغاربة، ولا يهم المعارضة أو الأغلبية فقط". وتحدث عبد الإله الحلوطي، الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، عن معاناة الموارد البشرية في قطاع التعليم، داعيا إلى الاهتمام بها،خاصة وأن رجال ونساء التعليم، يمثلون 50 في المائة من مجموع العاملين في الوظيفة العمومية، وقال إن " بيداغوجيا الإدماج صرفت عليها أموال طائلة، كان ينبغي صرفها في ما هو أجدى وأنفع". وبدوره أثار عبد العزيز أزوي، ماتعانيه المنظومة التربوية من خصاص في العنصر البشري، مضيفا أنه لايعقل إثقال كاهل أفراد الأسرة التعليمية بالكثير من المسؤوليات، مثل الساعات الإضافية الإجبارية وغيرها، بل يجب احترام كرامتهم واستقراهم، وفسح المجال أمامهم للتكوين، والنهوض بالتعليم في العالم القروي، واعتبار ذلك من أولويات الإصلاح.