الرباط "مغارب كم": بوشعيب الضبار في حلة أنيقة وإخراج فني جميل، أصدرت الكاتبة والباحثة الاجتماعية فاطمة المرنيسي، كتابا جديدا لها، من المؤكد انه سوف يغني المكتبة العربية لطرافة موضوعه،وعمق وأهمية مضمونه أدبيا وإبداعيا. االكتاب يحمل عنوانا مشوقا ومثيرا للفضول للاطلاع عليه: "خمسون إسما للمحبة"، وصفحاته في الأصل نصوص، أو بالأحرى،باقات ورود مزهرة، فواحة بالشذى، اختارتها الكاتبة المرنيسي،بكل حب وعشق، من "روضة المحبين" لإبن القيم الجوزية، وهو مزدوج اللغة، إذ تجمع صفحاته بين العربية والفرنسية، بمساهمة الأستاذة فاطمة الزهراء أزرويل في الترجمة. وهذا الإصدار الذي تولت نشره دار " مرسم" في شكل بديع، ورسوم ومخطوطات ملونة مستوحاة منه بريشة الفنان محمد إدعلي، هو في الحقيقة بمثابة إبحار شيق في بحور المحبة،ورحلة في دنيا الأحاسيس المفعمة بكل ما في النفس الإنسانية من تفاعلات مع نداءات "الخافق المعذب"..القلب. إن الكتاب، كما قدمته الكاتبة والأستاذة الجامعية فاطمة المرنيسي،استقراء عميق لكل معاني كلمات المحبة في دلالتها وأبعادها ومرجعيتها اللغوية والعاطفية وحمولتها الفكرية، انطلاقا من "روضة المحبين لإبن قيم الجوزية".. فكل مفردة ترتبط بالمحبة لها مغزاها ومعناها،وسياقها الذي تقال فيه.وعلى سبيل المثال لاالحصر، فإن " الصبابة" هي رقة الشوق وحرارته، و" الشغف"، يقال " شغفه الحب، أي بلغ شغافه،، دخل حبه تحت الشغاف"، و"العلاقة" سميت بالعلاقة لتعلق القلب بالمحبوب،و"المقة" وتعني المحبة، و"الوجد" وهو الحب الذي يتبعه الحزن. أما الهوى، فهي لفظة تكتسي دلالة خطيرة،لأنها تحيل على حركة قد تفقد الإنسان توزانه، ذلك مايؤكد عليه إبن القيم الجوزية، والهوى يعني ميل النفس، ويقال إنما سمي هوى لأنه يهوى بصاحبه. ولذلك تدعو المرنيسي قراءها للتخلص من سطوة الهوى عوض أن يبقوا عبيدا له، ليبحروا" في هدوء وسكينة نحو السعادة". وسوف يكتشف الكثيرون، والشباب منهم بالخصوص، عوالم جديدة تنفتح في وجوههم مثل طاقات من نور، فتصيبهم بالدهشة، وتغريهم بالاطلاع على المزيد من التراث العربي، مما تركه الأجداد من رصيد أدبي،في مجال العشق، مازال محافظا على قيمته، مشعا مثل جواهر لايعلوها الصدأ او البلى أبدا، بل تزداد قيمتها مع مرور السنين. تقول المرنيسي، مخاطبة قراءها:"هذه الخمسون كلمة هي التي سيوافيكم الحظ في التعرف عليها ضمن هذا الكتيب الجامع لكي يسهل عليكم المهمة. صدّقوني! لقد اشتغلت طيلة ستة أشهر لجمع واستخلاص هذه التعريفات التي يفصلها الإمام في 488 صفحة، وخضعت خلال التحضير للكثير من انتقادات زملائي الذي تحوّلوا بقدرة قادر إلى نقاد شرسين." وسرعان ما تعبر عن شعورها بالغبطة، مضيفة:" لكنني كنت محظوظة فيما بعد، لأنّ المجهود الذي بذلته في الاستنتاج والتّركيب قد توّج من طرف الفريق المهنّي المتميّز لدار نشر "مرسم"، الذي ساهم في ترجمة هذه النصوص التي اخترتها من كتاب ابن قيَّم الجوزية إلى الإنجليزية ثم الفرنسية، وتزيينها بمخطوطات رائعة لمحمد إداعلي، وهي أعمال فنية ستساعدكم على إبصار مخاطر الهوى، والاستمتاع بأحاسيس جميلة كالمقة، والحنين، والاستكانة، والودّ." وكأن بالكاتبة فاطمة المرنيسي كانت وهي تنهمك في وضع الكتاب، تستحضر في ذاكرتها شغف الشباب العربي وحبه للمعرفة، ولعل ذلك راجع لتجربتها كأستاذة في أقدم جامعة في المغرب، كما تستحضر أيضا " العلاقة بين الحب الرومانسي والحب المدني" من خلال مشاركة النساء الوازنة في الربيع العربي" على حد تعبيرها.إن الحب في نظرها أساس كل العلاقات، سواء كانت سياسية أو عائلية، ومنذ حوالي ثلاثة عقود توصل الغرب إلى إدراك الارتباط بين الديمقراطية والحب الرومانسي. "إن الزوج الأناني والنرجسي في أسرته لايمكن أن يكون إلا مواطنا سيئا وقائدا غير موفق".هكذا تحسم المرنيسي المسألة. وفي الواقع، فإن الكتاب بما اشتمل عليه من لوحات مجنحة في دنيا الخيال، وكلمات مشحونة بدفء العواطف، يشكل متعة للعين والفكر والقلب في آن واحد، من خلال تعريفات جامعة وملخصة للخمسين كلمة عن الحب،"تسهل على القاريء فهم ذاته دون أن يلجأ إلى محلل نفسي"،على حد تعبير مؤلفته، التي تستحق جزيل الشكر والامتنان على المجهود الخارق التي بذلته في سخاء وكرم حاتمين من أجل أن يرى الكتاب النور ، ويصل إلى أيدي الشباب الذي حييته بتحية خاصة " تحت سماء الربيع العربي 2011 العاصفة"وفقا لقولها، في خاتمة تقديمها للكتاب.