"الشرق الاوسط" الجزائر: بوعلام غمراسة يبدي الجزائريون عدم اهتمام بالانتخابات البرلمانية التي ستجري في مايو (أيار) المقبل، ويرون أن السلطة والأحزاب التي تطرح نفسها بديلا، أعجز ما يكون عن حل مشاكلهم اليومية. في غضون ذلك، تسعى وزارة الداخلية لإقناع المسجلين في قوائم الانتخاب، بالتوجه بكثافة نحو مراكز الاقتراع. وتبث مؤسسات الهاتف الجوال «موبيليس» و«جازي» و«نجمة» منذ 48 ساعة، رسائل قصيرة موجهة من وزارة الداخلية إلى نحو 20 مليون مسجل في قوائم الانتخاب، تدعوهم إلى عدم التخلف عن الاستحقاق التعددي المنتظر بعد أربعة أشهر. وكتب في الرسالة القصيرة: «إن الانتخاب فعل مواطنة ومسؤولية»، وتقصد الداخلية بذلك، أن من ينتخب يثبت أنه مواطن حقيقي. وتعكس الرسائل القصيرة التي تبثها السلطات حاليا، عبر شبكة الهاتف الجوال، مخاوف المسؤولين من نسبة عزوف كبيرة يوم الانتخاب الذي ترى فيه امتحانا حقيقيا لنظرة الجزائري إليها، وموقفه من الإصلاحات السياسية التي تعهد بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وقال وزير الداخلية دحو ولد قابلية الأسبوع الماضي، للإذاعة الحكومية، إن «احتمال مقاطعة المواطنين الموعد الانتخابي، هاجس يسكنني». وفهم من كلامه أن توقعات الجهاز المتخصص في الانتخابات بوزارة الداخلية، تفيد بأن نسبة العزوف ستكون كبيرة. يشار إلى أن نسبة المشاركة في انتخابات البرلمان في 2007 لم تتجاوز 35 في المائة. ورد ولد قابلية على الذين يعتبرون نتيجة الانتخاب معروفة مسبقا، فقال: «إن هذه الحجة لم تعد مقبولة (..) فإذا كان هناك سبب لتفسير عدم التوجه إلى صناديق الاقتراع، فهو يرجع إلى صفات المرشحين التي قد لا تستجيب لرغبة الناخبين». وأضاف: «وفيما يخصنا فإننا نبذل كل ما بوسعنا، أي أننا نضمن الشفافية ونطمئن المواطن بأن اختياره مهما كان سيحترم، وعلى الأحزاب أن تعين مرشحين ذوي مصداقية». وتعني جملة «اختياره يحترم مهما كان»، بأن السلطة ستقبل بنتائج الصندوق حتى لو أفرز أغلبية إسلامية. واتصلت «الشرق الأوسط» بشاب يشتغل مترجما، أجرى دراسة على توجهات مجموعة من الشباب النشطين على «فيس بوك»، تناولت موقفهم من تصريحات وزير الداخلية. وقال محمد باب شيخ حول البحث: «قمت بتحليل تعليقات الشباب المشتركين في (فيس بوك)، بخصوص مخاوف الوزير ولد قابلية من عزوف الناخبين، وقرأت 600 تعليق وردت من قراء الصحف التي نشرت تصريحاته، فوجدت أن 73 في المائة من أصحاب التعاليق يعتبرون الانتخاب فعلا عديم الجدوى، وبالتالي يرفضون التصويت، و18 في المائة فقط ذكروا في تعليقاتهم أنهم سينتخبون. بينما 9 في المائة قالوا إنهم لا يثقون في ضمانات الشفافية والنزاهة التي تعهد بها الوزير، عندما صرح أنه سيعاقب الولاة وموظفي الإدارة المشرفين على العملية الانتخابية، إذا ثبت أنهم تلاعبوا بأصوات الناخبين». وأضاف باب شيخ: «هناك من قال بأنه لم يصوّت طوال حياته ولو مرة واحدة، وأنه لن يصوت أبدا، بحجة أن صوته لن يغير في الوضع شيئا. بل قرأت دعوات إلى حرق بطاقات الانتخاب أمام مكاتب الاقتراع يوم التصويت». وبحسب محمد باب شيخ، الذي عمل بإحدى السفارات الغربية لدى الجزائر، لا يؤمن أفراد العينة التي درسها بحدوث التغيير عبر صناديق الاقتراع، ولا يؤمنون بالإصلاحات التي وعدت بها السلطات، والتي أخذت شكل مراجعة قوانين أهمها الإعلام والانتخاب والأحزاب، واستحداث قانونين: أحدهما يمنح المرأة مسبقا حصة 20 في المائة من مقاعد البرلمان والمجالس المحلية، والثاني يمنع الجمع بين وظيفة برلمانية وأي مهنة أخرى.