تراهن الحكومة الجزائرية، على استقطاب حزب جبهة القوى الإشتراكية المعارض للمشاركة في التشريعات المقبلة، بعد مقاطعته لجولتين جعلته يغيب عن البرلمان مدة عشر سنوات. وتؤرق مظاهر «العزوف الإنتخابي» السلطات الجزائرية، ما يجعلها تراقب عن كثب بدء الجبهة، اعتباراً من الجمعة المقبل، بمناقشة المشاركة أو المقاطعة مع إطارات الحزب على المستوى الوطني، بوجود إشارات أخرى من التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية للمقاطعة. ومع إعلان وزير الداخلية دحو ولد قابلية، عن مخاوف من العزوف عن الإنتخابات المقررة في أيار (مايو) المقبل، تكون السلطة جهرت بما يؤرقها، وعينها على مشاهد قد تكرر انتخابات 2007 التي لم تستقطب أكثر من 35 في المئة من أصوات الهيئة الناخبة. ولا يبدو الشارع الجزائري متفاعلاً مع الإصلاحات التي أطلقها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، قياساً الى حجم الإنتقادات المتوالية من أحزاب في المعارضة، آخرها حركة مجتمع السلم (الإخوان المسلمين)، ما جعل حمى السجال اللفظي تأخذ أبعاداً كبيرة من دون إقحام الشارع فيها، فبدت الإصلاحات في النهاية ورقة بين الحكومة والأحزاب من دون غيرهما. وتقول مصادر مطلعة أن وزارة الداخلية قد تلجأ إلى حملة دعائية كبرى شبيهة بما قامت به في إنتخابات الرئاسة العام 2000. وربما قد تعمد مجدداً الى تغطيات مكثفة ويومية في الإذاعة والتلفزيون والتعاطي بآليات تقنية وإجرائية مع ظاهرة العزوف عن الانتخاب. كما قد تعيد اللجوء الى إرسال كتيبات وملصقات ومطويات باللغتين العربية والفرنسية إلى العائلات من طريق دفاتر الصكوك البريدية وفواتير الغاز والماء والهاتف، وتوزيع كتيبات إعلامية حول التسجيل بالقوائم الانتخابية، وتوزيع دعائم اتصال على مستوى الجامعات والأحياء الجامعية يقوم بإعدادها الطلبة وتتمثل في ملصقات ومطويات تتضمن رسائل تحث على التسجيل في القوائم الانتخابية. ويناقش أكاديميون ما يسمّونه «طعم الإسلاميين»، على خلفية تنامي الجدال بين الحكومة وخصومها حول حظوظهم. فيطرح محللون هذا السجال من باب «الطعم الإنتخابي»، باستعمال ورقة الإسلاميين لكسر ظاهرة العزوف، بل هناك من القراءات من تقدم حتى خروج حركة مجتمع السلم من التحالف الرئاسي، ضمن السيناريوات المقترنة بجلب الناخبين، في وجود منافسين جدد يتمتعون ب»العذرية السياسية» في علاقتهم بالسلطة الجزائرية، بوجود حزب «جبهة العدالة والتنمية» للمعارض الإسلامي عبدالله جاب الله، و«جبهة التغيير الوطني» للمنشقين عن مجتمع السلم بقيادة عبدالمجيد مناصرة. لكن الحكومة تراهن أكثر على ما سيفرزه نقاش أعلن عنه حزب جبهة القوى الإشتراكية. وقال شافع بوعيش الأمين الوطني المكلف بالاعلام في الجبهة أن الحزب «قرر تنظيم نقاش موسع مع الإطارات والمناضلين لدراسة الرهانات الإنتخابية عبر لقاءات تستمر شهراً كاملاً». وأضاف: «مناضلونا على دراية كاملة بحجم مسؤوليتهم لإثارة النقاش اللازم الذي يسمح لقيادة الحزب بإتخاذ القرار الأكثر توافقية لمناسبة الإنتخابات المقررة في 2012» أي الانتخابات التشريعية في أيار والمحليات في الخريف المقبل. ورغم تكتم الجبهة على أي قرار مسبق بخصوص المشاركة، فإن هناك احتمالات، ولو ضئيلة، لدخولها السباق، بعدما قاطعت الانتخابات البرلمانية في 2002 و2007.