الرباط "مغارب كم": محمد بوخزار تشير دلائل سياسية، إلى أن العاهل المغربي الملك محمد السادس ، يتجه، نحو إشراك فعلي لحزب العدالة والتنمية، في اتخاذ القرارات الكبرى بخصوص السياسة الخارجية التي ظلت محصورة في الماضي ضمن دائرة القصر الملكي بحيث إن وزير الخارجية يعتبر منفذا لما يرسمه الملك في هذا المجال من توجهات ويصدره من أوامر. وبدأت علامات الإشراك، في عدم اعتراض الملك على اسم وزير الخارجية الجديد سعد الدين العثماني، إثناء المشاورات لتشكيل الحكومة الحالية ، بالنظر إلى كونه جديدا على الخارجية، اذ لم يسبق له ان عمل في أسلاكها او سعى الى ذلك مفضلا مهنة الطبيب النفساني وممارسة السياسة في حزبه الذي كان أول أمين عام له. وستكون جولة المفاوضات المقبلة مع جبهة البوليساريو الداعية لاستقلال الصحراء عن المغرب، فرصة لاختبار هذا التوجه من الملك ، على اعتبار ان سلف العثماني في المنصب، الطيب الفاسي الفهري، شارك في كل اللقاءات المباشرة التي جرت مع البوليساريو، ما يعني ان العثماني سيرأس بالضرورة وطبقا للمنطق السياسي، الوفد الذي سيتوجه في الشهر المقبل إلى " مانهاست" بضواحي نيويورك، لاستئناف أشواط مباراة التفاوض مع البوليساريو برعاية الأممالمتحدة. وكما كان الأمر في الجولات السابقة فان العضو المفتاح في الوفد المغربي وكاتم الأسرار، سيظل محمد ياسين المنصوري مدير الاستخبارات الخارجية ورجل ثقة الملك محمد السادس، اذ بدونه يصعب على وزير الخارجية الجديد أيا كان، إن يستوعب بسرعة تعقيدات ملف نزاع الصحراء ولذلك فلا مفر له من التعاون ومراعاة ما سيزوده به مدير جهاز الاستخبارات من معلومات دقيقة مفيدة تنير طريق التفاوض ومسالكه الملتوية. وبرأي ملاحظين ، فان التناغم ممكن بين العثماني والمنصوري ، حتى على الصعيد الشخصي ،ولا يمكن ان يوجد خلاف أو منافسة بينهما على اعتبار أن الصحراء قضية وطنية لا تخضع المزايدة بين الأشخاص أو التنظيمات السياسية ، فضلا عن أن المنصوري، رجل دمث يتحاشى الظهور بمظهر القوة وعرض الذات. وستكون الجولة التاسعة من المفاوضات التي لم تحقق نتائج مهمة منذ انطلاقها، مناسبة ليتدرب رئيس الدبلوماسية المغربي الجديد ،على التفاوض الصعب في ملف دقيق. وسيواجه ممثلو جبهة البوليساريو، لأول مرة وزير خارجية ينتمي الى حزب سياسي، يتزعم الحكومة المغربية ،ذي توجه سياسي لم يألفوه في التفاوض. من قبل و بالتالي فانه سيتحدث باسم الإرادة الشعبية التي حملت حزب العدالة والتنمية إلى السلطة. ومهما تكن نتائج الجولة والتي لن تخالف في الغالب سابقاتها، فان دلالتها الكبرى تكمن في درجة الانسجام بين حزب عبد الاله بنكيران والملك محمد السادس الذي يبدو حريصا على منح العدالة والتنمية كل الفرص المتاحة من اجل نجاحه في مهمته لضمان الاستقرار في البلاد وحسن سير المؤسسات الدستورية، دون استبعاد خلاف لا يفسد للود السياسي قضية كما يقال. انه توجه من الملك قد تعارضه آو تعرقله بعض لوبيات الضغط، التي اعتادت التحرك في ظل العتمة السياسية التي هيمنت في الماضي.