"الشرق الاوسط"- الدارالبيضاء: لحسن مقنع توفي المفكر المغربي محمد عابد الجابري بشكل مفاجئ، عن عمر يناهز ال75 سنة، نتيجة أزمة قلبية خلال الليلة قبل الماضية في مقر إقامته بالدارالبيضاء. وسيشيع الفقيد بعد ظهر اليوم الثلاثاء بمقبرة الشهداء بالدارالبيضاء. وفي الليلة قبل الماضية، كان عابد الجابري يجلس إلى عشاء عائلي محاطا بزوجته وولديه وبنتيه وأحفاده، الذين يأتون لزيارته مع نهاية كل أسبوع. مرت الأمور عادية جدا خلال تلك الأمسية، ولم يكن يخطر ببال أي واحد من أفراد الأسرة المجتمعين حوله أن تلك ستكون آخر جلسة مع والدهم محمد عابد الجابري. يقول عصام الجابري: «سهرنا حتى ما بعد التاسعة ليلا، كان سعيدا بشوشا كعادته. ولم يكن يبدو عليه أي شيء غير عادي. من كان يدري أن تلك الأمسية كانت الأخيرة، من كان يعلم أنها ستكون أمسية الوداع الأخير؟». ويضيف عصام «من طبائعه وعادته أنه لا يشتكي. لكن طوال الأسبوع الأخير لاحظت عليه بعض علامات التعب. اعتبرت أن ذلك أمر عادي نظرا لسنّه، ولكونه لا يمل من العمل. إذ هو يقرأ دائما ويعمل على جهاز الكومبيوتر الشخصي. وقبل يومين زرته فوجدته منهمكا في إرسال حلقة جديدة من سلسلته الأسبوعية (حديث الأربعاء) الذي ينشر في صحيفة (الاتحاد الاشتراكي) الناطقة باسم حزب الاتحاد ااشتراكي للقوات الشعبية».. بعد انصراف الأبناء ذهب الجابري إلى النوم. لاحظت زوجته أنه لم يستيقظ باكرا كعادته. لتكتشف أنه فارق الحياة على سريره خلال الليل بسبب سكتة قلبية مفاجئة. كان عابد الجابري يعاني من ارتفاع الضغط الدموي منذ عام 1987. وكان يتابع العلاج باستمرار. وخلال شهر رمضان الماضي اجتاز أزمة قلبية مفاجئة. اضطربت خلالها نبضات قلبه، وكادت أن تودي بحياته. غير أنه اجتاز الأزمة بسلام. ومند ذلك الحين لوحظ عليه بعض علامات الإعياء التي تطغى عليه بين الحين والآخر. باستثناء مرض الضغط الدموي الذي رافق عابد الجابري لمدة طويلة، كانت صحته جيدة رغم تقدمه في السن. في السنة الماضية أجرى عملية جراحية لإزالة الحصى من المسالك البولية، ومرت العملية دون مضاعفات. وقبلها كان الحدث الصحي الوحيد المهم في حياته مرتبطا بنشاطه العلمي، إذ أجرى في عام 1998 عملية جراحية على عصب يده اليمنى الذي تأثر بكثرة الكتابة. ورغم الضغط الدموي، ورغم الشيخوخة لم يتوقف الجابري عن العمل والعطاء. كل أربعاء يطل من منبره الإلكتروني بحلقة جديدة من سلسلة مقالاته التي ينشرها أيضا في صحيفة «الاتحاد الاشتراكي». غير أن سنّة الله في الطبيعة والحياة تسري على الفرد رغم إرادته. يقول ابنه عصام «مند انتهائه من تفسير القرآن الكريم، الذي أصدره في 3 أجزاء في سنة 2008، لم يستطع محمد عابد الجابري الدخول في أي عمل جديد طويل النفس. رغم أنه لم يعدم المشاريع الفكرية والعلمية. فقد كان يفكر في نقد العقل الأوروبي، على غرار نقده للعقل العربي، كما كان يعد بحثا في علوم الحديث. غير أن مرض الضغط الدموي وآثار الشيخوخة كانت تقطع عليه وتيرة عمله». وخلال الأشهر الأخيرة من الأزمة القلبية التي تعرض لها في رمضان، أصبحت حالته الصحية متقلبة. «أحيانا كان يبدو كأنه استرجع كل قواه وشبابه، وأحيانا تحس بأنه متعب. ورغم أنه لا يتكلم أبدا عن معاناته، فإنني أحيانا أحس بأنه يعاني من بعض التعب» يضيف نجله عصام.